الفيزياء والفلك > فيزياء

تحويل بقايا الطعام إلى ضوء.

قبل أن نعرف ما هو الرابط بين بقايا الطعام و الشاشات لنتعرف على مفهوم النقاط الكمومية (quantum dots) وهي بلورات أنصاف ناقلة صغيرة جداً (طول الواحد أصغر بـ 10000 مرة من ثخن شعرة الإنسان) ولكنها أجهزة فعالة جداً تستطيع تحويل الطاقة إلى أي لون تقريباً في المجال المرئي. وتستخدم النقاط الكمومية في بعض أجهزة التلفاز الحديثة فهي تفيد في آلية العرض لكونها تعطي لوناً محدداً تبعاً لحجمها حيث أن النقاط الأكبر تعطي ضوءاً مائلاً للأحمر و الأصغر ضوءاً يميل للأزرق .

جميل، ولكن لماذا لا نستعملها في كل أجهزة العرض؟

هنا تكمن المشكلة فالنقط الكمومية تصنع عادة من مواد سامة كـ سيلينيد الكادميوم cadmium selenide ولذلك وخلال السنوات الأخيرة حاول الباحثون تطوير نقاط كمومية مصنوعة من الكربون الصديق للبيئة وغير المؤذي والموجود في أغلب المواد العضوية (من ضمنها طبعاً فتات الخبز وبقايا الطعام) وقد حاولوا تسخين زيت القلي و البرتقال و عصير البرتقال و حليب الصويا (شراب مصنوع من حبات الصويا والماء مشهور في شرق آسيا) و حبوب القهوة وحتى البيرة! ولكن معظمها لم يكن فعالاً في صناعة النقاط التي نريد.

إلا أن الباحثين تمكنوا مؤخراً من تحويل بقايا وفتات الخبز وغيرها إلى صمامات ثنائية مضيئة أو ديودات مضيئة وهي التي تعرف باسم (ليدات LEDs) -وهي نفسها الأجهزة الصغيرة المضيئة الموجودة في الكثير من شاشات التلفاز والحاسب- وذلك بتسخين قطع من الخبز أو الفطائر أو حتى تسخين الأدخنة الناتجة عن حرق الخشب أو الفحم أو الورق ليتكون لدينا نقط الكربون الكمومية و هذه النقط تضيء عند تسليط الأشعة الفوق بنفسجية عليها ما يجعلها مفيدة للاستعمال في الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء وكمؤشرات حيوية يستخدمها علماء الأحياء في إضاءة خلايا حيوية محددة بإضافة إلى عملها كـ ليد .

حيث قام ميشيل فري (Michael Free) و براشنت سارسوات (Sarswat (Prashant من جامعة يوتاه في مدينة سولت ليك الأمريكية بأخذ قطع صغيرة من الخبز و صودا و غازات ناتجة عن احتراق الخشب والورق و وضعوها في مذيب عضوي وسخنوها لما بين (57 و 177) درجة مئوية لمدة تراوحت بين نصف ساعة إلى ساعة ونصف، حيث قامت الحرارة بتحطيم الروابط الكيميائية وتحويل المواد إلى نقط كمومية كربونية، يشرح سارسوات قائلاً: "إن بساطة الصودا واحتوائها على سكر نقي يجعلها الأفضل لصناعة النقط الكربونية".

صناعة الليدات لا تحتاج إلى الكثير من الطعام !

يقول فري "نتأمل بأن شيئاً بحجم علبة صودا أو شيء من هذا القبيل يمكن أن يعطينا نقط كربونية كافية لصنع شاشة تلفاز صغيرة". يقوم العلماء بتطوير أساليبهم ليتمكنوا من تحسين ضبط وتناغم الألوان الناتجة من هذه النقاط.

ماهي آراء بعض العلماء في هذا البحث:

يقول عالم المواد يوكندرا ميشرا (Yogendra Mishra) من جامعة كايل في ألمانيا (والذي لم يكن من ضمن فريق العمل) أن مثل هذه الطريقة يمكن بسهولة تطبيقها في الصناعة والإنتاج الكمي و هي تخفض تكاليف انتاج النقط الكربونية إلى حوالي النصف.

أمّا غاري باكر (Gary Baker) وهو كيميائي من جامعة ميسوري في أميركا (و الذي قام مع فريق آخر بصناعة نقط كمومية من البول !) فيقول:

"إن طرق التسخين تعتبر بسيطة نوعاً ما إلا أن العملية الكيميائية التي تحدث ليست بسيطة، فالطعام يحتوي على كل أنواع المكونات العضوية وعند تسخينها فإنك تطلق مجموعة متنوعة من التفاعلات الكيميائية والتي تنتج مكونات أخرى غير النقط الكربونية وهذه الأنواع الأخرى من المواد العضوية تضيء أيضاً، اذاً لعزل النقط الكربونية وفهم خصائصها بشكل جيد فإن علينا تنقية المركب، مع أن معظم الدراسات في هذا المجال تختصر هذه الخطوة و الدراسة الجديدة ليست استثناءً فهم لم يقدموا طريقة لتنقية المركب ولذلك لايمكننا أن نعزو كل أشكال الضوء المنبعث إلى النقط الكربونية و يمكن لهذا أن يجعلنا نعمل كثيراً على دراسات لنماذج قد تكون في النهاية غير فعالة ، قد تكون هذه الدراسة مهمة لمستقبل الأجهزة المضيئة إلا أننا بحاجة إلى تنقية المركب وإعادة تحليله، وأنا متأكد من أن ذلك سيغير نتائجهم."

المصدر: هنا