البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

عواقب إسكات الجينات| فقدان بعض الجينات يمكن تعويضه بجينات أخرى!

لقد وصلت مهارةُ أخصائيي الجيناتِ و البيولوجيا الجزيئيةِ إلى الذروة، فباستطاعتهم الآن و بسهولةٍ أن يعدّلوا الجينومَ باستخدامِ طرق القطع الأنزيمي لأجزاء من الحمضِ النوويِ منقوصِ الأكسجين (DNA) في الجين والتي تشفّر لبروتيناتٍ وظيفيةٍ، تسمّى هذه العملياتُ بالـ Gene knockout . كما تتوفّر حالياً أساليبُ مبتكرةٌ تهدف إلى كبحِ عملِ المورثاتِ و منعِ ترجمتِها إلى بروتين باستخدام موادٍ و جزيئات خاصة مثل جزيئات الـRNA الصغيرة (microRNAs)، و تسمّى هذه الأساليب بالـ Gene knockdown.

بغضّ النظرِ عن اختلافِ هذه الأساليبِ و تنوّعِها فإنَ النتيجةَ المشتركةَ بينها جميعاً تكمنُ في إسكاتِ المورثةِ و إعاقةِ إنتاجِ البروتينات ِالوظيفيةِ المحددة.

لاحظ الباحثون أنّ آثارَ "اللعبَ" بالمورثات تتغيّر من حالةٍ لأخرى و من الصعبِ توقُّعها. فعندما يقوم الباحثُ بإسكاتِ الجينِ بطريقةٍ ما فإنه في النهايةِ يسعى إلى منع تشكّلِ البروتين الذي يشفّره الجينُ المدروس، لكن في حالاتٍ كثيرةٍ يستمر الجسمُ بتركيب البروتينِ رغم كبحِ مورثاتِه.

سبّبت هذه الظاهرةُ تساؤلاتٍ كثيرةً عند الباحثين من مجموعة (Didier Stainier's) في كلية (Max Planck Institute) لدراسات القلب و الرئة.

و قد نجحوا في تفسيرها مؤخّراً بعد دراساتٍ عديدةٍ أُجريت على مورثة الـ (egfl7) الخاصة بسمكة الزرد (zebrafish). هذه المورثة تشارك في عملية إنتاجِ النسيجِ الضامِ لجدرانِ الأوعيةِ الدموية، بالتالي فإنّ نموَ و سلامةَ الأوعيةِ الدمويةِ لسمكةِ الزرد يتم تنظيمُه بواسطةِ هذه المورثّة (egfl7).

في البداية أراد الباحثون أن يعرفوا ما سيحصل في جسمِ السمكةِ بعد كبح مورثةِ الـ (egfl7) !يقول أعضاءُ الفريق Andrea Rossi و Zacharias Kontarakis عند كبحِ الجينِ خلال عملية knockdown فإنّه من المتوقّع حدوثَ خللٍ في نمو الأوعية الدموية، وعلى العكس من ذلك إذا تمّ حذفُ المورثةِ نفسِها من خلال تلاعبٍ جينيٍ فإنّ نموَ الأوعيةِ الدمويةِ لن يتأثّر. بالرغمِ من قيامِ الباحثينَ باستخدام تقنية ال knockdown لحذفِ مورثة (egfl7) بشكل مؤكّدٍ في يرقاتِ سمكةِ الزرد، فإنّ هذا لم يسبب أيَّ اضطراباتٍ في نمو الأوعيةِ الدموية.

دفعت هذه النتائجُ الباحثينَ إلى التفكيرِ بوجودِ آلياتِ تعويضٍ تكمُن في وجود جيناتٍ إضافيةٍ تعمل على تعويضِ الجيناتِ المكبوحةِ و تتولّى وظيفتَها. فتوجّه فريقُ الدراسةِ إلى البحثِ عن الجيناتِ المُنقِذةِ و بعد إجراء مقارنةٍ دقيقةٍ بين سمكاتِ الزردِ الحاويةِ على جينِ الـ(egfl7) و أخرى لا تحوي عليه، لاحظوا وجود كمية كبيرة من mRNA الرنا الرسول و البروتينات الجديدة في السمكاتِ التي تمّ حذف مورثة (egfl7) لديها. وكمثالٍ على هذه البروتينات هو بروتين (emilin3B) الذي لوحظ ارتفاعُ نسبتِه في الأسماك الخاليةِ من مورثة (egfl7) يشير هذا الاكتشاف إلى دور (emilin 3B) في تعويض فقدان المورثة (egfl7).

ستكون الخطوةُ التاليةُ في هذا البحث محاولةَ الإجابةِ على السؤال "كيف تعرف المورثات بأن هناك مورثةً ما تمّ حذفُها و يجب تعويضُها؟ " ، سيحاول الباحثون الإجابة علي هذا السؤال في أقرب وقت.

ينصح الباحثون زملاءَهم حالياً بأن يكون لديهم إلمامٌ شاملٌ بالعواقبِ الناجمةِ عن الحذف و الكبح الجيني قبل البدء بتطوير العلاجِ القائم ِعلى حذفِ و إسكاتِ الجيناتِ المُمرِضةِ، و ذلك ليتمكّنوا من تقدير الآثار الناجمة عنها على الجسم الحي، و لتوقُّعِ جدوى هذا العلاج بشكل عام.

المصادر:

هنا

البحث الأصلي: هنا