الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

دموع التماسيح - هل تبكي التماسيح حقاً ندماً على قتلها فرائسها؟!

عندما يصطَنِع شخصٌ الحزنَ ويدّعي البكاء فإننا ندعو دموعه بدموعِ التماسيح وهي مثالٌ أُخِذَ من الأسطورة القديمة القائلة بأنَّ عيون الحيوانات تدمعُ وهي تأكل. حيث تنتشرُ روايةُ بكاءِ التماسيح أثناء تناولها طعامها في العديد من القصص لكنْ دونَ وجودِ تفسيرٍ بيولوجيٍ لذلك. وقد جَرت محاولاتٌ سابقةٌ لفرك عيون التماسيحِ بالملح أو البصل خارجَ أوقات تمزيقها لفرائسها بغرضِ التحقق من هذه الأسطورة لكنَّ ذلك لم يجعل من الممكن اختبارُ الفرضيَّةِ كون ذلك تمَّ في غير موعدِ تناول الطعام، كما افترضَ آخرون أن يكونَ من الصَّعب معرفة فيما إذا كانت التماسيحُ تبدو وكأنها تدمعُ لكونِها رطبةً غالباً وذهب البعض إلى افتراضِ أن التماسيحَ تدمعُ فقط إذا تناولتِ البشر ولم يكن بالإمكانِ إطعامُها شخصاً للتأكد من ذلك.

وجدت جامعة فلوريدا على يد باحثيها أن التماسيحَ تُصدر نحيباً فعلاً أثناء تناولِ مأدبتها الدَّسمة ولكنْ لأسبابٍ فيزيولوجية لا تَمُتُّ للندمِ البعيد عن هذه الزواحف بصلة. سجَّل أحدُ الباحثينَ شريطَ فيديو لأربعةٍ من الكَيَامن Caimans وهي التماسيحُ الاستوائيةُ الأمريكية في الأسر ولثلاثِ حيواناتٍ أخرى من القاطور قريبِ التمساح، وذلكَ أثناءَ تناولها الطعام. وُجِد أنَّ خمساً من الحيوانات السَّبعِ المدروسة دَمَعَتْ وهي تُمزق فريستها أو بشكلٍ أدق كانت أعينُها مُزبِدَةً ومُحتدمة.

تمّ التحقيق بمتلازمةٍ نادرةِ الوجودِ نسبياً بين البشر تؤدي لشللٍ في الوجهِ يُفضي إلى بُكاء المُصاب أثناءَ تناولِ الطعام وكانتِ الشَّرارة التي دفعتِ العلماء لدراسةِ سببِ ظاهرة "دموع التماسيح" أثناءَ تناولها الطعام. تتشابهُ دموعُنا معَ دموعِ التماسيح من حيثُ غَرَضِها ويمكنُ ملاحظتها إذا لم يكن التمساح في الماء لكنها ولا شك ليستْ دُموعَ الندم خصوصاً من حيوانٍ قاسٍ مثله.

تعودُ الأسطورة إلى القرنِ الثالثِ عشر حيث ذَكَرَ راهبٌ أن "التمساح سينقضُّ على الرجل إذا رآه على حافَّة النهر أو في الماء ليلتهمه لكنه سيبكي عليهِ أثناء فعله ذلك"، وانتشرت الأسطورة فيما بعد حتى أنها ظهرت في أعمال شكسبير. قد يكونُ الجَفن الإضافيّ الشفافُ الذي يستعمله التمساح لتنظيفِ العين والذي يبقى عادةً ظاهراً في زاويتها السَّببَ في اعتقادِ الناس ببكاءِ التماسيح.

نستطيعُ القول إذاً أن التماسيحَ تفرز الدموع لكنها لا تبكي ويقولُ أحدُ أفضل التفاسير أن دموعها ما هيَ إلا نتيجةٌ لكونِ الحيوانات المفترسة ترغي وتزبد أثناء التهامها فرائسها عادةً وهذا السلوك يترافقُ مع دخول الهواءِ من خلال الجيوب الأنفية مسبباً تهيجَ الغددِ الدمعية وإفراغَ محتوياتها في العيون. قد تكون التماسيح مصابةً بشلل بيل (Bell’s palsy) الذي يؤدي لانسياب الدموع أو قد تُسببُ حركةُ فكِّها أثناء تناولِ غِذائها ضَغطاً على الغدد الدمعية، لكنَّ المؤكدَ أنَّ الحزن والندم على الفريسةِ ليس السبب لا من قريبٍ ولا مِن بعيدٍ فعندما تُدخِلُ التماسيحُ شيئاً في فمها فهي تَعي وتَعني ما تَفعل.

المصادر:

هنا

هنا

هنا