الاقتصاد والعلوم الإدارية > ريادة الأعمال

هل تبرّع مارك بثروته؟

للاستماع للمقال:

من فترة ليست ببعيدة، أعلن الزوجان Mark Zuckerberg و Priscilla Chan عن قرارهما التبرع ب99% من أسهم شركة فيسبوك على "مدى حياتهما" بمناسبة ولادة ابنتهما Max، وذلك بعد توقيعهما العهد الذي أطلقه عملاق مايكروسوفت Bill Gates و Warren Buffett الذي يقتضي تبرع المرء ب50% من ثروته على الأقل.

جاء في البيان الصادر إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات SEC: يود المالك التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زكربيرغ أن يهب كامل أسهمه في الشركة (أو صافي العائد من مبيع الأسهم بعد الضرائب) لأغراض خدمة المجتمع وتحسين حياة الناس، ولأجل هذا أسس السيد زكربيرغ وزوجته مؤسسة Chan Zuckerberg LLC محدودة المسؤولية، حيث ستكون له سلطة التحكم بالتصويت والتصرف بأي أسهم تمتلكها هذه المؤسسة.

يعتبر مارك سابع أغنى شخص في العالم حسب تصنيف Forbes، حيث تبلغ قيمة الأسهم التي يملكها حوالي 45$ بليون، لكنه لا ينوي التبرع سوى بما قيمته 1$ بليون كل سنة على مدى الأعوام الثلاثة القادمة للمحافظة على السلطة في التصويت في المستقبل.

وبالرغم من هذه المبادرة البرّاقة، إلا أن العديد من النقّاد يشككون بالنية وراء الحقيقية وراء هذه المبادرة، حيث كان بإمكان مارك التبرع بهذه الكميات الهائلة من المال على شكل نقود، لكن لماذا اختار التبرع على شكل أسهم؟

ضمن آلية عمل الأسهم، يحصل المتبرع على تخفيض ضريبي إستناداً إلى القيمة الفعليه في السوق لأسهمه نتيجة التبرع، الأمر الذي يعني الحصول على منافع ضريبية ضخمة.

ليست هذه المرة الأولى التي يتبرع فيها مارك بالأسهم، فقد قام مارك بالتبرع بملايين الدولارات للجمعيات الخيرية ولمؤسسة Silicon Valley Community على شكل أسهم، وتجنب من خلال هذا تراكم الضرائب. وعندما طرحت فيسبوك أسهمها عام 2012 بسعر 38$ للسهم الواحد، انخفض سعرها لاحقاً إلى أقل من 20$ لكن قيمتها ارتفعت بأكثر من 25% نتيجة التبرع الذي قام به في نهاية العام.

إن عملية التبرع بأسهم الشركه هو تحرك أفضل بكثير من بيعه والتبرع بقيمته، لأن العائد من بيع السهم بعد التبرع به لن يخضع للضريبة. يمكن للمنظمة المتبرع لها الإحتفاظ بالسهم أو بيعه. لكن إذا باعته لن تدفع أي ضريبة على العائد مهما كان كبيراً، كون الأعمال الخيرية معفية من الضرائب.

وبما أن الشركة المتبرع لها هي شركة مملوكة أصلاً من مارك وزوجته، هذا يعني أنهما يستثمران فيها. فهي شركة محدودة المسؤولية ولا يزالان يحتفظان بكامل التحكم بالأموال.

وهذا يعني أيضاً:

• استطاعة الزوجان تحرير الشيكات من الشركة لأنفسهم بما أنهم مالكيها، ودفع الرواتب لأنفسهم كمدراء لها، واقتراض الأموال منها، واقتراض الأموال للأغراض الشخصية على حساب الأسهم، وبيع الأسهم للناس الآخرين، أو استخراج الأموال من الشركة بالعديد من الطرق الأخرى.

• إستخدام الشركة لشراء المنازل التي يعيشون فيها، والمكاتب التي يعملون فيها، إلخ..

• الإستثمار في شركات أخري ربحية.

• المساهمة في الحملات الإتخابية، والأنشطة السياسية.

• الدفع للحملات السياسية الخاصة بهم أو بأي مرشح يدعمونه.

• وهب الأموال للمؤسسات الخيرية أو للمنظمات من نوع 501c 3 غير الربحية.

كما أن هذه الشركة محدودة المسؤولية ستمكنهم من الإستثمار في الشركات الأخرى، كما يفعل أي بليونير آخر.

وليس هذا فقط، فسيحصل أيضاً زوكربيرغ على مبلغ معين من القيمه الحقيقة لما سيتبرع به، والذي سيخفض من الدخل الاجمالي الخاضع للضرائب في الشركة المتبرع منها (أي فيسبوك) بنسبة تصل إلى 50%، والذي سيستخدمه لجني البلايين الأخرى من العوائد.

كما أنه سيتحكم بوجهة الأسهم المعفية من الضرائب التي يحولها من فيسبوك إلى هذه الشركة، كون التبرعات السابقة انتهت بنتائج غير مرضية ولم تحقق النتائج المرجوة منها نتيجة سوء ضعف الهيكلية وسوء الإدارة. لكن العهد الذي نطق به مارك يحتمل بعض الحيلة هذه المرة: "أتعهد الاحتفاظ بكامل ثروتي وأن أستخدم الكثير منها لجعل العالم مكاناً أفضل، طالما أنني من يحدد (الكثير) و (أفضل).

- يجب التنويه إلى ان آلية التبرع التي يتبعها مارك هي نفس الطريقة المتبعة من قبل أغلب عمالقة المال في العالم، وبالتالي فإن الشرح الوارد في هذا المقال يمكن تعميمه على باقي الحالات المشابهة.

المصادر :

هنا

هنا

هنا