الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

حقيقة ييتي Yeti وحش الثلج

رغم عقودٍ من البحث، لا زال الغموض يلتف قضية الرئيسيات الشاذة المدعوة بوحوش الثلج أو الوحوش ذات الأقدام الكبيرة والتي شوهدت في أمريكا الشمالية وأواسط آسيا. صحيحٌ أن تقاريرَ عديدةً وشهود عيانٍ، وآثار أقدام؛ جميعها شهدت برؤيته بوصفه قرداً كبيراً مجهولاً، لكن وعلى النقيض، فلم يسبق لأي بعثة حفرياتٍ أن وجدت شبيهاً لهذا الكائن.

شغل هذا الحيوان العلماء وظهرت فرضياتٌ عدّة حول ماهيته بدءاً بشبيهات الإنسان hominids مثل النياندرتال والفلوريس، مروراً بالقردة المنقرضة وصولاً إلى درجة الشك بأن يكون هجيناً بين الإنسان العاقل وثديياتٍ أخرى. تجنب العديد من العلماء الخوض في هذا الحقل كثيراً لكن العلم الصحيح لا يقبل شيئاً أو يرفضه دون فحص الأدلة المتوفرة وهذا ما سعى البحث الذي نتناوله في مقالنا إليه.

في أول بحثٍ وراثيٍ منهجيٍ صارمٍ من نوعه، تمت محاولة تحديد تسلسل RNA الميتوكوندريا لـ 30 عينة شعرٍ تم الحصول عليها من مواقعَ مختلفةٍ لما يعتقد بأنه أحد أنواع الرئيسيات الشاذة. أظهرت نتائج تحليل العينات القادمة من جبال الهيمالايا، من منطقة لاداخ Ladakh في الهند ومن بوتان Bhutan تحديداً، أن أقرب حيوانٍ معروفٍ لهذا الكائن هو مستحاثاتٌ شبيهةٌ بالدب القطبي القديم Ursus maritimus التابع لفصيلة الدبيــّـات.

إن المسح الجيني المنهجي لعينات الشعر المنسوبة لهذا المخلوق بالكاد ورد في دراستين علميتين فقط. بعد تحليل العينات القادمة من نيبال تم التأكد بأن ييتي yetiكان من ذوات الحوافر ungulate وهي مجموعةٌ تضم عدة رتبٍ من الثدييات منها الخيل والماعز وغيرها. تم التوصل إلى النتيجة عينها على يد باحثٍ آخر حلل عيناتٍ قادمةً من ألاسكا.

إن سبب الصيت الذائع لهذا الكائن المسمى ييتي أو وحش الثلج هو الادعاء بالعثور عليه في مناطقَ مختلفةٍ من العالم يبينها الجدول التالي؛ والذي يلخص نتيجة الدراسة، حيث يتضح أن ما أظهره تحليل الحمض النووي للعينات التي تم جمعها ليست إلا حيواناتٍ عادية.

بعد تنظيف العينات واستخلاص الدنا DNA منها قورنت بتتابع الحمض النووي للكائنات المعروفة والمتوفرة في البنك الجيني لتحديد التطابق. فشل الباحثون في استخلاص الحمض النووي من سبع عيناتٍ بينما نجحوا مع ثلاثين أخرى. كما يوضح الجدول فإن أياً من العينات لا يعود إلى كائنٍ أسطوريٍ أو غير معروفٍ كما أنها تعود إلى حيواناتٍ تعيش فعلاً في مناطق جمع هذه العينات، مع وجود بعض الاستثناءات في العينتين القادمتين من لاداخ و بوتان والتين تتشابهان مع مستحاثاتٍ للدب القطبي القديم، و عينتين من روسيا تبيّن أنهما تعودان لدبٍ أمريكيٍ أسود و راكون رغم أن موطن هذين الأخيرين هو أمريكا الشمالية لا روسيا.

تعود بعض العينات المدروسة لـ 50 عاماً وقد تم أخذها من بعض المتاحف لكن معظمها حديثٌ مما جعل من الممكن استخلاص الـ RNA والتأكد بنسبة 100% من نوع الكائن. رغم أن أحد العينات يعود للجنس البشري إلا أن القائمين على البحث يؤكدون على الإجراءات الصارمة أثناء العمل والتي تلغي أي احتمالٍ لتلوثٍ مخبريٍ قادمٍ من الباحثين أنفسهم. أما فيما يتعلق بتلك العينات التي تبيّن أنها كلابٌ أو ذئابٌ فإن اللغط لا يتجاوز احتمال أن تكون العينات عائدةً لثعالبَ أو كلابٍ أو ذئابٍ، مما ينفي أن تكون قادمةً مما يشبه الإنسان أو حيواناً تابعاً للرئيسيات يطابق الشكل الذي تتناقله الأساطير.

إن المناطق الجبلية النائية في باكستان ونيبال والتيبت وبوتان والهند مغلقةٌ غالباً ومعزولةٌ، وسكانها القلة معتادون على إعطاء أسماءٍ شائعةٍ لما يشاهدونه؛ والاسم الشائع للوحش الغامض محلياً هو Dzuteh دزوتيه والذي يعني بالنيبالية دب الماشية المرتبط وفقاً للأساطير بـ ييتي، ووفقاً للوصف، فلونه مائلٌ من الرملي إلى البني المحمر؛ اللون ذاته لبعض العينات التي تم فحصها والتي تبين أنها عائدةٌ للدببة البنية، وهذا ما يرجح ألا يكون الأمر أكثر من مجرد لغط ومبالغة في وصف الدب وتصويره على أنه حيوانٌ غامضٌ.

تعج الشبكة العنكبوتية بأخبارٍ عن هذا الوحش الغامض والتي لا تستند غالباً إلى أي دليلٍ ملموس. يمكنكم قراءة الصفحات؛ من الصفحة 13 حتى 19 من كتاب "مخلوقاتٌ من عالمٍ آخر" Creatures from Elsewhere لبيتر بروكسميث والتي تنقل عشرات التقارير عن أناسٍ ادعوا مشاهدة ييتي أو الوحش ذو الأقدام العملاقة؛ فممن يدعي أنه اختُطف على يد هذا الكائن إلى من يصف شكله وطباعه بالانطوائية تارةً والفضولية تجاه الإنسان تارةً إلى من يسرد القصص الخيالية حوله... ومع أن الكتاب يعرض بعض الصور كالصور أدناه، إلى أن أياً مما يذكره يملك دليلاً علمياً واضحاً يمكن الاستناد إليه. يمكنكم تحميل الجزء الخاص بييتي من الكتاب من

هنا

ما تم اختباره تحت عدسة العلم فيما يخص هذا الكائن لا يشير لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى كائنٍ غريبٍ ضخمٍ شبيه بالإنسان أو القرود وحتى تتوفر دلائل إضافية فليس الادعاء بوجود هذا الكائن إلا ضرباً من الخيال.

المصادر:

Sykes B. C.، Mullis R. A.، Hagenmuller C.، Melton T. W. and Sartori M. (2014). Genetic analysis of hair samples attributed to yeti، bigfoot and other anomalous primates. Proceedings of the Royal Society of London B: Biological Sciences، 281(1789). هنا

Edwards C. J. and Barnett R. (2015). Himalayan ‘yeti’ DNA: polar bear or DNA degradation? A comment on ‘Genetic analysis of hair samples attributed to yeti’ by Sykes et al. (2014). Proceedings of the Royal Society of London B: Biological Sciences، 282(1800). هنا

Brookesmith P. (1989). Creatures from Elsewhere: Weird Animals That No-One Can Explain. هنا