الفلسفة وعلم الاجتماع > علم الاجتماع

التعريف بعلم الأنتربولوجيا

هذا الذي يمشي على قدمين. أكثر الكائنات تعقيداً وإثارةً للجدل. لطالما تساءلت البشرية على مر العقود: لماذا لا يتشابه الجميع؟ لماذا نختلف في طرق مأكلنا وملبسنا و تحيتنا كما نختلف في لون شعرنا و عيوننا؟ لماذا تختلف لغاتنا؟

الإنسان ذلك الكائن الفريد، كان ولا يزال موضع التأمُلِ والدراسةِ والبحث من قبل كثير من العلوم الطبيعية والإنسانية على حدٍّ سواء. إنَّ الأنتربولوجيا، وكما يقول مارسيل غربول: "الفرع المعرفي الذي يحيط بنشاطات الشعوب المادية منها والروحية، وتدرس تقنياتها وآدابها وشرائعها ومؤوسساتها السياسية والثقافية والاقتصادية، وفنونها ولغاتها وأعرافها". إليكم هذا المقال عن معنى الأنتربولوجيا، وماذا تدرس وماهي أهم موضوعاتها.

لفترة طويلة جاءت الإجابات عن هذه الأسئلة العميقة و المحيرة من النصوص الدينية. منذ القرن التاسع عشر ظهر منظور آخر للإجابة عن هذه الأسئلة و ذلك عن طريق الدراسة العلمية للإنسان و البشرية و هو علم الأنثروبولوجيا. يُعدُّ علم الأنثروبولوجيا (علم الأناسة)، من أكثر العلوم الإنسانية حداثةً وشمولاً. وتتمحور اهتمامات الأنثروبولوجيا حول الإنسان وأعماله تاريخياً، وذلك عبر مسيرة تحسنه العضوي والاجتماعي والثقافي التي مرَّ بها أفراد النوع البشري، طموحاً إلى معرفة الذات البشرية بُغية التعرّف على أبعادها الحقيقية. ورغم الأشواط البعيدة التي قطعتها الإنسانية والاكتشافات العلمية التي توصل الإنسان بفضلها إلى سبر الكثير من أغوار الطبيعة المحيطة به، ومعرفة بعضٍ من قوانينها الناظمة لهذا الكون اللامتناهي، إلا أنَّ الإنسان ما زال قاصراً عن معرفة حقيقة ذاته، لأن الثقافة التي كان قد أبدعها مازالت تحبو في خطواتها الأولى في هذا النفق المعرفي المجهول.

تهتم الأنثروبولوجيا بدراسة الإنسان ومجتمعاته البشرية زمانياً ومكانياً دون استثناء لأيٍ منها. وتتضمن كل ما أبدعه الإنسان من عناصر مادية وروحية. فكل ما هو نتاج الإنسان وعقله وتفكيره هو بمثابة سجل لتاريخ البشرية، وذلك لأنّ الإنسان والمجتمع قد ظهرا دُفعةً واحدةً. فالأنثروبولوجيا كعلم، يدرس الإنسان عبر جسده ومجتمعته وإنتاجه وأساليب اتصاله ولغاته وثقافته، إنها تسعى إلى تِبيان العلاقات القائمة بين هذه النشاطات على اختلافها، وبين الثقافة الشاملة التي تندرج ضمنها هذه النشاطات. فهو ذلك العلم الذي يدرس الإنسان كمخلوق ينتمي إلى العالم الحيواني، وأنه الوحيد من كافة الأنواع الحيوانية الأخرى الذي يُعتبر صانع للثقافة ومُبدِعُها.

• أقسام الأنتربولوجيا:

تنقسمُ الأنتربولوجيا إلى ثلاثة فروع أساسية:

1- الأنثروبولوجيا الطبيعية - Physical Anthropology:

يهتم هذا الفرع بدراسة الجانب العضوي أو الحيوي للإنسان، منذ نشأته وحتى اللحظة الحالية التي نعيشها. وتشمل هذه الدراسة الطبيعية:

- مرفولوجية جسم الإنسان.

- مكانة الإنسان في العالم الحيواني.

- أصل الانسان، والمراحل التي مرت بها مسيرة ارتقائه العضوي.

- دراسة الفوارق في الملامح السلالية لأفراد النوع البشري.

2- الأنثروبولوجيا الثقافية- Cultural Anthropology :

ويهتم بدراسة الثقافة الإنسانية، والتي تتمثل في ذلك الجزء من البيئة التي يعيش فيها الإنسان بقسميها المادي، من غذاء ولباس وسكن، ومن الروحية كعلاقاته الاجتماعية. وينقسم هذا الفرع إلى:

- فرع اللغات.

- علم الآثارالقديم.

- الأتنولوجيا، أي علم الشعوب أو علم الأقوام ومميزاتها الثقافية.

3- ا الأنثروبولوجيا الاجتماعية- :Social Anthropology

وتهدف إلى تفسير وفهم السلوك الإنساني، عن طريق دراسة مقارنة للعلاقات الاجتماعية. وذلك ضمن النظم الاجتماعية، كالعائلة- الزواج- الطلاق - نظام القرابة – الثأر- الطقوس الدينية - القانون والاخلاق. ويعتمد على:

- علم الأناسة السياسية.

- علم الأناسة الاقتصادية .

الأنتربولوجيا، ترتبط مع عدة علوم مثل علم الجيولوجيا، الجغرافية، الوراثة، الآثار، التاريخ، علم اللغات (اللسانيات)، وعلم الاجتماع. فإنَّ علم الأناسة يُشدِّد على ضرورة الشمول والرّبطِ بين العلوم المختلفة، ليتمكن من فهم كل ما يُمكن عن هذا الكائن الذي يسير على قدمين.

المرجع:

1- علي عبد الله الجباوي،علم الأنتربولوجيا،(دمشق:منشورات جامعة دمشق/كلية الآداب،2013).

2- The Philosophy of Anthropology

هنا