الفنون البصرية > فن وتراث

بين مدينة ألعاب ومخيم لجوء، أعمالٌ فنيةٌ يكرّسها بانكسي للاجئين

بانكسي يكشف عن عمل فني جديد يهدف إلى معالجة المواقف السلبية تجاه آلاف من اللاجئين وذلك على جدار في مخيم كاليه للنازحين في فرنسا والمسمى بـ (الغابة).

يصّور العمل مؤسس شركة آبل˛ ستيف جوبز˛ حاملاً حقيبة سوداء على كتفه وأول جهاز حاسوب آبل بيده الأخرى. هذا العمل الفني هو إشارة واضحة لخلفية ستيف جوبز كابن لأب سوري هاجر إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي تصريح لبانكسي، وهو نادراً ما يصرّح عن أعماله، قال: "غالباً ما نُساق للاعتقاد بأن الهجرة عبءٌ على موارد البلد المضيف، لكن ستيف جوبز كان ابناً لمهاجر سوري. شركة آبل اليوم هي الشركة الأكثر ربحاً في العالم˛ فهي تدفع للضرائب مايفوق 7 مليار دولار أمريكي سنوياً (مايعادل 4.6 مليار جينيه استرليني)، وجودها هذا سببه منح شاب من مدينة حمص حق الإقامة في أمريكا".

العمل الجداري هو جزء من سلسلة أعمالٍ أبدعها بانكسي استجابةً لمأساة اللاجئين، فقد غطّى خلال رحلته لمدينة كاليه عدة جدرانٍ عبر الميناء الفرنسي برسوماتٍ جدارية متعلقة بالهجرة واللجوء، كان أهمّها عملٌ مستلهمٌ من لوحة طوف ميدوسا للفنان الفرنسي تيودور جيريلكو (1791-1824).

يبدي بانكسي في هذا العمل أناساً عالقين على طوفٍ متحطم يغصّ بالجثث وهم يلوّحون ليختٍ فاخرٍ في الأفق البعيد طلباً للنجاة.

يعيد بانكسي للذاكرة الفرنسية بعمله الإبداعي هذا مأساة تحطم الفرقاطة البحرية ميدوسا عام 1816 والتي كانت تحمل على الأقل 147 راكباً، تمكنوا من صنع طوفٍ ميداني، إلا أنه لم ينجُ من تلك الفاجعة سوى خمسة عشر راكباً. إذ أن تأخر عملية الإنقاذ وتقاعس المسؤولين عرّضهم للجفاف والمجاعة حتى أنهم اضطروا لأكل لحم البشر.

كان الحدث فضيحة عالمية آنذاك عكست عجز القبطان الفرنسي الذي اعتبر انعكاساً لعجز الملكية المستعادة حديثاً بعد الثورة والمتمثلة بالملك لويس الثامن عشر.

اختيار بانكسي للوحة طوف ميدوسا ينمّ عن عبقريةٍ فنية وسياسية، فمن جهة تعتبر رائعة جيريلكو التراجيدية أيقونة وباكورة الحركة الرومانسية الفرنسية والتي أولت العاطفةَ أهميةً أبلغ على عكس النظام العقلاني المثالي في المدرسة الكلاسيكية الجديدة آنذاك.

ومن جهة أخرى في الاختيار إشارة ضمنية لأفكار بانكسي السياسية والاجتماعية الداعمة للتحرر من قيود الاستبداد.

يستعيدُ بانكسي بعبقريةِ الألم التراجيدي واستلهامِه رائعة جيريلكو روحَ الرومانسية الفرنسية، فهو بهذا يعوّل بعمله على توجيه رسالته للإنسان، الفرنسي بشكل خاص، للتعاطف مع مأساة اللاجئين، فقد فقد الأملَ بنظم الحكم الجشعة.

لوحة طوف ميدوسا 1818-1819

زيت على قماش 491 سم * 716 سم

في الصيف الماضي لهذا العام 2015، أقام بانكسي معرضاً فنياً كان بمثابة مدينة ألعاب مؤقتة في المتنزه الميداني المؤقت في ويستون سوبر مير في مدينة بريستول البريطانية، حيث قام الفنان بعمل تركيبي"Installation" ضمّ أعمالاً فنية ساخرة و "غير مسلّية" كما دعاها، وسميت مدينة الألعاب ب "ديسمالاند" أو Dismaland أي أرض التفكيك، والتي يعبر من خلالها عن رفضه للرأسمالية المتمثلة ب "ديزني لاند". ظهر بين الأعمال التراجيدية قاربٌ مليءٌ بجثث لمهاجرين. وفي الليلة الأخيرة من المعرض دعا بانكسي فرقة "بوسي رايوت" الروسية لتقديم، ولأول مرة، أغنيتهم الناقدة للفشل العالمي في مساعدة المهاجرين الهاربين لأوروبا.

ضمّ المتحف الميداني ولمدة خمسة أسابيع ثلاث معارض أظهرت مجموعة كبيرة لم تُرَ من قبلُ للوحات بانكسي الساخرة وأعماله النحتية، كما تضمّن العرضُ أيضاً أعمالاً ل58 فناناً من 17 بلداً حول العالم، ومنهم ديميان هيرست البريطاني وجيني هوزير وجيمي كاوتي، عكست الأعمال وبشكل سوداوي لاذع تداعيات القضايا الاجتماعية والسياسية في العالم.

يقوم بانكسي ومنذ أن أغلق المتنزه في أيلول بتفكيك البنى التحتية لمعرضه وشحنها لمدينة كاليه لإعادة تركيبها كمنازل إغاثية لأكثر من سبعة آلاف لاجئ من سوريا وأريتيريا وأفغانستان والذين يعيشون في موقع سابق لمقلب للنفايات في مدينة كاليه.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا