الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

سرعة ذوبان القطب الجنوبي تثقل كاهل العلماء

أهمية أبحاث ذوبان الصفائح الجليدية:

تمثل المياه المحتجزة في غرينلاند والقطب المتجمد الجنوبي 99% من مجموع المياه العذبة في العالم، وقد وجد العلماء أن منسوب البحر سيرتفع بمقدار 6 أمتار في حال ذوبان جليد غرينلاند، أما إذا ذاب جليد القطب المتجمد الجنوبي بأكمله فسيرتفع منسوب سطح البحر بمقدار 60 متراً في العالم بأسره، وربما يكون ارتفاع منسوب مياه البحر القصة الأهم في قضية التغير المناخي للعامين الماضيين، فبالرغم من أنه ليس قاتلاً بشكل مباشر، إلا أن تأثيره غير المباشر يتمثل بتخريب البيئة الساحلية والموارد الطبيعية والمنشآت إضافةً للإرث الحضاري الممتد على شواطئ العالم، وترجح الأبحاث الحديثة غمر مدن كثيرة حول العالم منها ميامي ونيوأورلينز، بل وحتى نصب الحرية في الولايات المتحدة.

لقد وصل الإنسان بكوكب الأرض إلى مرحلة اللا عودة، وربما أصبح إيقاف العديد من الكوارث غير ممكن بالرغم من الجهود الحثيثة المبذولة في هذا الإطار. فقد ورد في تقرير صدر عن أكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية أن ارتفاع منسوب البحر يجب أن يكون في مقدمة أولويات البحث العلمي خاصة بالنسبة لنتائج ذوبان الجزء الغربي من القطب المتجمد الجنوبي، فهو المنطقة الأكثر عرضة للذوبان على المدى القصير بسبب ما يعرف في الأوساط العلمية بـ"عدم استقرار الصفائح الجليدية البحرية".

ويسابق العلماء الزمن في إجراء أبحاثهم لتحديد سرعة التغيرات التي يمكن أن تصيب هذه المنطقة نظراً للآثار الخطيرة التي يمكن أن تترافق معها. فعدم الاستقرار "خاصة في الجزء الشرقي من القطب المتجمد الجنوبي" يعني خسارة جليد كان قد حافظ على نفسه لآلاف السنين، وفي حال خسارته يجب علينا التفكير جدياً في إجراءات محلية لمواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر حول العالم كالسدود الشاطئية.

كما قد تحمل الأبحاث في هذه المنطقة إجاباتٍ عن سؤالٍ شديد الأهمية يتعلق بالتغير المناخي، ففي عصور قديمة من عمر الأرض كانت درجات الحرارة فيها أعلى بقليل من الحرارة الحالية ولكن مستويات منسوب البحار والمحيطات كانت أعلى بكثير، فما الذي جعل منسوب البحر ينخفض لهذه الدرجة؟ وهل يخبئ جليد القطب المتجمد الجنوبي مفتاح الإجابة؟ لا يزال العلماء في طريقهم للحصول على الإجابة.

الصورة 1

الجزء الغربي من القطب المتجمد الجنوبي... نقطة اللا عودة:

يعتبر الجزء الغربي من القطب الجنوبي هو الأصغر من بين الصفائح الجليدية الثلاث الأضخم على مستوى الكوكب بعد غرينلاند والجزء الشرقي من القطب المتجمد الجنوبي وهو الأقل استقراراً، وفي حال ذوبانه سيتسبب بارتفاع منسوب البحر حول العالم بمقدار 3.3 م. يعتبر قطاع Amundsen هو الأخطر حيث ينحدر قاع البحر للأسفل تحت الجليد كلما تقدمنا إلى داخل القارة، بحيث يصبح أدنى من منسوب سطح البحر بما يقارب الميل (1.6 كم) ، وتعتبر Thwaites المنطقة الأشد خطراً في هذا القطاع.

ويقول تقرير أصدره عدد من علماء معهد بوتسدام لأبحاث آثار التغير المناخي إنه في حال فقدان استقرار قطاع Amundsen فإن الجزء البحري من غرب القارة القطبية سيتدفق بأكمله إلى المحيط، فمع ارتفاع حرارة الماء وذوبان جزء من الجليد الذي يلامس مياه البحر أو المحيط سوف يتراجع خط الساحل باتجاه الداخل المتجمد، بالتالي ستزداد سماكة الجليد الملامس لمياه البحر مما يؤدي إلى زيادة معدل ذوبان الجليد وبالتالي تراجع خط الساحل مجدداً نحو الداخل مما يعني تدهور الوضع بشكل متزايد. الصورة (2)

وتعتبر الظروف الجوية في منطقة بحر Amundsen سيئة للغاية، حيث أن عدد الأشخاص الذين وقفوا على أرجلهم فوق جليد Thwaites لا يتجاوز عدد أصابع اليدين مما يجعل من شبه المستحيل تقريباً إجراء الدراسات الحقلية في هذه المنطقة.

أسئلة مستقبلية:

إن أحد الأسئلة الجوهرية يتعلق بمعرفة ما يحصل أسفل القطب المتجمد الجنوبي، وهناك سؤال آخر مهم وهو المجال الزمني الذي يمكن أن يحدث خلاله انهيار الصفائح الجليدية، حيث أن بعض النماذج والتوقعات وضعت له إطاراً زمنياً يتراوح بين 200 إلى 900 عام إلا أن هذه النماذج لا تزال شديدة البساطة مقارنة بالعمليات المعقدة التي تتحكم بسرعة حدوث الذوبان أو الانهيار.

يضاف إلى ذلك التحقق مما حصل في جليد هذه المنطقة في العصور القديمة حيث يشك العلماء بإمكانية أن يكون الجليد قد ذاب فعلاً من قبل ثم تجمد مجدداً وذلك يستدعي دراسة عيناتٍ من الرسوبيات وتحديد عمرها وقد ترجع هذه المعلومات إلى آلاف وربما مئات الآلاف من السنوات السابقة.

ويستمر العلماء بالتأكيد على أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هي العامل الأهم الذي يحدد مستقبل القطب الجنوبي ومنسوب مياه البحر حول العالم.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا