العمارة والتشييد > التصميم العمراني وتخطيط المدن

"المنصة الحضرية" المشروع الفائز بالمركز الأول في مسابقة الغرفة المفتوحة بمدينة لشبونة

مشروعك جميل لكنه غير مقبول لأنه غير اقتصادي! كثيراً ما يسمع طلاب العمارة هذه العبارة من أساتذتهم بعد سهرهم لأيام على مشاريعهم الطموحة. في الحقيقة المشروع المعماري الأفضل ليس بالضرورة أن يكون الأجمل فالعمارة هي خليط متوازن من الجمال و الوظيفة و المتانة و الاقتصادية.

في الوقت الراهن، وخصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، أصبح للعامل الاقتصادي أهمية أكبر بل ودور فاصل في قبول مشروع معماري أو رفضه. وفي العمارة مفهوم الاقتصادية لا يعني فقط تخفيض كلفة البناء و زيادة عمره لتحقيق منفعة اقتصادية مباشرة منه، بل يرتبط بعدة عوامل بيئية واجتماعية أخرى ومنها مساحة الأرض المستهلكة. هل تخيلت يوماً أن ترى مشروعاً معمارياً لا يقتص من مساحة الأرض المخصصة له ويغير من وظيفتها بل يضيف إليها؟

تمكّن المعماريان حديثا التخرج بومجين كيم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومينيونغ كيم من جامعة كولومبيا من الفوز بالمركز الأول بمسابقة الغرفة المفتوحة بمدينة لشبونة بمشروعهم المسمّى "المنصة الحضرية".

الفريق كان واحداً من سبعة وستين فريقاً شاركوا في المسابقة ضمن فئة "المعماريون الشباب"، وقام بتطوير مداخلة عمرانية معيارية لمدينة لشبونة البرتغالية بهدف توفير فراغ عمراني أكثر مرونة لمركز المدينة..

مدة المسابقة كانت أربعة أشهُر بين شهري تموز وتشرين الأول من عام 2014، وتمّت دعوة فرق من الطلاب ومن المعماريين حديثي التخرج من جميع أنحاء العالم لاقتراح عمارة جيدة ومناسبة للبرتغاليين، والّذين كانوا قد تأثّروا بشدة من الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008. تم تقييم المقترحات بناءً على مجموعة من المعايير متضمنةً الاستجابة لكل من البيئة والثقافة المحلية، ومراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية، والانسجام مع النسيج الحضري الشامل للمدينة.

تمَّ وصف المشروع من قِبَل لجنة التحكيم على أنه "نظام عظيم ومتكامل يتألف من اتحاد مجموعة قليلة من العناصر". مشروع بومجين ومينيونغ "المنصة العمرانية" يتموضع بخفة في الموقع، ويعطي مظهر السقالات المؤقتة. كانت نية المعماريَّين الشابَّين من هذه المداخلة بأن تكون غير مرئية من بُعد معيَّن، وتمَّ التعبير عنها من خلال هيكل إنشائي من أنابيب الألمنيوم المكشوفة والتي تكمّل المحيط الحضري.

بتوظيفه كساحة عامة مرتفعة أو مُحلِّقة، فإنَّ مشروع "المنصة العمرانية" يتضمّن خمس وحدات مختلفة تتميز بسهولة بنائها وإعادة تكوينها مما يسمح باستخدامها لأغراض متعددة. هذه الوحدات الخمس هي (الأدراج، والمنصة، وفراغ مفتوح، وفراغ مغلق، والميرادورو (وهي كلمة برتغالية تشير إلى معرض مفتوح، ويعمل كمكان للمشاهدة و النظر إلى معالم المدينة)". تخدم كل من هذه الوحدات غرضاً معيناً ويمكن دمجها وإعادة تشكيلها لتخدم وظائف جديدة. وتمَّ تصميم هذا الهيكل المرن والقابل لإعادة التوظيف ليتوافق مع العديد من المناسبات والمجالات ويستوعب مجموعة متنوعة من الاستخدامات.

تزيد الفراغات المفتوحة والبنية الهيكلية للمشروع من تأثير الموقع بمساحته المقدرة بـِ 2100 متر مربع عن طريق السماح للناس باستخدام الفراغ فوق وتحت هذه المنصة المُحلِّقة على حدٍّ سواء.

قالت لجنة التحكيم "المشروع يضمن تنوُّعاً في الفراغات العمرانية، إنه شريط معماري مرن يأخذ بشكل مناسب مقياس المكان ويتداخل معه بشكل جيد وفعّال بالاعتماد على الاستخدامات والاحتياجات الفعلية".

أعتقد أنه على طلاب العمارة الخروج عن الأطر التقليدية والبدء بالتفكير بأن مشاريعهم المعمارية ستفقد قيمتها الجمالية و الوظيفية إذا لم تنطلق من المصلحة العامة لموقع المشروع من جميع النواحي التصميمية و البيئية والاجتماعية و الفيزيائية، وبأنّ المشروع الذي تقوم بتصميمه هو جزء صغير ضمن منظومة أكبر و أوسع عليه أن يتوافق معها. ما رأيكم أنتم؟


المصدر:

هنا