البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

لماذا تمتلك بعضُ الأنواع إناثاً أكثر من الذكور أو العكس؟

تميلُ بعضُ أنواع الحيوانات إلى امتلاك أعدادٍ أكبرَ من الذكور مقارنةً بالإناث، أو العكس. ولطالما تساءل العلماءُ عن السبب. واليوم تم التعرف على أحد العوامل المتهمة بذلك: الصبغيات الجنسية.

يتحددُ جنسُ الحيوانِ عادة اعتماداً على الصبغيات الجنسية التي يرثها عن أبويه. وتُظهرُ الأبحاثُ الجديدةُ أنَّ الأنواع التي يتحددُ جنسُها بالصِّبغيات (X، Y) كالثدييات، تمتلك عادة مُعدَّلاتِ إناثٍ أعلى، بينما تلك التي يتحدد جنسُها بالصِّبغيات (Z، W) فإنَّ المنحى ينحرفُ عادة باتجاه الذكور.

يُعرف معدل الذكور البالغين نسبة للإناثِ البالغة لدى نوعٍ معينٍ بـ "معدل جنس البالغين" Adult Sex Ratio، والذي يتنوع بشكلٍ كبيرٍ بين الأنواع الموجودةِ في الطبيعة. على سبيل المثال يعلم العلماء أنه ضمن رُباعيات الأرجل (كالثدييات، الطيور، الزواحف أو البرمائيات) فإنَّ المعدل السابق لدى بعض أنواع الطيور ينحرف باتجاه الذكور، بينما ينحرف باتجاه الإناث لدى بعض الثدييات. المعدلات المنحرفة بشكل كبير تُشاهَد في بعض أنواع الجرابيات، والتي يموت فيها الذكر بعد عملية التزاوج تاركاً في بعض الأحيان تجمعات كاملة من الإناث الحوامل.

وتُظهر الأبحاث أنَّ معدلات جنس البالغين يمكن أن تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على تصرفات الحيوانات. ففي أنواع الطيور التي تسيطر الإناث على التعداد فإن الذكور تتزاوج مع أكثر من أنثى واحدة وتقوم الإناث بتنشئة الصغار. وعلى النقيض من ذلك فإن الأنواع التي تسيطر عليها الذكور فإن الإناث تتزاوج مع أكثر من ذكر وتقوم الذكور بتنشئة الصغار.

ويضيفُ Tamas Szekely الباحث البيولوجي التطوري في جامعة Bath في إنكلترا: ’’أظهرت أبحاثٌ أخرى أنَّ معدلاتِ جنسِ البالغين يمكن أن تتنبأ بالعنف، الاغتصاب أوالخيانة الزوجية‘‘.

فعلى سبيل المثال أظهرت دراسة أُجرِيت في جنوب غوانا Guyana حيث تختلف مّعدَّلات جنسِ البالغين بشكلٍ كبيرٍ نتيجةً لموجات الهجرة، بأنه حينَ تكون أعدادُ الذكورِ أقل فإنَّ الذكورَ يفضلون العلاقات العابرة على العلاقات طويلة الأمد.

ولإلقاء مزيد من الضوء على الأسباب التي تقف وراء المعدلات المنحرفة لجنس البالغين قام الباحثون بالتركيز على الصبغيات التي تُقرر الجنس لدى الأنواع المختلفة من الحيوانات. فلدى الثدييات وذبابة الفاكهة مثلاً تمتلك الذكور صبغيات جنسية مختلفة X، Y. بينما في مجموعات أخرى كالطيور والفراشات تمتلك الإناث الصبغيات الجنسية المختلفة Z، W.

قام العلماء بدراسة 344 نوعاً من رباعيات الأرجل ليجدوا بأن الأنواع التي تمتلك فيها الإناث صبغيات جنسية مختلفة فإن أعداد الذكور تكون أكبر بمعدل يقترب من 55% من الذكور. وبالعكس فالأنواع التي تكون الذكور فيها هي من يمتلك الصبغيات الجنسية المختلفة فإن الانحراف يكون باتجاه الإناث بمعدلات تقترب من 56% من الإناث.

ويبقى السببُ وراءَ هذه الاختلافات مجهولاً. إحدى الاحتمالات هي أنه أياً كان الجنس الذي يمتلك نوعين مختلفين من الصبغيات الجنسية فإنه يمتلك فرصة ضعيفة للعيش من الولادة حتى البلوغ لذلك تكون أعداده أقل مقارنة بالجنس الآخر الذي يمتلك صبغيات جنسية متشابهة. الطيور والثدييات تميل لامتلاك معدلات متوازنة لأعداد الجنسين، لذلك يقترح الباحثون أن الجنس الذي يمتلك صبغيات جنسية مختلفة يعاني عادة من معدل وفيات عالٍ في الفترة الممتدة بعد الولادة وصولاً للبلوغ.

ومنه نستنتج أنَّ الصِّبغياتِ الجنسية يُمكن أن تُفسر اختلاف نسبة الذكور والإناث في بعض الأنواع الحيوانية وليس كلها (فبالنسبة للبشر نجد أن الذكور هم الذين يمتلكون نوعين مختلفين من الصبغيات ومع ذلك هم الأكثر عدداً سواءً من ناحية نسب الولادة أو تسب الوصول إلى البلوغ).

الأبحاث المستقبلية يمكن أن تركز على الأسماك. يقول Szekely:’’ تمتلك الأسماك أنظمة مختلفة لتحديد الجنس. ونأمل أن باحثين آخرين سيتصدون لهذا التحدي‘‘.

المصادر:

هنا