الفيزياء والفلك > علم الفلك

بلوتو قد يحوي على سطحه براكين تقذف الجليد بدلاً من الحمم.

أظهرت صورٌ قادمةٌ من المركبةٍ الفضائيةٍ New Horizons التابعةٍ لوكالةٍ ناسا (لمعلومات أكثر عن مهمة المركبة هنا ) قمتينٍ على ارتفاعٍ يقاربُ أربعةَ أميالٍ ( 6كيلومتر ) عن سطح كوكب بلوتو. ويعتقدُ العلماءُ أنّ الخصائصَ الفيزيائيةَ لهذهِ القِمم تشيرُ إلى أنّها ربّما تكونُ عبارة عن براكين. ويقولُ الباحثُ أوليفر وايت أحدُ الباحثينَ في مركز أبحاث أمِيْسْ “Ames” التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا "إنهما قمتانِ غيرُ عاديتين، ولم يلاحَظ مثلُهُما في المجموعة الشمسية."

بلوتو ، العالمُ الجليديُّ الصغيرُ الواقِعُ على حدودِ المجموعةِ الشمسية. والذي بقيَ غيرَ مرئيٍّ بالنسبةِ للعلماءِ حتى تموز 2015، عندما طارَ المِسْبَارُ الفضائيُ New Horizons باتجاهٍ بلوتو مقدماً لنا نظرةً أولى لسطحٍ الكوكبٍ. قبل ذلكَ، كانَ معظمُ العلماءِ يعتقدونَ بأنَّ بلوتو سيثبِتُ بأنهُ صغيرٌ للغايةِ وذلكَ للحفاظِ على الحرارةِ الداخليةِ التي يحتاجُها لاستمرارِ العملياتِ الجيولوجيةِ كالتدفُّقاتِ الجليديةِ والبركانية. إلا أنّ المركبةَ الفضائيّةَ كشفت عن طبقات حديثة التشكّل نسبياً على السطح وبشكل يفوق ما توقَّعه العلماء، ممّا يشيرُ إلى أن العملياتِ الجيولوجية تحدثُ على بلوتو، وأن هناك شيئاً ما يُبقي على الأشياءِ دافئةً تحتَ السطح .

ويمتدُّ الجبلانِ الضخمانُ لمئاتِ الأميالِ عرضاً، ويَقَعانِ على الحافةِ الجنوبيَّةِ للمنطقةِ التي تُشبِهُ القَلبَ على سطحِ بلوتو. وتمَّتْ تسميةُ الجبلينِ “Wright Mons” و “Picard Mons” ، وعلى قمةِ كلٍّ منهما توجدُ فوهَةٌ مركزيةٌ ، وذلكَ يذكرنا بِما يُدعى بالبراكينِ الهَضَبيةِ أو البراكينِ الدِّرعيّة الموجودةِ على الأرض، إلا أنه لا تتدفق منها الحمم المنصهرة وإنّما قطع جليدية في طور الذوبان تتكون من الماء والنتروجين والامونيا والميثان.

يقول وايت: "أيّاً تكُن هاتانِ القمتانِ فهما غريبتانِ للغاية، ولكن الفَرَضّيةُ الأقلُّ غرابةً في هذهِ اللحظة هي أن تكونا بركانين ". وعلى الرغمِ من أنَّ خصائصَهمَا تُظهر تشابهاً كبيراً معِ البراكين ، إلا أن باحث New Horizons جيف مور من مركزِ أبحاثِ أميس “Ames” التابعِ لناسا ، قال بأنّهُم ليسوا جاهِزين بعد للإعلانِ بشكلٍ نهائيٍ بأنَّ هناكَ دليلاً على وجودِ براكينِ الجليدِ على بلوتو.

لا يعرفُ العلماءُ حتى الآن ما الذي يمكِنُه توليدُ الحرارةِ داخلَ بلوتو و الضروريةِ لتكوينِ البراكينِ على سطحه. أحدُ الاحتمالاتِ الممكنةِ هوَ وجودُ طبقةٍ طينية منَ الماء والأموْنيا تتوضّعُ تحتَ السّطح. وقدٍ اقترحَ البحثُ الذي قامَ بإجراءهِ الطالب أليكس تروبريدج والبروفيسور جاي ميلوش من جامعة بورود في الهِند أنه بينما تغوص الموادُ الأبردُ خلالَ الطبقاتِ الباطنيةِ. فإنَّ الموادَ الساخنةَ ترتفعُ مما يؤدي إلى نشاطٍ جيولوجيٍ من الممكن أن يتضمَّن براكينَ جليدية.

هناكَ احتمالٌ آخرُ قام وايت بالتركيزِ عليه أيضاً ولهُ علاقةٌ بالتبريدِ التدريجيِ للنواةِ الصلبةِ ، والتي قد تمّ تسخينُها خلالَ فترةِ تشكُّلِ بلوتو. حيث أنّ الحرارةِ اللازمة لإذابة الجليدِ ستكونُ أقلَّ بكثير من تلك التي نحتاجها لقذفِ الحمم، مما يسمَحُ بالتجميع التدريجيِّ للمادة والتي بإمكانها نظريّاً الانطلاقُ من البركان.

على الرغمِ من استخدامِ مصطلح " البراكين الجليدية " مع أجسام أخرى في المجموعةِ الشمسية ، يقول وايت أن ما يوجدُ على بلوتو فريدٌ من نوعه . فقد عُرِفَ القمر المتجمِّدُ Enceladus التابعُ لزُحل بقَذفِ المواد مِن قُطبهِ الجنوبي، إلا ان مصدرها كان شُقوقاً على سطحِهِ وليس قمماً عليه. وعلى الرُّغمِ من افتراض وجودِ براكينِ الجليدِ على قمرٍ آخر لزحل يدعى تيتان Titan إلا أن وايت قد أشارَ إلى أن البراكينِ الجليدية هذه تم كشفُها عبرَ الرادارات ولا تزال موضعَ جدلٍ. في المقابل فإنَّ الملامح التي ظهرت على بلوتو كانت واضحةً للغاية وتُظهِرُ تشابهاً كبيراً مع البراكينِ على الأرض. يقول وايت " تعدُّ هذه المرة الأولى حيثُ تجري مشاهدةُ مايبدو على أنه براكينُ عالية".

إنّ الحفر الموجودة على هذين المنحدرينِ تقترحُ أنهُما أصغرُ عمراً من تضاريسِ شمالِ بلوتو ، ولكنها ليست من عُمرِ "قَلبِ" بلوتو “Sputnik Planum” أيضاً . لم يستطعِ العلماءُ بعدُ التحقِّقَ من مكوّناتِ هذه الجبال ولكن وايت يقترحُ كونها عبارةً عن جليدٍ نِتروجيني. حيثُ أنَّ طبقةَ الغلافِ الجويِّ الرقيقةَ من المُمكنَ أن تسمحِ بِتَمَيُّعِ الموادِ عبر السطح. وقد كان الجبلانِ يتوضعان على "خط الليلِ والنهار" لبلوتو عندما جَرى تصويرهما من المركبة New Horizons. كما يتوضَّعُ أكبرُ الجبلين Picard Mons في منطقة الشَّفَق، مما يجعلُ من الصعبِ فهمُ مكوناته باستخدام البيانات الحالية. ولكن وايت يأمَلُ بأنَّ البياناتِ القادمة ستكشفُ سرَّ تركيب Wright Mons .

والأكثرُ إثارةً هوَ احتماليةُ أن يكونَ الجبلان جزءاً من حقلٍ أكبرَ من البراكين. حيث أنّ وايت يشيرُ إلى أن الجوارَ القريبَ من الجبلين قد يدلُّ على وجودِ مزيدٍ من البراكينِ الجليدية خارجَ مجالِ رؤية المركبة الفضائية. مع ذلك لا توجد إمكانية لاكتشافها باستخدام البيانات القادمة من المركبة.

المصدر: هنا