الهندسة والآليات > التكنولوجيا

عودة الميزر: هل ستعود التقنية ذات الـ 50 عاما لتستبدل الليزر وتتفوق عليه؟

يُعتبر مصطلح الميزر ( MASER) اختصاراً لـ ( Microwave Amplification by Stimulated Emission of Radiation) و التي تعني باللغة العربية " تضخيم الأمواج الميكروية بواسطة الإصدار المحثوث للإشعاع ". تم تطوير الأجهزة التي تستخدم هذه التقنية منذ حوالي 50 عاماً على يد مجموعة من العلماء و ذلك قبل اختراع أول جهاز ليزر. وعوضاً عن حزمة الضوء الكثيفة التي يطلقها الليزر، فإن الميزر يقوم بتوليد حزمة مركّزة من الأمواج الميكروية.

تعمل تقنية الميزر عن طريق تضخيم الأمواج الميكروية باستخدام بلورات كريستالية كالياقوت ( ruby )، وتُعرف هذه العملية باسم ( Masing ) ، لكن للميزر أثر تكنولوجي بسيط مقارنةً بالليزر وذلك بسبب شروط تشغيله الصعبة و القاسية والتي تتطلب ضغط منخفض يتوجب توفيره عن طريق غرف فراغية ومضخات خاصة أو درجة حرارة منخفضة جداً تقترب من الصفر المطلق ( -273.15 ) درجة مئوية يتم تأمينها باستخدام مجمِّدات خاصة، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة لتحقيق هذه الشروط هو ضرورة تطبيق حقول مغناطيسية قوية مما يتطلّب وجود مغانط كبيرة الحجم.

أمّا الآن، قام فريق من العلماء من المختبر الفيزيائي الوطني (NPL ) والكلية الملكية في لندن بإثبات قدرة الميزر على العمل ضمن حرارة الغرفة بدون تطبيق أي حقل مغناطيسي عليه، ويعني هذا الانجاز أنّ تكلفة تصنيع و تشغيل الميزر يمكن أن تنخفض بشكل كبير، الأمر الذي يجعل استخدام هذه التقنية ينتشر بشكل واسع جداً تماماً كالليزر.

ويقول الدكتور مارك أوكسبورو ( المؤلف المشارك لهذه الدراسة من فريق NPL ): " كان الميزر طي النسيان على مدى نصف قرن، فهو بمثابة ابن عم الليزر قليل الفائدة إلّا أن هذا الإنجاز سيُمَكِّن المُصَنِّعين والمستهلكين من استخدام الميزر على نطاق واسع ".

ويضيف البروفيسور نيل آلفورد ( المؤلف المشارك ورئيس قسم المواد في كلية لندن الملكية ) قائلاً: " لا يوجد أي شخص يعلم تماماً كيف ستستخدم تقنية الليزر عندما تم اختراعها، أمّا الآن فقد ازدهرت هذه التقنية لدرجة أنّنا نرى أشعة الليزر في كل مكان في حياتنا اليومية. ومازال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن تصل تقنية الميزر إلى نفس المستوى" .

كما ذكرنا آنفاً فإن تقنية الميزر تعمل على تضخيم الأمواج الميكروية عن طريق استخدام بلورات غير عضوية كالياقوت ومع ذلك فإن هذه التقنية تعمل فقط عند وضع هذه البلورات ضمن درجات حرارة منخفضة جداّ. لكن قام فريق الباحثون في هذه الدراسة الجديدة باكتشاف نوع مختلف تماماً من البلورات والمُكوّنة من مادة تُدعى ( P-terphenyl ) مُشابهة لمادة أخرى تُدعى ( Pentacene )، حيث بمقدور هذا المُركَّب أن يحل محل الياقوت ويعمل نفس عمله لكن ضمن درجة حرارة الغرفة.

التحدي الأكبر الذي واجهه فريق الباحثين هو جعل الميزر يعمل بشكل مستمر باستخدام ذلك المُركَّب، وهي ذات المشكلة التي واجهها العلماء منذ 50 عاما عند اختراعه، فقد كان يعمل بشكل نبضي ولأجزاء من الثانية فقط في كل مرة. ويسعى الفريق أيضاً إلى جعله يعمل على كامل المجال الترددي للأمواج الميكروية بدلاً من المجال الترددي الضيّق الحالي. ما يجعل من هذه التقنية أكثر فائدة.

كما يملك فريق الباحثين الكثير من الأهداف على المدى الطويل، كتحديد المواد المختلفة المُمكن استخدامها لصنع الميزر والتي تعمل ضمن درجة حرارة الغرفة ويكون استهلاكها للطاقة أقل ممَّا يستهلكه مركب التيرفينيل المُشاب بالبينتاسين. وسيتم التركيز أكثر على ابتكار تصاميم جديدة من شأنها جعل أجهزة الميزر أصغر وأكثر قابلية للحمل.

كما رأينا، سيكون للميزر مستقبل مشرق بالتأكيد وذلك يتوقف على مدى تطويره وقابليّة تشغيله، من يدري ؟ ربّما سينتشر استخدامه على نطاق واسع جداً ليطغى على قريبه ( الليزر ) .

المصدر:

هنا