الهندسة والآليات > الطاقة

التركيب الضوئي الاصطناعي تحت الماء للحدّ من تغيُّر المناخ

توالت الأبحاث والدراسات المهتمّة بتغيّر المناخ وانبعاثات الغازات الدفيئة واحدةً تلوَ الأخرى حتّى توصّلت آخرها ليس فقط إلى التقاط الانبعاثات وإنّما الاستفادة منها باستخدام الطاقة الشمسية لتنتج واحدة من أهم تكنولوجيات المستقبل والتي تدعى التركيب الضوئي الاصطناعي .

تقوم النباتات بعمليّة التركيب الضوئي الّتي تستخدم فيها طاقةَ الشمس لدمج المياه وغاز ثاني أوكسيد الكربون مكوِّنةً السكريّات الّتي تمثِّلُ الوقود لاستمرار حياة النبات .

أمّا التركيب الضوئي الاصطناعي فهو عمليّةٌ مستوحاةٌ من النباتات إلّا أنّها تتمّ بدمج المياه مع غاز ثاني أوكسيد الكربون المُلتقَط باستخدام طاقةٍ مُستمَدّةٍ من خلايا شمسيّةٍ مُخصّصة ثمّ إنتاج وقودٍ صناعيٍّ كالغاز الطبيعي.

بعد التقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون وضغطِه يتمُّ عادةً احتجازه ضمن طبقات الأرض وهو أحد الحلول للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الحراريّ،

وسبق وتحدّثنا عن هذه العمليّة في مقالاتٍ سابقة هنا

ويمكنكم مشاهدة تفاصيلها بالفيديو: هنا

قام باحثون في جامعة ستانفورد بطرح فكرةٍ جديدةٍ وهي استخدام عمليّة التركيب الضوئي الاصطناعي تحت الماء بعد التقاط انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون لإنتاج وقودٍ منه، وذلك بتطوير خلايا شمسيّةٍ من شأنها أن تكون جزءاً من نظامٍ أوسع لمكافحة تغيُّر المناخ، حيث يتمّ نقل الغازات الدفيئة من المداخن أو الغلاف الجوي بأنابيب إلى خزّاناتٍ كيميائيّةٍ ضخمةٍ وشفّافة، وتقوم الخلايا الشمسية داخل الخزّانات بتحفيز تفاعلاتٍ كيميائيّةٍ لتحويل الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري مع الماء إلى ما يُسمّى "وقود الطاقة الشمسية."

واجهت تقنيّة التركيب الضوئي الاصطناعي حتى يومنا تحدِّيَين: الأوّل كان تآكل الخلايا الشمسيّة العاديّة المصنوعة من السيليكون تحت الماء، والثاني عدم قدرة الخلايا الشمسيّة المضادّة للتآكل على التقاط كميّةٍ كافية من أشعّة الشمس تحت الماء للقيام بالتفاعلات الكيميائيّة المطلوبة للعمليّة.

توصّل الباحثون في هذه الدراسة إلى كيفيّة زيادة الطاقة الّتي تأخذها الخلايا الشمسية المقاومة للتآكل، مُسجّلين رقماً قياسيّاً لإنتاج الطاقة الشمسية تحت سطح الماء.

مضت سنواتٌ من العمل على تطوير الخلايا الشمسيّة الّتي بإمكانها العمل في الماء الحاوي على الغازات الدفيئة، في عام 2011 تمّ حلّ مشكلة التآكل في هذه الخلايا وذلك من خلال طلاء الأقطاب بطبقةٍ واقية من ثاني أوكسيد التيتانيوم الشفاف، وهي طبقةٌ رقيقةٌ جداً بحيث تحتاج إلى 25 ألف طبقةٍ منها لتتشكّل طبقة واحدة بسماكة الورقة، فكان هذا الجيل الأوّل من الخلايا الشمسيّة المقاوِمة للتآكل تحت الماء والّتي كانت فعاليّتها في التقاط الجهد الكهربائيّ للضوء النافذ عبر الماء ضعيفةً جداً.

أمّا اليوم فقام الباحثون بتطوير هذه الخلايا بإضافة طبقةٍ مشحونةٍ من السيليكون بين أوكسيد التيتانيوم وخلية السيليكون الأساسية، فتنتج خلايا مؤلّفة من ثلاث طبقات لكلٍّ منها وظيفةٌ إلكترونيّةٌ مختلفةٌ، تقع طبقة السيليكون النشِطة في الجزء السفلي فتمتصّ أشعّة الشمس وتحفِّز الإلكترونات، تتوضّع فوق هذه الطبقة طبقة ثاني أوكسيد السيليكون المشحونة المعزِّزة الجديدة الّتي تزيد من الجهد الكهربائي، وفي الأعلى تأتي طبقة ثاني أوكسيد التيتانيوم الشفافة لتختتم النظام وتمنع التآكل إضافةً لدورها كناقل، و تُغلَّف هذه الطبقات الثلاث بالإيريديوم الّذي يشكّل الحافز للسماح بلقاء جزيئات CO2 مع H2O، الكهرباء المنتقلة من الأسفل تفكّك الرابطة الكيميائيّة لهذين الجزيئين ثمّ تعيد ضمّ العناصر لإنتاج الأوكسجين النقي وغاز الميتان الطبيعي (CH4)، فيعمل هذا النظام بمثابة بطاريّةٍ بالاتجاه المعاكس لعمليّة التركيب الضوئي الاصطناعي.

النتائج النهائيّة من هذه الدراسة مهمّةٌ ليس فقط لأنّها تعرضُ تحسّناً في أداء خلايا السليكون للتركيب الضوئي الاصطناعي، ولكن أيضاً لمساهمتها في إنشاء قواعد التصميم اللازمة لتحقيق الأداء العالي لمجموعةٍ واسعةٍ من أنصاف النواقل المختلفة، وطبقات الحماية من التآكل والمواد المحفّزة، ومن المتوقّع في غضون خمس سنوات، أن يكون لدينا أنظمةً كاملة من التركيب الضوئي الاصطناعي التي تحوِّل الغازات الدفيئة إلى وقود.

للمزيد من التفاصيل حول كيفيّة تطوير الخلايا الشمسيّة يمكنكم الاطلاع على الدراسة كاملة:

هنا

المصدر :

هنا