الفيزياء والفلك > فيزياء الليزر

ليزر قد يجعل المواد أكثر سخونةً من الشمس بسرعة فائقة.

هل من الممكن تصور أن بإمكان الليزر تسخين المواد لدرجات حرارة أكثر سخونة من الشمس في أقل من 20 جزء من كوادريليون جزء من الثانية (الكوادريليون هو مليار مليون). حسب بحث جديد فإن هذا الشيء ممكن.

قام باحثو قسم الفيزياء النظرية في الكليّة الملكيّة بلندن بابتكار آلية تسخين فائقة السرعة، ووفقاً لاعتقادهم فإن الآليّة باستطاعتها تسخين موادٍ محددةٍ لعشرةِ ملايين درجة مئوية في مدّة أقل بكثير من 1 من مليون مليون جزءٍ من الثانية. هذه الطريقة قد تُساعدُ كثيرًا في أبحاثٍ جديدةٍ تُجرى في مجال الطاقة النوويّة الحراريّة، حيث يسعى العلماء من خلالها على تقليد قُدرة الشمس في انتاج الطاقة النظيفة.

تأتي الطريقة الجديدة لتكون أسرع بـ 100 مرة من الطرقِ الحاليةِ المُستخدمة في تجارب الاندماج النوويّ المعتمِدة على نظام الليزر الأكثر طاقة في العالم والموجود في مختبر "لورانس ليفرمور الوطني" في كاليفورنيا.

لسنواتٍ عديدةٍ والعلماء يستخدمون الليزر عالي الطاقة لتسخين المواد كجزءٍ من سعيهم لإنتاج طاقة اندماج نووي. وفي هذه الدراسةِ الجديدة كان علماء الكليّة الملكيّة يبحثون عن طرقٍ لتسخين الأيونات التي تُشكّل معظم المادة وذلك بشكلٍ مباشر.

عادةً عندما يتم تسخين مادة ما بالليزر فإن الطاقة تنتقل من الليزر لتُسخّن الكترونات المادة الهدف أولاً، لتقوم الالكترونات بدورها بتسخين الأيونات، ما يجعل العملية تجري بشكل ابطأ من طريقة تسخين الأيونات مباشرة.

اكتشف الباحثون في دراستهم أنه عند إطلاق حزمة ليزر عالية الكثافة على نوعٍ محدد من المواد، فإنها تَخلق موجة صدمة من الكهرباء الساكنة تقوم بتسخينِ الأيونات مباشرة.

يقول المؤلّف الرئيسي للورقة البحثية الدكتور "آرثر توريل" :"إنها نتيجة غير متوقعة أبداً، واحدة من المشاكل المتعلقة بأبحاث طاقة الاندماج كانت دائماً تتمثل في عدم القدرة على إيصال طاقة الليزر مباشرةً إلى المكانِ المناسب في الوقت المناسب، وجاءت هذه الطريقة الجديدة لتحل هذه المشكلة".

عادةً ما تقوم موجة الصدمة الكهربائية الساكنة المولَّدة بالليزر بدفع الأيونات أمامها، دافعةً إياها إلى التسارع بعيداً عن موجة الصدمة لكنها لن تسبب زيادة حرارتها. ومع ذلك، وجد فريق الباحثون عند استعانتهم بالنمذجة الحاسوبية الفائقة، أنه وفي حال احتواء المادة على تراكيب خاصة من الأيونات فإنها ستتسارع بفعل موجة الصدمة بسرعاتٍ مختلفة، هذا بدوره يُولّد احتكاكاً، ما يسبب التسخين السريع للمادة. وهذا التأثير يكون وضحاً وأكبر في المواد الصلبة التي تحوي نوعين من الأيونات كالبلاستيك مثلاً.

يَشرح الباحث المشارك في الدراسة الدكتور كارك شيرلوك:"نوعا الأيونات المختلفين هما كعُلبةِ الكبريت وأعوادها، أنت بحاجة لكلاهما لإشعال النار"، ويضيف: "حزمةٌ من أعوادِ الكبريت لن تشتعل لوحدها، أنت بحاجة للاحتكاك الناتج عن ضربهم بالعلبة."

عند دراسة التأثير في المواد المحتوية على نوعٍ واحدٍ من الأيونات يختفي تأثير التسخين السريع فوراً. كما أن عمليّة التسخين سريعة للغاية لأن المادة الهدف تكون كثيفة جداً، حيث تُضغط الأيونات معاً إلى ما يقارب عَشر أضعاف الكثافة الأصلية للمادة خلال مرور موجة الصدمة، ممّا يؤدي ليكون تأثير الاحتكاك أقوى بكثيرٍ ممّا هو عليه في موادٍ أقل كثافة، كالغازات مثلاً.

التقنية هذه إن أُثبتت تجريبياً، فإنها ستكون التقنية الصُنعيّة ذات معدّل التسخين الأسرع على الاطلاق لعدد كبير من الجسيمات.

يختتم الدكتور توريل:"التغيّرات الأسرع في درجات الحرارة تحصل عندما تَسحق الذرات بعضها البعض في المُصادمات، مثل مُصادم الهدرونات الكبير، لكن تلك الاصطدامات تحصل بين كل زوج مفرد من الجسيمات. أما طريقتنا المُقترحة فهي على العكس، يُمكن إجراءها في العديدِ من منشآت الليزر المنتشرة حول العالم، حيث بمقدورها تسخينُ مواد كثيفة وصلبة."

المصدر: هنا