الهندسة والآليات > الالكترونيات

دارات الكترونية تتغير وتختفي .... من أفلام الجواسيس إلى الواقع البحثي

يأتي البطل بشريط يسجل عليه معلومات دقيقة، يوصلها بعد معاناة إلى زملائه ليتفجر ذلك الشريط بعد استلامهم المعلومات، يبدو أن سيناريو المسلسل الجاسوسي التالي سيصبح واقعياً بفضل ما توّصل إليه باحثوا معهد جورجيا بمجال إخفاء الدارات الالكترونية.

مهام مختلفة لدارة واحدة:

بشكل عام تهدف كل أبحاث الدارات الالكترونية إلى جعل هذه الدارات أصغر فأصغر مع الحفاظ على فعاليتها الوظيفية، ولقد كان مسعى صناعة داراتٍ تتغير مع الزمن أو حتى تختفي مهملاً بشكل كبير وكان ظهوره يقتصر على المسلسلات الجاسوسية التي كانت تعرض في الستينات والتي تم اعادة إحياءها في الأفلام الحالية.

في الأونة الأخبرة أخذَ باحثون من معهد جورجيا التقني على عاتقهم تحديًّ صنع دارات الكترونية مع الزمن وربما تمكنوا من الوصول إلى تقنية سيكون لها تطبيقات جديدة في مجال الطب الحيوي وذلك في دراسة نشرت في مجلة NANOSCALE حيث قام باحثوو المعهد بترسيب ذرات الكربون على الغرافين باستخدام عملية تركيز إشعاع من الالكترونات وذلك لخلق أنماط على الغرافين تتطور مع الوقت.

صرّح البروفيسور أندريه فيدروف في بيان صحفي قائلاً "سنكون الآن قادرين على صنع دارات الكترونية تتطور مع الزمن " وأضاف "يمكنك تصميم دارة تقوم بمهمة محددة الآن ولكن بعد انتظار يوم حتى ينتشر الكربون على سطح الغرافين ستختفي هذه الدارة، سيقوم الجهاز الكهربائي بمهمة ما اليوم وغداً سيقوم بشيء مختلف كليا ".

مجال بحثي غير مطروق:

يعترف باحثوا جورجيا التقنية بأنهم في البداية كانوا يحاولون فقط اكتشاف كيفية إزالة ملوث الهيدروكربون من مادة الغرافين، وهذا دليل أكبر على أن أبحاث إخفاء الدارات لم تكن موجودة أو نادرة على أكثر تقدير، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا أنه عند ترسيب ذرات الكربون على الغرافين بامكانهم خلق أنماط، وساهمت هذه الانماط في تشكيل مناطق سالبة الشحنة في الغرافين، ولكن ما استرعى انتباههم على وجه الخصوص كان اختفاء تلك الأنماط وبالتالي تغيّر طبيعة الدارة أي بعد امتداد انتشار الكربون المكوّن للأنماط على سطح الغرافين بشكل متجانس، ويحوّل هذا التغيير الحاصل خلال عشرات الساعات الأسطح الموجبة (المناطق المشوبة بذرات موجبة) (P-Doped) إلى أسطح تنتشر عليها الشحنات السالبة بشكل متجانس (أي اصبحت مشوبة بذرات سالبة) (N-Doped) كما يشكّل أيضاً منطقة تماس وسطية (P-N junction) خلال فترة هذا التحول.

الآلية بشكل تفصيلي:

يتألف الغرافين من ذرات كربون مرتبة في شبكة محكمة، وهذه البنية الفريدة من نوعها تعطي خصائص مميزة للالكترونات وهذا ما قاد إلى أبحاث ودراسات موسعة عن الغرافين بصفته مادة ذات إمكانيات جديدة محتملة في التطبيقات الالكترونية المتقدمة، ولكن يبقى الغرافين مكوناً من ذرات الكربون وعند ترسيب ذرات كربون عادية على شكل أنماط محددة تبدأ هذه الذرات بالتحرك ببطء على سطح الغرافين، ويمكن التحكم بسرعة حركة الذرات بتغيير درجة الحرارة أو بتشكيل بنية ذريّة توجّه حركة الذرات ، كما يمكن أيضاً تجميد هذه الحركة باستخدام شعاع ليزري يحوّل الكربون إلى الغرافيت (أحد أشكال الكربون أيضاً).

هناك طرق عديدة لتنظيم الحالة الدينامية لذرات الكربون، إما من خلال تغيير درجة الحرارة لأن ذلك يسيطر على معدل إنتشار الكربون، أو بتغيير حالة الكربون فإنّ الكربون المرسب من خلال عملية الترسيب المحرض باستخدام اشعاع الالكترونات المركز (عملية FEBID ) يرتبط مع الغرافين برابطة فاندرفالس الضعيفة وهذا ما يمكّن الكربون من التحرك على سطح الغرافين.

ويرى فيديروف إمكانية لتصنيع آليات تحكم بسيطة تستخدم أنماط الانتشار لإطفاء وتشغيل عمليات محددة في فترات محددة وبالتالي يمكن استخدام هذه التقنية لتوقيت إطلاق المواد الصيدلانية أو العمليات الطبيّة الحيوية الأخرى.

بالامكان كتابة أي معلومات بلغة الأصفار والواحدات ونقلها للآلة عن طريق شعاع الالكترونات وبعد ساعتين من الزمن ستختفي المعلومات نهائيا بدلاً من الاعتماد على خوارزميات معقّدة للسيطرة على المعلومات والتي يجب تنفيذها من قبل معالج دقيق يمكن تغيير الحالة الديناميكية للجهاز الإلكتروني نفسه.

المزايا في مجال الطب الحيوي:

شرح البروفيسور أيضاً أنّ البنية الالكترونية ستتغير مع الزمن وهذا سيؤدي إلى صناعة أجهزة يمكن إعادة تشكيلها خاصّةً وأنّ عملية ترسيب الكربون لا تتم باستخدام غشاء من الكربون ولكن باستخدام شعاع من الالكترونات يستهدف بدقة المناطق التي يُرغَب بتحولها إلى أماكن سالبة للشحنة.

بينما قد عُرضت تطبيقات هذا الاختراع في المجال الأمني بشكل واضح في الانتاج التلفزيوني والسينمائي ( مثل سلسلة أفلام المهمه المستحيلة Mission Impossible حيث ظهرت أدوات الكترونية قابلة للتدمير الذاتي بعد مرور فترة محددة من الزمن) يقترح الباحثون استخدامات متعددة له في مجال الطب الحيوي والصيدلي.

وأضاف فيدوف في البيان الصحفي " ربما يكون هناك عمليات يراد تنشيطها أو إثارتها يمكنها الاستفادة من هذا السلوك في الأجهزة الالكترونية التي تتغير مع الزمن "، ويتوجه سعي المعهد الآن نحو أبحاث متقدمة في إيجاد تطبيقات لا يمكن تحقيقها بدون هذا الاختراع.

مجالات عديدة تبدو واعدة أمام هذه التكنولوجيا الحديثة الدراسة، ما الذي تخبّئه الأيام في مجال تطوّر وإخفاء الدارات؟

المصدر:

هنا