الهندسة والآليات > التكنولوجيا

شاشات عرض عالية الدقة قابلة للطي: ثورة جديدة في صناعة الثنائيات الباعثة للضوء LED

من المعروف في عالم الإلكترونيات أن الثنائيات الباعثة للضوء LEDs تُشِع ضوءاً وحيد اللون فقط (يتم تحديده خلال عملية التصنيع) وحتى الآن لم يتمكن الباحثون من تعديل لون الضوء الخاص بالـ LED على الرغم من المحاولات العديدة. ولكن مؤخراً وفي دراسة جديدة تمكن العلماء من تغيير لون الضوء الذي ينتجه الـ LED بحيث يولِّد جميع ألوان الطيف المرئي من الأزرق (بطول موجة 450 نانومتر) إلى الأحمر (بطول موجة 750 نانومتر) ما عدا اللونين الأزرق القاتم والبنفسجي القاتم.

تمت عملية تصنيع هذا الثنائي القابل لتغيير اللون من الغرافين (المادة التي حققت نجاحات مذهلة في عدد من المجالات من صناعة البطاريات إلى الخلايا الشمسية إلى أنصاف النواقل). ويعتبر هذا الاكتشاف الأول من نوعه من حيث تصنيع ثنائيات ضوئية من الغرافين.

تشمل تطبيقات الـثنائي الضوئي الجديد: الشاشات ذات الجودة العالية والألوان المميزة والخاصة بأجهزة التلفاز والهاتف المحمول وأجهزة الإنارة، بالإضافة إلى أنها قد تدخل في صناعة الأجهزة الضوئية في المستقبل.

ولكن ما السر وراء هذا الاكتشاف الجديد؟

قام باحثون في جامعة تسينغوا في بكين بصناعة المادة الباعثة للضوء من الطبقة المتشكلة من تلامس مادتين مختلفتين من الغرافين. هذه المواد هي أكسيد الغرافين (GO) والذي يتم إنتاجه من الغرافيت الرخيص و أكسيد الغرافين المخفف (rGO) الذي هو عبارة عن شكل بدائي من الـ GO.

إن الطبقة المتشكلة نتيجة تلامس GO و rGO هي نوع خاص من الـ GO المخفَّف بشكل جزئي والذي يتمتع بخصائص بصرية وفيزيائية وكيميائية تقع بين GO وrGO.

وتُعتَبر الخاصية الأكثر أهمية لهذه الطبقة البينية هي أنها تتمتع بسلسلة من مستويات الطاقة المنفصلة، الأمر الذي يسمح لها بإصدار الضوء بطاقات وألوان مختلفة. لكن الأمر المثير للاهتمام في هذه الخاصية هي أن كل من GO وrGO (أو أي شكل آخر من الغرافين) لا يستطيع إرسال أي ضوء على الإطلاق عند وجوده بصورة مفردة، وذلك لأنها لا تملك الحجم المناسب من "فجوة الحزمة bandgap" والتي هي عبارة عن الفجوة بين حزمتي طاقة واللازمة للالكترونات كي تعبرها حتى تنقل الكهرباء أو تصدر ضوء. حيث تملك GO فجوة حزمة كبيرة للغاية، بينما rGO لا يملك أي فجوة لحزمة الطاقة.

بدلاً من وجود فجوة الحزمة في مكان ما بين GO وrGO، فإن الطبقة البينية المخففة جزئياً لديها حزمة فجوات وسيطة نتيجة لدمج المادتين معاً وذلك بسبب اندماج الجزيئات النانوية لـ rGO في طبقة GO.

تملك الجزيئات النانوية لـ rGO مستويات طاقة مختلفة وبالنتيجة إصدار ألوان مختلفة وذلك بسبب انخفاضها بشكل ملحوظ في الطبقة البينية، يمكن تعديل مستويات الطاقة هذه بسهولة عن طريق تغيير الجهد المطبق أو بالإشابة الكيميائية التي تحفز بشكل انتقائي لون واحد من الإضاءة وتمكن من تغيير لون الـ LED.

وجد الفريق الباحث أن الجمع بين GO وrGO يمكن أن يخلق مادة ناقلة ذات فجوة حزمة كبيرة، ومن المعروف أن الغرافين لا يملك فجوة حزمة وهنا كانت المفاجئة أن واجهة GO/rGO (القائمة على الغرافين) يمكن أن تصدر ضوء.

التطبيقات العملية

يمهد اكتشاف هذه الظاهرة (الإضاءة من نظام قائم على الغرافين) الطريق نحو استخدام الغرافين كمصدر للإضاءة في الأجهزة الضوئية. حيث أن الـ ثنائي ذو اللون القابل للتغيير مرغوب جداً في شاشات الإظهار عالية الدقة والمصابيح الكهربائية، وذلك بسبب تغير اللون عند الاستجابة لمواد كيميائية محددة، كما يمكن استخدامه في تطبيقات الاستشعار.

يمكن للثنائي الضوئي المصنوع من الغرافين العمل أيضاً في تكنولوجيا الإظهار المرن (التي تحتاج إلى مزيج من الـثنائي الضوئي الأحمر والأخضر والأزرق) بحيث تغطي الطيف المرئي بأكمله، على اعتبار أن الثنائي التقليدي يصدر طول موجة محدد من الضوء.

تابعوا معنا الفيديو التالي الذي يوضح استخدام تقنية الغرافين في الشاشات:

خلال العمل قام الباحثون بتصميم وتصنيع 20 ثنائي من الغرافين، و كانت نتائج الاختبار جيدة من حيث الإضاءة ولكن الفعالية كانت منخفضة. كما وجد الباحثون أيضاً عيباً آخر في النموذج الحالي ألا وهو العمر القصير جداً من حيث الإضاءة (أقل من دقيقة واحدة في الظروف الطبيعية وحوالي ساعتين في الفراغ)، ويعزو الباحثون العمر القصير إلى عملية الأكسدة في الهواء ويعتقدون أن الطلاء الواقي يمكن أن يحل المشكلة. وعلى الرغم من التحديات فإنه من المتوقع أن يكون للثنائي المصنوع من الغرافين مستقبل تجاري مشجع نظراً لإمكانية ضبط اللون بدقة والهيكل المدمج وسهولة تصنيعه.

يعتقد الباحثون أنه يمكن تحسين كفاءة ثنائي الغرافين بدمجه مع مواد نصف ناقلة من النوع N، كما يمكن تحسين العمر القصير بإغلاق الفراغ بشكل جيد، ويتوقعون أيضاً أن يبدأ التسويق التجاري خلال عدة سنوات على اعتبار أن طريقة تصنيعه بسيطة ومنخفضة التكلفة. فمثلها مثل أي تقنية جديدة على الرغم من وجود بعض التحديات إلا أنها تَعِد بمستقبل باهر لشاشات العرض المرنة.

المصدر:

هنا