الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة

التربة.... لم نحتاجها في الزراعة ولم نريد الاستغناء عنها؟

ببداية سلسلة "الزراعة دون تربة" لازم نعرف قبل ما نفكر بالزراعة بدون تربة, شو هي التربة وشو سبب حاجتنا إلها, وكيف وليش فكرنا نستغني عنها ؟؟؟؟

التربة أساساً مكونة من المعادن والمادة العضوية, المادة العضوية مصدرها النباتات والحيوانات المتحللة والأحياء الدقيقة أما المعادن فهي ناتجة عن تجوية الصخور (الحت).

النبات (الكائن ذاتي التغذية والأساسي بالسلسة الغذائية) يحتاج ليقدم لنا الغذاء إلى مجموعة شروط بعضها مناخية (فوق سطح الأرض) وبعضها أرضي.

يحتاج النبات إلى أن يتواجد جذره في التربة التي تتوفر على:

ماء, هواء, وغذاء مثله مثل أي كائن حي مع شرط إضافي هو الدعم الميكانيكي فالنبات يحتاج لأن يكون جذره مثبتاً في التربة حتى يستطيع الارتكاز والنمو واقفاً بحيث يتعرض مجموعه الخضري للتهوية والشمس أولاً وبحيث يتمكن من مقاومة الرياح ثانياً. يوجد شرط أخير هو الظلمة فالجذور ذات انجذاب سلبي نحو الضوء بفعل الهرمونات الموجودة فيها.

التربة بنية مسامية (حبيبات بينها فراغات مملوءة بالماء والهواء) لذلك فهي توفر التهوية والماء اللازمين للجذور. التربة أيضاً كما ذكرنا تحوي المعادن وهي تعتبر غذاء النبات فالنبات لا يستطيع امتصاص جزيئات عضوية عملاقة عبر جذوره مثل البروتينات, السكريات ..... الخ كما نفعل نحن بل بحاجة إلى المعادن حتى يبني غذائه بنفسه.

التربة بثقلها تمسك بجذور النباتات التي تنمو متفرعةً ضمنها وبالتالي تؤمن الدعم الميكانيكي المطلوب. أخيراً التربة مظلمة فالضوء لا يخترقها.

والنتيجة: التربة هي المكان المثالي لنمو النبات, لكن, هناك مجموعة مشاكل.

مؤخراً (والمقصود في العصر الحديث منذ 1627 م) وبسبب التكلفة العالية لإنتاج الخضار الناتجة عن الحاجة لإيجاد أراضي زراعية مناسبة, بدء التفكير بالتوجه نحو الاستغناء عن التربة في الزراعة.

التمدن أدى إلى تقليص كبير في المساحات القابلة للزراعة في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على الغذاء. بالإضافة لذلك فإن استخدام التربة للزراعة يتمخض عن العديد من المشاكل المرتبطة بالتربة مثل:

1- الحاجة لاستخدام المبيدات الضارة بالإنسان والبيئة لمكافحة الديدان الخيطية (النيماتودا), الحشرات (خاصةً التي تنشأ في التربة soil born disease) والأعشاب الضارة التي تنافس محاصيلنا على الماء والغذاء وضوء الشمس؛

2- الحاجة لأموال إضافية لمكافحة هذه الآفات بالتبخير (ضخ بخار الماء الساخن في التربة المغطاة برقائق البولي إيثلين)؛

3- الحاجة لكميات مياه كبيرة لري التربة بسبب الفقد الحاصل بالتبخر والرشح إلى باطن الأرض, خصوصاً أن المياه الصالحة للري والشرب في تناقص مستمر؛

4- مشاكل الحموضة والتملح فبعض الترب تعاني من رقم حموضة (pH) عالي أو منخفض بحيث لا تستطيع الجذور امتصاص العناصر اللازمة لنموها كما أن الملوحة تحرم الجذور من امتصاص الماء؛

5- زحف الصحراء وتدهور الترب والتعرية الريحية بالإضافة لمشاكل ميكانيكية مثل الرص الذي يحرم النباتات من التهوية اللازمة.

وجود المشاكل السابقة دفعنا إلى التفكير ؟؟؟ ماذا لو استطعنا أن نقدم للنبات ما يحتاجه من التربة بالمقادير المثالية ؟؟؟ إذا استطعنا فعل ذلك فلن نستغني عن مشاكل التربة وحسب بل سنصل إلى كمية الإنتاج المثالية التي يستطيع النبات أن يقدمها مما يعني نتاج غذاء أكثر!!

ترقبونا في المقال القادم لنعرف كيف!