التعليم واللغات > اللغويات

ما هيَ علاقةُ التستوستيرون بلغةِ النساءِ والرّجال؟

لطالما انجذبَ الاختصاصيون والباحثون إلى دراسةِ الاختلاف بين الرجل والمرأة على كافةِ الأصعدة ومن ضمنها اللغة وانتقاء المفردات واختلافها، في مقالنا التالي نحاول أن نسلّط الضوء على إحدى الدراسات التي تناولت هذا الجانب من الاختلاف بينهما.

فما علاقة هرمون التستوستيرون باللغة؟ وما مدى تأثيره على طبيعة المفردات المنتقاة وأسلوب النقاش والثرثرة إن صحّ التعبير؟!

ما هيَ علاقةُ التستوستيرون بلغةِ النساءِ والرّجال؟

دراسةٌ جديدةٌ تكشفُ عن تأثيرِالتستوستيرون في بناءِ الاختلافاتِ بين اللغةِ التي يتحدُثها الرجال مقارنة بتلك التي تتحّدثها النساء.

تُعدُّ المغالاة في تأكيدِ الاختلاف بين تكوين دماغ المرأةِ والرّجل إحدى السّماتِ المسيطرةِ على أيّ دراسةٍ بحثيّةٍ في هذا المجال، إلّا أن هذه المبالغة في شرح هذا الاختلاف تؤثرُ سلباً على بعض الحقائق وتصل بها أحياناً إلى حدّ التشويه والهراء.

فعلى الرّغم من أنّ النساءَ البالغاتِ تمِلْنَ إلى التحدّثِ أكثرَ من الرجالِ في بعضِ المناسبات وهو الأمرُ الذي أدّى بدورِه إلى نشوءِ إعتقادٍ سائدٍ لدى الكثيرِ بأن النساءَ أكثرَ كلاماً من الرجالِ، إلا أنّ العديدَ من الدراساتِ القائمةِ في هذا المجالِ تضحدُ هذا الإعتقادَ وتؤكّدُ بالأرقامِ بأنّ كلا الجنسين ينتجُ ما يقارب 16000 كلمةً في اليومِ الواحدِ. فعلى سبيلِ المثال، لا يَخفى على أحدٍ بأنّ الإناثَ تبدأُ بالكلامِ خلالَ فترةِ الطفولةِ باستخدامِ لغةٍ أكثرَ تعقيداً وتطوراً قبلَ الذكورِ بفترةٍ ليست بقصيرة، في وقتٍ يتأخرُ فيه الذكورُالمتمتّعون بنِسبٍ أعلى من التستوستيرون بطبيعةِ الحال عن البدءِ بالكلام.

وقد أثار هذا الأمرُ شهيةَ العلماءِ للبحثِ عن الأسبابِ التي تقفُ وراءَ هذا التباينِ الزمنيِّ والتي تمحورت بمجملِها حولَ ثلاثِ نقاطٍ رئيسيّةٍ تتمثلُ بتفاوتِ مستوى الاختلاطِ الاجتماعيِّ بين الجنسين، واختلافِ معدّلاتِ "بروتين اللغة" المتواجدِ في الدّماغ، والكيفيّةِ التي يتعاملُ فيها الجسمُ مع هرمونِ التستوستيرون.

وفي هذا السياق، فقد قامت الكليةُ الأوروبيّةُ لعلمِ الأدويةِ النفسيّةِ والعصبيّةِ مؤخراً بالكشفِ عن دراسةٍ تصويريةٍ للدماغِ أكدّت من خلالِها بأنّ هرمونَ التستوستيرون قد يكونُ عاملاً محوريّاً في عمليّةِ فهمِ الآليّةِ التي يقومُ من خلالِها الرجالُ والنساءُ باستخدامِ اللغةِ والتفاعلِ الاجتماعيّ.

وهذا ما يتوافقُ مع بعضِ الدارساتِ السّابقةِ التي أُجريت في هذا المجالِ والتي كَشفتْ بأنّ هرمونَ التستوستيرون يعملُ على تثبيطِ معدّلاتِ "الثرثرة"، الأمرَ الذي لم يتمَّ إثباتُه قطعياً حينّها من قِبَل القائمين على الدراسةِ وذلك لعدمِ قدرتِهم على إدارةِ نسبةِ هرمون التستوستيرون العاليةِ مقارنةً بالأشخاصِ الأصحّاءِ، حيثُ ساهمَت مجموعةٌ من النساءِ المتحوّلات جنسياً في تطويرِ هذه الدراسةِ القائمةِ حولَ تأثيرِ هرمون التستوستيرون على الدماغِ وذلك من خلال أخذِهم طوعاً لجرعاتٍ عالية من الهرمون بهدف اكتسابِ سماتٍ أكثرّ ذكورية.

وقد توصّل العلماءُ بعد إجرائِهم لمسحٍ دماغيٍّ لما يقاربُ من 18 شخصٍ من هؤلاء قبلَ وبعدَ تلقّيهم لجُرعات التستوستيرون إلى أنّ المادةَ الرماديّةَ في منطقةِ بروكا ومنطقةِ فيرنيكا (مناطقُ اللغةِ في الدماغ) قد انخفضت بشكلٍ ملحوظٍ، في وقتٍ ارتفعت فيه نسبةُ المادّةِ البيضاءَ التي تعملُ على ربطِ تلك المنطقتين. ومن جانبِه فقد أشارَ أندرياس هان، أحدُ القائمين على الدراسةِ والذي يعملُ في "جامعة فيينا الطبية"، إلى أنّ انخفاضَ المادةِ الرماديّةِ من شأنِه أن يساهمَ في العملِ على تقويةِ الاتصالات بين مناطقِ اللغةِ في الدماغِ. كما أوضحَ روبرت لانزينبيرغر من فيينا أيضاً بأنّ هذا الاكتشافَ يحيلُ أصلَ الاختلافِ بين تكوين دماغِ المرأةِ والرجلِ إلى طبيعةِ الهرمونات الجنسيّةِ المختلفة.

والجديرُ بالذّكرِ، أنّ معدلاتِ هرمونِ التستوستيرون تتفاوتُ بشكلٍ طبيعيٍّ بين الرجالِ والنساء، إلا أنّ هذه الدراسةَ قد ساهمت في تسليطِ الضّوءِ على دورِ هذا الهرمونِ المحوريّ في إختلافِ الطّبيعةِ اللغويةِ بين الجنسين.

المصادر:

هنا

هنا ECNP/Press/AMS2015/Hahn PR FINAL.pdf

صور توضح نتائج المسح الدماغي: