الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

مسألة مولينو

 

هذه المسألة تعد تجربة فكرية رائدة في الفلسفة تتحدث عن استرجاع مفاجئ للبصر، وضعت برسالة وجهها عام 1688 العالم والسياسي الإرلندي وليام مولينو إلى الفيلسوف جون لوك والذي نشرها لاحقاً في مقاله عن الفهم الإنساني. والدافع الرئيسي للبحث في هذه المشكلة لدى مولينو هو إصابة زوجته بالعمى في السنة الأولى من زواجهم.

 

تتحدث هذه المشكلة عن رجل ولد أعمى، وقد درب على تميز الاختلافات بين الكرة والمكعب عن طريق اللمس، فهل سيتمكن من تمييز هذين الجسمين بالبصر دون لمسها إذا ما أتيحت له فجأة القدرة على الرؤية؟

 

ويرى مولينو في رسالته الموجهة إلى لوك أن هذا الشخص الأعمى الذي استعاد بصره فجأة لن يتمكن من تمييز المكعب والكرة بصريا، لأنه قد اكتسب خبرة لكيفية تأثير هذين الشكلين على حاسة اللمس، إلا أنه لم ينل تجربة تأثيرهما على بصره. وهذا ما أيده #جون_لوك في مقاله.

 

وفي عام 1709، خلص جورج بيركلي في كتابه "نظرية جديدة للرؤية" أيضاً أنه لا توجد علاقة ضرورية بين العالم اللمسي والعالم البصري، وأن اتصالاً كهذاً لا يمكن أن يتأسس بينهما إلا عن طريق التجربة والخبرة.

 

لقد استهوت مسألة مولينو العديد من الفلاسفة، والمهتمين بالمواضيع الفلسفية، كبيركلي وليبنز وفولتير، وفي البداية فقد اعتبر العديد من الفلاسفة أنه من المستحيل لشخص ولد أعمى أن يكون قادراً على تهيؤ الرؤية، ومعظمهم رأوا اختلاف الحس البصري واللمسي لشيء ما. ولنكون أكثر دقة، فإن هذا ما مال إليه الفلاسفة التجريبيون. إلا أن الفلاسفة العقلانيين كسينغ ولي وليبنز كان جوابهم بقدرته على التمييز بالبصر. 

 

ومن الجدير بالذكر، أن مشكلة مشابهة ذكرت في الرواية الفلسفية "حي بن يقظان" لابن طفيل، وهي الرواية التي كان لها تأثيرها الكبير على كل من مولينو ولوك. إلا أن المشكلة المطروحة في الرواية تعاملت مع الألوان لا مع الأشكال كما في طرح مولينو.

 

وقد أخذت النقاشات حول مسألة مولينو منحى آخر بعد أن نشر جراح إنكليزي يدعى وليام تشيزلدن عن حالة شخص تمكن من الرؤية بعد عملية جراحية بإزالة "المياه الزرقاء" عام 1728، مما قاد الفلاسفة للانتقال بالمسألة من كونها مسألة فكرية تقليدية، لأن تكون قابلة على الحل تجريبيا. ووفقا للجراح، فإن الصبي عندما استعاد بصره لم يكن قادراً على تمييز شيء من آخر مهما كانت الفروق بينهما. وعلى الرغم من أن بعض الفلاسفة اعتبر ملاحظات الجراح لا لبس فيها واعتمدها كإجابة عن المسألة ومنهم فولتير على سبيل المثال. إلا أن آخرين خالفوا هذا الموقف، معتبرين أن عينا الصبي قد لا تكونا قادرتين على الرؤية بشكل جيد كونهما لم تستعملا لفترة طويلة، كما مال آخرون إلى التلميح بأن النتيجة قد تتعلق بذكاء المريض.

 

عام 2003، بدأ باوان سينها وهو استاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن، برنامجاً في الهند كجزء من التجربة التي يعالج فيها 5 مرضى انتقلوا فجأة من العمى الخلقي إلى الرؤية الكامل. مما وفر فرصة فريدة من نوعها للإجابة على مشكلة مولينو تجريبياً. وبناء على هذه التجربة، خلص في 10 نيسان 2011 إلى أن الجواب باختصار هو "لا". فعلى الرغم من استعادة البصر، تمكن المرضى السابقون بعد التدريب على التمييز بين الأشياء بصريا، إلا أنهم لم يتمكنوا من تشكيل العلاقة بين الجسم المرئي والجسم الملموس سابقاً.

 

وقد سبق هذه التجربة مجموعة من التجارب البسيطة، والتاريخ المحيط بمسألة مولينو يجعل من المسألة أصعب من أن يتولى مولينو الإجابة عنها بنفسه كما فعل. إن مسألة وملينو واحدة من أكثر تجارب الفكر إثماراً في تاريخ الفلسفة، والتي ما زال يدور حولها الفضول كما كانت أول مرة عندما وضعها مولينو.

 

 

المصادر: 

1) هنا

 

2) هنا

 

مصدر الصورة: هنا