الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

آثار التعرّض للحقول الكهرومغناطيسيـّـة من محطّات الهاتف المحمول

أصبحت آثار التعرُّض للحقول الكهرومغناطيسيـّـة ذات التردّدات الراديويّة المنبعثةِ من محطّات الهاتف المحمول موضوعاً للعديد من الأبحاث الّتي لم تكن كافيةً لتصبح معياراً مرجعياً. ركَّزت معظم الدراسات السابقة على آثار النظام العالميّ للاتصالات المتنقّلة UMTS، وتكنولوجيا الجيل الثالث (3g) على الوظائف المعرفية cognitive functions للإنسان، فكان هنالك حاجةٌ إلى دراسةٍ تحدّد العلاقة بين الحقول الكهرومغناطيسيـّـة والأداء الفيزيولوجي والمعرفي، لنشر الوعي بأخطار تقنيّة الهاتف المحمول للأشخاص الذين يسكنون بالقرب من محطّاته.

أُجريت دراسةٌ لتوضيح ما إذا كان التعرّض للنظم العالميّة للاتصالات المتنقّلة (UMTS) و(GSM) يؤثّر على الأداء المعرفي والفيزيولوجي ( درجة حرارة الجسم، ضغط الدم، ومعدل النبض) لدى بعض الأفراد الّذين يعانون من حساسيّةٍ للحقول الكهرومغناطيسيـّـة (يمتلكون حساسية أكثر من أقرانهم تجاه هذه الحقول)، ويعتقدون أنّ تعرّضهم لتكنولوجيا الهاتف المحمول هو السبب. فقامت الدراسة بإجراء اختباراتٍ متوازنة وعشوائيّةٍ لتحديد ما إذا كان الأفراد الحسّاسون يعانون من أعراضٍ سلبيّةٍ عند تعرّضهم لإشارات محطّات الهاتف النقّال مقارنةً بالأفراد العاديين. شملت العيّنة مئتي حالة بنسبة 50 % لأشخاصٍ يعانون من أعراض حساسيّةٍ للحقول الكهرومغناطيسيـّـة و50% للأشخاص الّذين لا يعانون من حساسيّةٍ تجاهها.

تمّ اختيار أربعِ اختباراتٍ لتقييم الأداء المعرفي: زمن ردّ الفعل Reaction time*، المعالجة الصورية السريعة Rapid Visual Processing**، التعلُّم المرافق المزدوج Paired Associates Learning***، والامتداد المكانيّ Spatial Span****.

المنهجيّة:

تمّ تصنيف المشاركين في التجربة إلى مجموعتين :

1- المجموعة الأولى: رُمز لها باسم المجموعة الحسّاسة وتتضمّن المشاركين الذين سبق وعانوا من أعراضِ حساسيةٍ نتيجة تعرُّضهم لشبكات GSM وUMTS.

2- المجموعة الثانية : رُمز لها باسم مجموعة المرجع وتشمل أفراداً لم يسبق لهم أن عانوا من أيّة مشاكلٍ تتعلّق بالحقول الكهرومغناطيسيـّـة.

الإجراء التجريبي:

ركّزت الدراسة على القدرة المُتحَكَّم بها التي يستقبلها الفرد المُتعرِّض لإشارات GSM وUMTS وتمّ إجراء التجربة في غرفةٍ معزولةٍ عن الإشارات ذات التردُّد الراديوي باستخدام صفيحةٍ تمتصُّ الأمواج الميكروية، في المخبر العالي الحساسيّة للأمواج الكهرومغناطيسيـّـة الموجود في مقاطعة بيرلس في ماليزيا. ووُضِع في الغرفة شاشةٌ مسطّحةٌ للرصد بالإضافة إلى هوائيٍّ لمحطّة GSM وUMTS.

وُضِع هوائيّ المحطّة على مسافة 1.5 متر من الأرض و2 متر من الفرد، وتمّت مراقبة التغيُّرات الفيزيولوجية للأشخاص قبل وبعد جلسة التعرّض.

النتائج:

أظهرت الدراسة فيما يتعلّق بزمن الاستجابة أثراً كبيراً وبدون فرقٍ بين المجموعة الحسّاسة والمجموعة المرجعيّة وبدون فرقٍ كبيرٍ بين أنواع الإشارات. لم تُظهر الدراسة أثراً كبيراً للإشارات على الأشخاص بما يتعلّق بالمعالجة الصورية السريعة والامتداد المكاني من كلا المجموعتين.

أمّا فيما يتعلّق بالمعلومات الفيزيولوجيّة كان متوسّط معدّل النبض يتراوح بين 74-83 نبضةً بالدقيقة ممّا يمكن اعتباره طبيعيّاً وعند دراسة ضغط الدم ودرجة الحرارة للأشخاص قبل وبعد التعرُّض للحقول الكهرومغناطيسيـّـة، تبيَّن أنّ أثر الحقول ليس كبيراً ممّا يؤشّر أنّ الحقول الكهرومغناطيسيـّـة الناجمة عن محطّات الهاتف المحمول ليس لها أثرٌ على ضغط الدم وحرارة الجسم. إلّا أنّه يوجد تغيُّرٌ معنويٌ إحصائياً Significant difference ملحوظٌ إحصائيّاً في معدّل النبض ما قبل الاختبار وما بعده، حيث يتناقص معدّل النبض 3 نبضات في الدقيقة كمتوسّطٍ لكلّ الأشخاص. كما أنّ التغيُّر لا يتعلّق بالمجموعة المدروسة.

في المحصّلة لم يعثر الباحثون على أثرٍ كبيرٍ للحقول الكهرومغناطيسيـّـة عند التعرُّض قصير الأمد على الأداء المعرفي للإنسان ودرجة الحرارة وضغط الدم ومعدّل النبض. لم يكن هنالك أيضاً تغيُّرٌ كبيرٌ للقيم الوسطيّة في درجة حرارة الجسم ومعدّل النبض قبل وبعد التعرّض للحقول الكهرومغناطيسيـّـة لدى كلٍّ من الأشخاص الطبيعيين وذوي الحساسية للحقول الكهرومغناطيسية على حدّ سواء. أي أنّ التعرُّضَ قصيرُ الأمد للإشارات الصادرة عن محطّات الهاتف المحمول لا يسبّب آثاراً صحيّةً ضارّةً.

حاشية:

(*) زمن ردّ الفعل Reaction time: ردّ الفعل؛ هو قدرة الفرد على الاستجابة لمثيرات المحيط التي يتم استلامها من قبل الأجهزة الحسية. أما زمن رد الفعل فهو الفترة الزمنية المحصورة مابين انتقال المثير من الحواس إلى الدماغ والى أول مظهر من مظاهر الحركة.

(**) المعالجة الصورية السريعة Rapid Visual Processing: مقياس لحساسية الاهتمام المتواصل؛ يشمل كلاً من دقة الاستجابة وحساسية الهدف، وزمن رد الفعل. يمكنك فحص مدى المعالجة الصورية لديك بمشاهدة هذا الفيديو واتباع التعليمات هنا

(***) التعلُّم المرافق المزدوج Paired Associates Learning: يقيم الذاكرة البصرية والمقدرة على تعلم الاشياء الجديدة وهو أداة أساسية للتقييم الدقيق للأفراد الذين يعانون الخرف، الضعف الإدراكي، الزهايمر وفقدان الذاكرة المرتبط بالعمر.

(****) الامتداد المكانيّ Spatial Span: تقييم للمعارف البصرية للفراغ المحيط والذاكرة المرتبطة به، ويعد ضرورياً في نشاطاتنا اليومية مثل إيجاد المفاتيح وأثناء قيادة السيارة ويرتبط بمراكز الدماغ التي تخزن لون وشكل المعلومات البصرية بالإضافة التعامل مع الأماكن والحركة. يستخدم لتقييم العجز في الذاكرة غير اللفظية ولتقيم المصابين بتلف الفص الجداري من الدماغ.

المصادر:

Malek F., Rani K. A., Rahim H. A. and Omar M. H. (2015). Effect of Short-Term Mobile Phone Base Station Exposure on Cognitive Performance, Body Temperature, Heart Rate and Blood Pressure of Malaysians. Scientific Reports, 5: 13206. هنا