العمارة والتشييد > مواد البناء

الخرسانة الشرهة للماء، تقنية بسيطة بإمكانيات مبهرة.

في سياق محاولات الإنسان للتجاوب مع قوى الطبيعة، بعد فشل محاولاته في مقاومتها، تأتي هذه التقنيات الجديدة في مواد الاكساء، لتثبت مرة أخرى أن أنجح الحلول هي الحلول المستلهمة من آليات العمل الطبيعية لهذا الكوكب.

بعد إطلاق شركة Tarmac للفيديو الذي حصد ملايين المشاهدات عبر مواقع التواصل الإجتماعي الذي يظهر امتصاص أرضية موقف للسيارات لكمية كبيرة من المياه، أطلقت شركة Rainaway منتجها الجديد الذي يعمل بنفس تقنية منتج شركة Tarmac، ألا وهي الخرسانة ذات المسامية العالية.

لمزيد من التفاصيل حول التقنية الجديدة ولمشاهدة الفيديو يرجى زيارة الرابط التالي:

ربما قد تكون الخرسانة ذات المسامية العالية المادة الوحيدة المعروفة بتعطشها للماء والموجودة في سوق المواد المعمارية، والتي اعتبرت أحد أهم عناصر مستقبل مشاريع إدارة الفيضانات في المراكز الحضرية ذات المناخات الدافئة، حيث بلغت هذه المادة ذروة شعبيتها من خلال فيديو يظهر فيه موقف عادي للسيارات يمتص كمية كبيرة من المياه، وقد أثار هذا الفيديو نقاشات عديدة حول إمكانية نجاح الخرسانة الماصة للماء واحتمالات استخداماتها.

اتخذت الخرسانة عالية المسامية موطأ قدم لها بين مواد الاكساء وذلك بعد أبحاث مطوّلة أُقيمت من قبل المعماريين والمهندسين حول العالم، حيث قامت مدينة روتردام الهولندية المعروفة بمناخها الماطر وبجرأتها في استخدام مواد بناء مبتكرة، باختبار الخرسانة عالية المسامية في أرصفة إحدى شوارعها على سبيل التجربة.

ففي هولندا يبلغ معدل الهطول المطري السنوي ما يقدر بـ 800 ميليمتر، وهذا ما يتطلب بنية تحتية فعالة لتلافي حصول فيضانات واسعة في المراكز والمدن الحضرية. على مدى القرون المتعاقبة نمى شعور حميمي يربط الشعب الهولندي بطقس بلادهم المتميز، لذلك جَهِدوا في اختراع العديد من المنتجات الملائمة للهطولات المطرية الهائلة. كنتيجة قامت شركة Rainaway في مدينة Eindhoven بكشف النقاب عن مجموعة من الأنواع المختلفة للبلاط النفوذ للماء، المُستَلهَمة من اليابان، فكانت وظيفتها الرئيسية تصريف المياه من خلال المزج تصميماً بين صلابة الخرسانة ومساميتها.

يماثل بلاط شركة Rainaway الدورة الطبيعية للمياه، وذلك بتصميمه الهادف إلى إبطاء سرعة السيول المطرية، حيث تحتوي البلاطات على نقوشات فريدة من الخرسانة الصلبة التي تشكل مجتمعة شبكة من البرك الصغيرة تتجمع فيها مياه السيل المطري لتقوم الطبقة الصخرية المسامية التي تليها بتصريف المياه للحوض الحصوي أسفلها. فكانت الفلسفة وراء بلاط شركة Rainaway المصنع يدوياً، هي تصميمه ليكون قناة لتصريف المياه باعتماد ذات التقنية التي استخدمتها شركة Tarmac في المملكة المتحدة في تصنيعها الكثيف لمنتجات البنى التحتية.

وبهذا تكون كلا الشركتين استخدمتا ذات الطريقة وهي الخرسانة ذات المسامية العالية، لتمتلك المادة النهائية بعد التصنيع صلابة الخرسانة ومسامية الاسفنج.

إلا أن الخرسانة المسامية ليست كاملة ولا يمكن اعتبارها حلاً مضموناً خالياً من الخطورة، حيث تحذر شركة Tarmac من استخدام مادتها المسامية في المناخات الباردة، وذلك خوفاً من تمددها بفعل التجمد، ولكن رغم ذلك تبدو المزايا التي تؤمنها هذه المادة تطغى على سلبياتها.

وفق ما سبق، تتميز الحلول المقترحة من كلا الشركتين بالإمكانيات الواعدة في المناطق ذات الطقس والهطولات المطرية المشابهة للهطولات في المملكة المتحدة أو هولندا، مما يعطي هذه المناطق أملاً وخطة مستقبلية لمكافحة الفيضانات المفاجئة وتجنب عمليات إخلاء السكان.

إن البحث الدائم عن تقنيات حديثة تؤمن حلولاً عملية لمشكلات وتحديات يومية، يعد الخطوة الأولى في مسيرة ونتائج علمية مذهلة تستطيع أن تغير وجه حياتنا العصرية وترسم معالماً عن مستقبلنا القادم، هل تشاركونا الرأي في ذلك؟

المصدر:

هنا