الفيزياء والفلك > علم الفلك

أحداث فيلم المرّيخي "The Martian" تضمّنت 9 تقنيات حقيقية لناسا

احتل المريخ على مر آلاف السنين مكانة مركزية في مخيلة الشعوب. تعجّبت الشعوبُ القديمة من لونهِ الأحمر ومن دورةِ بريقهِ وخفتانهِ التي تتكرر على مدار عدة سنوات. المُشاهدات الأولى للمريخ تمت بواسطة التلسكوبات وأدت إلى رؤية أشكال تشبه القنوات والطرق تملأ الكوكب، وظهرت حينها تخمينات تقول بأن هذا الكوكب مأهولٌ وأن هذه القنوات والطرق تُستخدم للتنقلِ والتجارة. في رواية حرب العوالم The War of the Worlds تكلم الكاتب Herbert George Wells عن وجود حضارة مريخيّة تحاول احتلال الأرض. عام 1938، قامت أحدى محطات الراديو باثارة الذعر عند المستمعين أثناء تلاوتها لرواية الكاتب ويلز حيث ظن المستمعون حينها بأنها أخبارٌ حقيقية.

القصة الحقيقية بين البشر والمريخ ليست بهذه الإثارة الفائقة الخيال لكنها لا تخلوا من السحر والجاذبية، فالتلسكوبات القديمة قد حوّلت تلك النقطة الحمراء الصغيرة (المريخ) إلى قرص غير واضح، ومرقط، ممّا أدى إلى جموح خيال البشر لتفسير وجود تلك القنوات والطرق.

فقط منذ خمسين عاماً، تم التقاط أوّل صورة فوتوغرافية للمريخ باستخدامِ مركبةٍ فضائيةٍ مارة بجانبه ليظهر فيها جوّه الضبابي. واليوم بعد عقودٍ من الاستكشافِ ظهر لنا بأن الكوكب يحوي على الماء السائل، أحد المقومات الأساسية للحياة.

سحر المريخ لم يخبو مع الأيام حتى في زمن الانترنيت. Andy Weir مُبرمج كمبيوتر سابق، كان يستمتع بكتابة قصصه الخيالية في مدونته على النت كنوع من الهواية الفردية. قام Andy بوضع سلسلة من المنشورات في المدونة عن رواد فضاء ظلّوا عالقين على المريخ. نالت هذه الأفكار شعبية واسعة عند المتابعين، ما قاده الى تحويلها لرواية كاملة المرّيخي The Martian والتي بدورها تحولت إلى فلم بدء عرضه في السينما في تشرين الأول/ اكتوبر عام 2015.

رواية The Martian هي عبارة عن دمج بين قصص خيالية وواقعية عن المريخ وعن انجازات ناسا وغيرها من وكالات الفضاء. وافتراضاته مبنية على حقيقة أن ناسا تخطط لأستكشاف المريخ وإرسال رحلات مأهولة لسطحه بعد عام الـ 2030 حيث من المفترض أن يقضي رواد الفضاء بعضاً من الوقت على سطح المريخ لأداء مهامهم. على الرغم من أن أحداث الرواية تدور بعد عشرين سنة من اليوم. إلَّا أنَّ ناسا قد بدأت بالفعل بتطوير العديد من التقنيات التي تكلم عنها الفلم. وهي ما سنتحدث عنه في هذا المقال.

1) المسكن:

تجري أحداث الفلم على سطح المريخ حيث يقضي رائد الفضاء Watney معظم وقته في وحدة السكن التي تُسمى اختصاراً the Hab، وهي بمثابة منزلهِ الجديد البعيد عن الوطن.

في الواقع يوجد معهد تابع لناسا اسمه معهد جوهانسون للفضاء Johnson Space Center، يقوم الباحثون في هذا المعهد بتطوير برامج لتدريب الرواد على المهمات الفضائية البعيدة والطويلة الأمد. سمي هذا البرنامج HERA اختصاراً لـ Human Exploration Research Analog.

HERA هو عبارة عن بيئة مُغلقة تُحاكي السكن الفضائي في المريخ. هذا السكن المكوَّن من طابقين يحوي على غرف للمعيشة وأماكن للعمل ووحدات نظافة وحجرة محاكاة لمعادلة الضغط. تتم ضمن هذه الوحدة تجارب تستمر 14 يوماً يقوم فيها أشخاص بالعيش مع بعضهم ويتعاونون بتأدية المهام التنفيذية وتحقيق مجموعة من الأهداف. ويتم التخطيط حاليا لتمديد هذه المدة إلى 60 يوم. تُعتبر هذه التجارب محاكاة للمهام المستقبلية التي سيقوم بها رواد الفضاء في بيئات فضائية معزولة.

تجارب المحاكاة هذه تُقدّم بيانات قيّمة للغاية عن العوامل البشرية والسلوكيات الصحية والإجراءات المضادة، وذلك ما سيساعد ناسا في توسيع معرفتها عن كيفية إدارة البرامج الفضائية البعيدة.

(وحدة السكن Hab، فيلم المرّيخي The Martian)

(مركز جوهانسون للفضاء،ناسا)

2) مزرعة النباتات:

في الوقت الحالي يحصل رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية على كفايتهم من الطعام بوساطة مَركبات تنقل لهم المؤونة من الأرض، حتّى أن ناسا استعملت شركات تجارية مختصة بهذه الخدمة -توصيل الطعام إلى محطة الفضاء- لكن في المريخ لن يكون هذا هو الحال، حيث أن أسرع طلبية طعام سوف تتطلب 9 شهور حتى تصل إلى المريخ، وبالتالي سيكون روّاد الفضاء على المريخ مُجبرين على زراعة محاصيلهم للحصول على كفايتهم من الطعام.

في فلم The Martian حوّل رائد الفضاء Watney مسكنه الفضائي إلى مزرعةٍ مكتفيةٍ ذاتياً. حيث قام بزراعةِ البطاطا وجعل منها أوّل سلعة غذائية على المريخ. في الوقت الحالي وفي المدارات القريبة من الأرض فإنَّ الخس هو المحصول الأكثر توفراً في الفضاء. حيث يوجد في محطة الفضاء الدولية برنامج Veggie وهو نظام مهمته إنتاج أغذية طازجة في الفضاء. يساعد برنامج Veggie على زرع محاصيل في وسائد أو أكياس خاصة تحوي على تربة وأسمدة وباستعمال أضواء خضراء وزرقاء وحمراء. على أن يقوم رواد الفضاء لاحقاً بحصد المحاصيل. في عام 2014 تم زراعة نوع من الخس الأحمر الروماني اسمه Outredgeous واعتُبر هذا أول محصول تمت زراعته بشكل كامل في الفضاء، وبالتأكيد هذه خطوة كبيرة في مسيرة الزراعة الفضائية. تنوي ناسا توسيع كمية وأنواع المحاصيل الفضائية في المستقبل من أجل تلبية كل الاحتياجات الغذائية للروّاد المسافرين إلى المريخ.

(فيلم المرّيخي The Martian)

(صورة واقعية لرائد فضاء يحصد الخس على متن محطة الفضاء الدولية التابعة لناسا)

3) معالجة المياه:

في المريخ لا يوجد بحيرات أو أنهار أو محيطات مائية. كما أن توصيل الماء إلى المريخ سيحتاج مدة تسعة شهور في أفضل الأحوال. لذلك يجب أن يُنشئ روّاد الفضاء مصدرهم الخاص من الماء.

في قصة الفلم، البعثة 3 Ares لا تهدر أي قطرة بوساطة نظام معالجة المياه لديهم. يحتاج الرائد Watney ليستخدم براعته للحفاظ على مخزونه من الماء حتى لا يموت من الجفاف.

على أرض الواقع في محطة الفضاء الدولية، لا تُهدر كذلك أي قطرة من العرق أو الدموع أو حتى من بول رواد الفضاء. حيث يقوم نظام التحكّم البيئي ونظام دعم الحياة بإعادة تأهيل وتدوير الماء القادم من كل مكان، من غسيل اليدين وتنظيف الأسنان وغيرها. وعملية التدوير تتم من خلال نظام إسترجاع المياه وإعادة تصفيته وتأهيله ليتمكّن روّاد الفضاء من استعمال نفس الماء مراراً وتكراراً. يقول أحد الرواد «القهوة التي شربتها البارحة ستكون نفس القهوة التي سأشربها غداً».

التعامل مع السوائل في الفضاء يخلق بعض المشاكل الشائكة. نظام إعادة تأهيل الماء يجب أن يتعامل مع حقيقة أن السوائل تتصرف بشكل مختلف في حالة قيم الجاذبية الصغيرة جداً. على سبيل المثال يقوم نظام إعادة تأهيل المياه بتنقية البول باستخدام تقنية الطرد المركزي، حيث أن الماء والغاز لا يمكن فصلهما بنفس الطريقة المُتّبعة على الأرض.

تُتابع ناسا عملها على تطوير أنظمة إعادة تأهيل المياه، حيث يعمل الباحثون على تطوير فلاتر متعددة الطبقات للتخلص من الملوثات -العضوية والغير عضوية- الغير متطايرة، وذلك لتكون عنصراً أكثر ديمومة واستمرارية داخل هذا النظام.

يوجد أيضاً نظام إعادة تأهيل المياه المالحة الذي من شأنه إعادة تأهيل كل قطرة ماء باقية من مخلفات تنقية البول. في مهمات الاستكشاف الفضائي المأهولة في المستقبل سيكون رواد الفضاء أقل اعتمادًا على إعادة تزويدهم بكميات إضافية من الماء من الأرض .

4) توّليد الأوكسجين:

الماء والغذاء والمأوى هي مكونات الحياة الأساسية على الأرض. لكن! يوجد عنصر رابع لا نُفكّر به كثيرًا لأنه متوفر مجاناً، إنه الأوكسجين. حيث أنه للمريخ وضعُ مختلف، فلا يستطيع الرائد Watney أن يخطو خارج مسكنه للحصول على بعض الهواء العليل، بل عليه أن يحمل مخزونه من الأوكسجين أينما ذهب.

كما أنه قبل هذا كله يجب عليه أن يصنع الأوكسجين أولاً. يَستخدم جهاز توليد الاوكسجين في مسكنه الفضائي، وهو جهاز يولّد الأوكسجين من تحليل غاز ثاني أوكسيد الكربون، حيث حصل على ثاني أوكسيد الكربون من مولد الطاقة لمركبة قديمة تركها البشر على المريخ من قبل Mars Ascent Vehicle، وإختصاراً MAV.

في محطة الفضاء الدولية حالياً يحصل روّاد الفضاء على كفايتهم من الأوكسجين من نظام توليد الأوكسجين، يقوم هذا النظام بإعادة معالجة هواء المركبة والحفاظ عليه قابلاً للتنفس بشكلٍ مستمرٍ ودائم. يولّد هذا النظام الأوكسجين باستخدام تقنية التحليل الكهربائي، حيث يقوم بتحليل جزيئات الماء إلى مكوناتها الأساسية وهي ذرات الأوكسجين والهيدروجين. يُضخ الأوكسجين في هواء المحطة، في حين يتم التخلص من الهيدروجين في الفضاء خارج المركبة أو يُدخل إلى نظام توليد المياه الذي يقوم بصنع المياه من النواتج الثانوية المتبقية في هواء المحطة.

5) بدلة الفضاء الخاصة بالمريخ:

سطح كوكب المريخ غير مُرَّحِب بالبشر؛ الغلاف الجوي بارد جدًا وبالكاد يحوي على هواء مناسب للتنفس. سيكون رواد الفضاء المستكشفين لسطح المريخ مضطرين إلى ارتداء بدلات خاصة للعمل خارج السكن الفضائي عند جمع العينات وصيانة الأنظمة.

يقضي رائد الفضاء Watney في الفيلم معظم يومه المريخي مرتدياً البدلة لفضائية. في نهاية الفيلم يضطر للقيام برحلات طويلة على سطح المريخ مرتدياً بدلته، لذا فإن بدلته متينة ومرنة ويمكن الاعتماد عليها.

في الوقت الحالي تقوم ناسا بتطوير العديد من التقنيات لصنع بدلات فضاء خاصة بالمريخ. يأخذ المهندسون بعين الاعتبار كل التحديات المفروضة عليهم من القدرة على التنقل على سطح المريخ إلى القدرة على جمع العينات الصخرية.

طرحت ناسا مؤخراً نموذجين أوليين لبدلات الفضاء وهما Z-2 و eXploration. يُساعد هذين النموذجين على تعزيز الحلول التقنية للمشاكل الفريدة التي قد تواجه رواد الفضاء الأوائل الذين ستطأ أقدامهم سطح المريخ في يومٍ ما، وكل نموذج منهما مخصّص لحل ثغرات تقنية معينة من أجل إكمال المهمات الفضائية. حالياً يقوم المهندسون العاملون على تصميم البدلات على اختيار المواد الأوّلية والأقمشة بحيث يُحققون موازنة بين قدرة البدلة على التحمّل ومرونتها.

واحدة من تحديات المشي على سطح المريخ هي الغبار المريخي. التربة الحمراء في المريخ ممكن أن تؤثّر على صحة الروّاد وعلى أنظمة السكن في حال كان هناك بعض الأتربة العالقة ببدلاتهم بعد دخولهم لمسكنهم. لذلك تم العمل على تصميم خاص تُعلّق فيه البدلة خارج المسكن. يدخل رائد الفضاء إلى البدلة من الخلف في فتحة خاصة في الحائط؛ إي أن بدلات رواد الفضاء تبقى خارج المسكن طوال الوقت.

(رائد الفضاء Watney في فيلم The Martian)

(النموذج الأوّلي لبدلة الفضاء Z-2 ،ناسا)

6) مركبة التجوّل:

رواد الفضاء الذي سينطلقون نحو المريخ مستقبلاً عليهم أن يبقوا هناك مدة تزيد عن العام، وذلك حتى يَدور المريخ ويعود إلى مكانه الأقرب إلى الأرض حيث تبدأ عندها رحلة العودة. هذا يعطي الروّاد الكثير من الوقت لإجراء التجارب واكتشاف المناطق المحيطة. لن يقتصر تنقل الروّاد على المناطق التي يمكن أن يصلوا لها بالأقدام فقط، بل سيستعملون مَركبات سيّارة قوية ومرنة ليتمكنوا من التنقل لمسافات أطول.

في رواية The Martian يستعمل رائد الفضاء Watney مركبته للقيام بعدة جولات كما يقوم بإجراء تعديلات ثورية عليها حتى يتمكن من النجاة.

في الوقت الحالي على كوكب الأرض تقوم ناسا بتطوير سيّارة متعددة المهام خاصة للمريخ. كما أنها استخدمت هذه السيارة في البرامج التي تُحاكي الظروف الفضائية، من أجل إيجاد الحلول للمشاكل التي تنبّأ العلماء بها، واكتشاف المشكلات التي لم تخطر على بالهم بعد.

تم تطوير العديد من التقنيات لجعل هذه المركبات أكثر طلاقة بالحركة ومتعددة المهام بما يكفي لدعم مهمات فضائية على سطوح الكويكبات والمريخ وأقماره وأي مهمات فضائية في المستقبل. المركبة المتعددة المهام التي تعمل عليها ناسا تحل بعض المشاكل مثل مدى الحركة، الدخول والخروج السريع، والحماية من الإشعاعات. في بعض نماذج هذه المركبة ُزوّدت بست محاور للعجلات، في حال تعطل إحدى هذه العجلات تقوم المركبة بكل بساطة برفعها عن الأرض والمتابعة ببقية العجلات.

(المَركبة MAV، فيلم المرّيخي The Martian)

(المَركبة MMSEV التي تعمل عليها ناسا حالياً لتكون قادرة على التنقّل عبر التضاريس الصعبة في الفضاء)

7) الدفع الأيوني:

البطيء والمستقر هو من سيربح السباق، هذا ما أثبتته محركات الدفع الأيوني.

في رواية الفلم، يعيش طاقم البعثة أريس 3 على متن السفينة الفضائية Hermes لعدة شهور أثناء سفرهم من وإلى المريخ. تَستخدم هذه السفينة الدفع الأيوني كوسيلة فعالة لتجاوز 611 مليون كيلومتر في الفضاء. محركات الدفع الأيوني تعتمد على الغازات المشحونة كهربائيًا مثل الأرغون والزينون، حيث تُدفع الغازات المتشرّدة (المتأيّنة) خارج المحرك بسرعاتٍ عالية تصل إلى 320 ألف كيلومتر في الساعة، نتيجة خروج هذه الغازات المتشرّدة من المحرك تتلقى المركبة دفعة خفيفة جدًا لا تتجاوز نفخة الهواء. في البداية تكون حركتها بطيئة لكن متسارعة، وعلى مدى عدة سنوات من التسريع المستمر سوف تصل المركبة إلى سرعات خيالية. كما أن الدفع الأيوني يسمح للمركبة بتغيير مسارها عدة مرات ثم التوجّه إلى عوالم بعيدةٍ جديدة.

استخدمت ناسا هذه التقنية بالفعل في الوقت الحالي في مهمتها DAWN لاكتشاف كويكبات المجموعة الشمسية، حيث تمكّنت من تقليل استهلاكها للوقود والقيام ببعض المناورات المجنونة بين الكويكبات. على مدى 5 سنوات من التسريع المستمر استطاع المكوك DAWN أن يصل لسرعة 25 ألف ميل في الساعة، وهي أقصى سرعة وصلت لها أي مركبة ذاتية الدفع أطلقها البشر حتى الآن. كما أنها قدّمت للبشرية أوّل زيارة للكوكب القزم Ceres والكويكب Vesta.

8) الألواح الشمسية:

في المريخ لا يوجد محطات للتزوّد بالوقود ولا محطات لتوليد الكهرباء وعملياً لا توجد رياح كافية لتوليد الطاقة. ألواح الطاقة الشمسية هي ستكون وسيلة الرواد على المريخ للحصول على كفايتهم من الطاقة. في الرواية تعتمد مركبة Hermes على الألواح الشمسية للحصول على الطاقة، وكذلك الرائد Watney الضائع على المريخ يقوم باستعمال هذه الألواح بطريقة غير تقليدية لينجو بحياته.

اليوم في محطة الفضاء الدولية رُكّبت أربع مصفوفات من الألواح الشمسية لتزويد المحطة بـ (48 – 120) كيلوواط من الكهرباء، وهي طاقة كافية لإنارة أربعين منزل. لا تحتاج محطة الفضاء الدولية لكل هذه الطاقة لكن وفرة الطاقة تساعد على تقليل المخاطر في حال حصول عطل ما. أثبت نظام الطاقة الشمسية الموجود في المحطة فعاليته، وهو يقوم بتزويد المحطة بالطاقة منذ وصول أول طاقم إليها عام 2000.

Orion المركبة التي ستَبنيها ناسا لإرسال البشر إلى مسافاتٍ بعيدة وجديدة، ستستعمل الألواح الشمسية للحصول على الكهرباء اللازمة لإنجاز المهمات. عندما يكون ضوء الشمس متوفراً ستقوم مصفوفات الألواح بتجميع الطاقة الشمسية وتخزينها في بطاريات ليثيوم، وعندما يغيب ضوء الشمس (كأن تذهب المركبة خلف القمر) ستمتلك المركبة كمية كافية من الكهرباء لإكمال رحلتها.

9) المولّدات الحرارية التي تعمل بالنظائر المشعة (RTG):

خلال العقود الأربعة الأخيرة، استخدمت ناسا هذه المولدات لتزويد 24 مركبة بالكهرباء أثناء رحلاتها الفضائية. منها رحلة "أبولو" إلى القمر ومسبار Curiosity الى المريخ، كما أنها سوف تستعمل نموذج جديد مُطوّر في مسبارها المُرتقب الذي سيُرسَل للمريخ عام 2020.

الـ RTG هي بطاريات فضائية تقوم بتحويل الحرارة الناتجة عن التحلل الاشعاعي الطبيعي للبلوتونيوم 238 إلى طاقة كهربائية قابلة للاستعمال. في مكوك Curiosity على المريخ تولّد الـRTG حوالي 110 واط أو أقل، أي أكثر بقليل من الطاقة اللازمة لتشغيل لمبة عادية.

في رواية الفيلم يقوم روّاد الفضاء المشرفين على إحدى المهمّات بدفن هذا المفاعل الصغير بعيدًا عن المسكن خوفاً من حصول أي تسرب إشعاعي. ولمنع حصول ذلك التسرب -حسب رواية الفلم- يتم وضع عدة طبقات من مواد قوية ومطوّرة خصيصاً لمنع التسريب حتى في حالة الحوادث العنيفة.

تُصدر مولدات RTG بشكل رئيسي أشعة ألفا، وهي أشعة ضعيفة بالكاد تعبر بضعة إنشات في الهواء ولا يمكنها تجاوز طبقات الثياب العادية، في الواقع إن الإشعاعات الشاردية التي تمطر على المريخ من الفضاء الخارجي سوف تكون أكثر خطورة على الروّاد من الأشعة الناتجة عن هذا الموّلد. تهتم مهمّات اكتشاف المريخ في الوقت الحالي بدراسة البيئة الاشعاعية على سطح المريخ لتصميم نظم الحماية اللازمة لروّاد الفضاء في المستقبل.

مهمّات اكتشاف الفضاء المستقبلية ستحتاج للمزيد من مصادر الطاقة الآمنة والمستديمة والتي يمكن الاعتماد عليها. إحدى الخيارات المتاحة هو استعمال خليط من أنظمة الـ RTG الأكثركفاءة مع الواح طاقة شمسية وخلايا وقود ومفاعلات نووية.

الرحلة إلى المريخ:

رحلات الانسان إلى الفضاء عمل خطير جداً. تعمل ناسا على إيصال روّاد الفضاء إلى المريخ في ثلاثينيات القرن الحالي. لكن قبل ذلك عليها إنجاز الكثير من الخطوات الأساسية لضمان عودة روّاد الفضاء إلى الأرض سالمين.

رائد الفضاء "سكوت كيلي" الذي مازال مقيماً في محطة الفضاء الدولية منذ عام قال: "الفضاء صعب جداً. مجال الخطأ يكاد يكون معدوماً في كل جانب من جوانب الرحلات الفضائية، مع ذلك نحن نتعلّم الكثير في طريق رحلتنا إلى المريخ مما يزيد من فهمنا للكون، وكل ما نقوم به أو نتعلّمه سيعود بالنفع للبشرية على الأرض".

المصدر:

هنا