الطب > علوم عصبية وطب نفسي

لماذا يجعلنا الحرمان من النوم حسّاسين ومُرهَفي العواطف؟

لم يعرف العلماء حتى الآن كيف يمكن لقلّة النوم أن تؤثّر في عواطفنا، لذلك جاءت هذه الدراسة لتظهِر كيف لقلّة النوم أن تُقرّب هذه العواطفَ من السطحِ وتجعلَنا سريعي التأثر بها.

ضمت الدراسة 18 شخصاً بالغاً خضعوا لجولتين من الاختبارات، ظلّوا في الأولى مستيقظين طوال اللّيل، بينما كانت الثانية بعد ليلة من النوم الجيّد، في الوقت الذي خضع فيه دماغهم لعملية مسح scanning طوال تلك الفترة. حيث كان الاختبار قائماً على وصفِ اتجاه حركةِ نقاطٍ صفراءَ موضوعةٍ على صور مشتِّـتة للانتباه، بحيث يمكن أنْ تكون هذه الصور عاطفيةً بمحتوى إيجابيّ (صور لقطط)، أو سلبيّ (جسد مشوّه)، أو حياديّ (شوكة مثلاً).

استطاع المشاركون الذين حظوا بنوم جيد وصفَ حركة النقاط الصفراء فوق الصور الحيادية بشكل أفضلَ وأسرعَ مقارنة بالنقاط فوق الصور العاطفية، إلا أن هذا الاختلافَ زال عند الحرمان من النوم، فقد أخفق المشاركون في تحديد اتجاه النقاط سواء أكانت على صور حيادية أو عاطفية.

يمكن تفسير هذه النتائج ببساطة بأن النوم يُضعف قدرتَنا على التفكير والتركيز، ولكن في الوقت نفسه، قد تعني هذه النتائج أنّ الحرمان من النوم يمكن أنْ يجعل الصور الحياديةَ قادرةً على تحريض استجابةٍ عاطفيةٍ فجأةً.

وفي السياق نفسهِ، أجرى العلماءُ تجربةً ثانية مشابهة للأولى من حيث عرض صورٍ حيادية وأخرى عاطفيةٍ على المشاركين، مع مسح للدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، بحيث يتكمن الباحثون من قياس الفعاليّة في مناطقَ مختلفةٍ من الدماغ أثناء إجراء المشاركين للاختبارات.

وبشكل مشابه للتجربة الأولى، جعل الحرمان من النوم المشاركين مرتبكين مع كلّ صورة في الاختبار الأول، في حين كان ارتباكهم تجاه الصور العاطفية فقط عند نومهم بشكل جيّد.

أظهر المسح استجابةَ اللوزة الدماغية amygdala (وهي منطقةٌ من الدماغ مسؤولةٌ عن العواطف) للصور العاطفية عندما نام المشاركون بشكل جيّد، في حين ظهرت الاستجابة للصور العاطفية والحيادية على حد سواء عند حرمانهم من النوم. إضافة إلى ذلك، وُجدت فعالية غيرُ اعتيادية في القشرة الحزامية الأمامية Anterior Cingulate Cortex "ACC"، والتي يُعتقد أنها المنطقة المسؤولة عن التحكم باللوزة.

عادةً ما تتفعّل هاتان المنطقتان في الدماغ بشكل متزامن، وذلك عندما يتعرض الجسم للراحة بشكل ملائم، ولكن تبيّن بالتجربة أنه بالحرمان من النوم يختلُ هذا التزامنُ بين اللوزة والـ ACC، حيث نُصبح أقلّ قدرةً على التحكّم باستجابتنا العاطفية بشكل مُنَظّم.

يُضعِفُ الحرمان من النومِ التحكمَ الإدراكي بالعواطف، حيث ارتبطَ هذا الضَّعف مع كمياتٍ أقلَّ من فترات الـ REM المرتبطةِ بالمعالجة العاطفية خلال النوم، كما تخفض قلةُ النوم عتبةَ الاستثارةِ العاطفية.

بمعنىً آخرَ، تضعُفُ قدرة الدماغ على توجيهنا إلى الأشياء المهمة، ويصبح كلّ شيء مهماً لنا، وبذلك نفقد الحيادية.

لا بد إذاً من حماية أنفسنا تجاهَ هذا التأثير وذلك بالحصول على فترات نوم كافية، كما يعتقد الباحثون بقدرة الناس على تعزيز الاتصال بين اللوزة والـ ACC باستخدام التلقيم الراجع العصبي neurofeedback، وتعتمد هذه التقنية على تكنولوجيا مراقبة الدماغ للتمكن من تسجيل ومشاهدة فعالية نشاطهم الدماغي ومحاولة التحكم به.

مع أنّ هذه التقنية تبدو جيدة للبعض، يُصرّ باحثون آخرون على نيل قسط كافٍ من النوم ... أليس ذلك ما نريده جميعاً؟!!

المصادر:

هنا

هنا

هنا

حقوق الصورة:www.prevention.com