علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

ثماني طرق لاستعادةِ الّتوازنِ بعدَ الّتعرّضِ لخيبةِ أملٍ

الفشلُ و خيبُة الأملِ أمرانِ لا يمكنُ تجنّبهما في الحياة، و التّعاملُ معهما صعبٌ، يستهلكُ طاقاتِنا وإمكانياتنا. فكلٌّ منّا يواجهُ لحظاتٍ في حياتهِ لمْ يُحقّقْ فيها أهدافَهُ رغمَ بذلهِ لقُصارى جَهدهِ. فقدْ لا نجدُ العملَ الذي طالما حلمنا بهِ أو توأمَ روحنا. وقد يكونُ الأوانُ قد فاتَ لانجابِ المزيدِ منَ الأطفالِ، أو أصبحَ الحصولُ على منزلٍ يُطّلُّ على المحيطِ ضرباً منَ المُحالِ. قدْ تنتهي علاقاُتنا رغمَ ما نبذلهُ منْ جهدٍ للحفاظِ عليها، وربّما يخوننا الأصدقاءُ والأحبّاءُ، قدْ لا نحصلَ على الّترقيّة اّلتي عملنا جاهدينَ للحصولِ عليها، أو قدْ لا يكونَ أطفالنا كما أردنا لهمُ أنْ يكونوا.

ماذا تفعلُ عندما تصدمكَ الحياةُ ويبدو لكَ كلٌّ منَ السّعادة و الّنجاح- اللذان طالما حلمت بهما- أمرانِ بعيدا المنالِ؟

فيما يلي ثماني طرقٍ عمليّةٍ لتجاوزِ تجربةٍ فاشلةٍ.

أولاً: واجه حقيقةَ الموقفِ...

إنّ انكاركَ لحقيقةِ المشكلةِ ومدى سوئِها سيُفاقم المشكلة ويُبقيك عاجزا،َ في الوقتِ الذي يُمكنكَ فيهِ القيامُ بشيءٍ ما لحلّها. فوعيُ المشكلةِ هو الخطوةُ الأولى للّتغييرِ. كُنْ مُستعداً لمواجهةِ المشكلةِ ولكنْ لا تُمعن التّفكيرَ فيها أربعاً و عشرين ساعةً في اليومِ. فكّرْ بها بشكلٍ كافٍ لتفهمَ شعوركَ وتجدَ الّطريقةَ الأفضل لحلها والاستجابةِ لها، ثمّ ركّزْ على أمرٍ أكثرَ ايجابيةٍ. و يقترح البحث أنّ تجنّبَ الّتفكيرِ في المشاكلِ أو تجنب الّتعاملِ معها يخلقُ عواملَ اجهادٍ أكثرَ وهذه ظاهرةٍ تُدعى "توليد الضغط" (stress generation). فعلى سبيلِ المثالِ، انْ لمْ تفتحْ مغلّفَ فواتيركَ سينتهي الأمرُ بكَ إلى تلّقي استدعاءاتٍ من مؤسساتِ الجبايةِ.

ثانياً: اسمحْ لنفسكَ أنْ تندبَ أحلامَكَ الضّائعةَ...

إنّ الفجوةَ بينَ ما أردتهُ للأمورِ أنْ تكونَ و بينَ ما آلتْ إليهِ فعلا قد يقودكَ إلى الشعورِ بالحزنِ الممزوجِ بالندمِ. إلاّ أنّ رثاءكَ لها هو خطوةٌ نحوَ تجاوزِ الأمرِ. خُذْ وقتكَ وتواصلْ مع حقيقةِ شعوركَ بطريقةٍ متعاطفةٍ. و قد تُساعدكَ كتابةُ مشاعركَ أو التّكلّمُ عن الأمرِ مع صديقٍ موثوقٍ. فقد أظهرتْ دراسةٌ أنهُّ عندما كتبَ الأشخاصُ المشمولونَ في الّدراسةِ أفكارهم ومشاعرهم العميقة حول تجارب الانفصال التي تعرّضوا لها كانت استعادة التوازن لديهم أسرع وتحسنت صحتهم الجسدية في الأشهر اللاحقة.

وفي دراسةٍ أُُخرى شعر كلٌّ من المدراء التنفيذيين والمهندسين، اّلذين تعمّدوا مواجهةَ مشاعرِ خسارتهمْ للعملِ، بتحكّمٍ أكبرَ بالموقف وزادَ معدّل إعادةِ الّتوظيفِ لديهم في الأشهرِ اللّاحقةِ.

ثالثاً: لا تبقَ عالقاً في شعوركَ كضحيّةٍ.....

أيّاً كان موقفك فلا بدّ أنّك تمتلكُ دوماً خياراتٍ ومهاراتٍ للّتعامل مع الوضعِ. فكّر في المواقفِ السّابقة الّتي تعرّضتَ لها وتجاوزتَها بنجاحٍ وفي كيفيّة تطبيقِ نفسِ المهاراتِ على هذه المشكلةِ. فإذا أُسيئتْ معاملُتك ارفعْ صوتَك أو ارحلْ، وإنْ لمْ تستطعْ الرحيلَ في لحظتها اعمل جاهدا على منح نفسك استقلاليّةً أكثرَ وابحث عنْ فرصٍ أُُخرى.

رابعاً: اختبرْ واقعيةَ توقعاتكَ......

فقد قدّم القرن الحادي و العشرون لنا حقائقَ جديدةً، بما فيها قلّةُ فرصِ العملِ والمنافسةُ لدخولِ الجامعاتِ. لا ضمانات، فقد تضّطرُ إلى سلوكِ طرقٍ بديلةٍ للوصولِ إلى أهدافكَ. وقد يستغرقُ حصولكَ على العملِ الّذي تريدهُ حقًا أو الّراتبِ الذي تعتقدُ أنّكَ تستحقهُ أشهراً أو سنواتٍ. وحتّى أفضلُ العلاقاتِ وأقواها قدْ تمرُّ في لحظاتِ ضعفٍ، وقد يكونُ لرفيقِ روحكَ عيوبهُ.

خامساً: كُنْ لطيفاً مع نفسك...

عندما لا تسيرُ الأمورُ بشكلٍ جيّدٍ فهذا لا يعني بالضرورةِ أنَّ ذلكَ قدْ حصلَ بسببِ أدائكَ الخاطئِ لها. فقد تُرفض في عملٍ ما فقط لأنّك لستَ الخيارَ الأنسبَ الذي يوافقُ الاحتياجاتِ الحاليّةَ لتلكَ الشركةِ وليس لأنّك غيرَ كُفؤ. وقد تنجذبُ إلى شخصٍ لا يؤمنُ بالحبِّ أساساً، أو واقعٍ في حبِّ غيركَ ،أو نرجسيٍّ لا يعرفُ معنى الحبِّ. في حين أنّ ما عليكَ القيامُ بهِ هو التّمعنُ في الموقفِ والتّعلّمُ منهُ. تبنّى موقفاً متعاطفاً مع نفسكَ ولاتحكمْ على نفسكَ بشكل ٍ قاسٍ وبالتالي لن يستحوذَ عليكَ شعورُ الخجلِ أو العارِ بعد تجربةٍ فاشلةٍ.

سادساً: ابحثْ عن بصيصِ أملٍ .......

اسألْ نفسكَ : ما هي الفرصةُ الجديدةُ الّتي يُقدّمها لك هذا الموقفُ؟ وهلْ هناكَ فرصةٌ لتعلّمِ مهاراتٍ جديدةٍ، أو لتغييرِ أولوياتكَ، أو لتوطيدِ علاقاتكَ، أو لتنضجَ كشخصٍ؟ حاولْ عدمَ رؤيةِ الموقفِ من مصطلحِ الأبيضِ والأسودِ. فهي لحظةٌ سيئةٌ وليست حياةً سيئةً. وكما قالَ (Alexander Graham Bell ): عندما يُغلق بابٌ يُفتَحُ آخر ولكنْ غالبا ما ننظرُ مطولاً وبندمٍ على البابِ المغلقِ بحيث لا نرى الباب الآخر الذي فُتِحَ لنا."

سابعاً: كُنْ مستعداً لتجربةِ منهجٍ مختلفٍ.....

إنْ لمْ تنجحْ فيما تفعلهُ فربّما عليكَ أنْ تُجرّبَ أمراً مختلفاً. ولتنجحَ كرائد أعمال- مثلاً- قدْ يكونُ عليكَ أنْ تُطوّرَ منتجكَ أو خدمتكَ، أسلوبَ تسويقكَ، ومهاراتكَ في الّتواصلِ مع الآخرينَ. وإنْ لم تجدْ سوقاً تُسوّقُ فيهِ خدماتكَ فعليكَ إعادةُ صُنعها أو تجديدها بحيثُ توافقُ احتياجاتِ السّوقِ. إنْ لمْ تُقابلْ الشريكَ الذي يوافقك فقدْ يتوّجبُ عليكَ أنْ تُجرّبَ نشاطاتٍ مختلفةٍ أو الذهابَ إلى أماكنَ مختلفةٍ. وإنْ لمْ يتغيّرْ شريككَ أو لم يُلبّي احتياجاتكَ فركّزْ على ايجادِ سعادتك َالخاصةَ. فحصولكَ على ما تريدُ قد يعني تخلّيك عن راحةِ البالِ والابتعاد قليلا عن منطقة الراحة التي اعتدت عليها، تحمّلك للخسارةِ، مخاطرتكَ، والغوصَ في المجهولِ.

ثامناً: ابحث عن تصميمك على الثبات.....

تُظهر الأبحاث أنَّ المثابرةَ والاصرارَ أمرانِ مهمانِ للّنجاحِ كما الذكاءُ. فقد يكونُ استمرارُكَ في الظّهور للعلنِ بعدَ تعرّضكَ للخيبةِ أو الفشلِ أمراً صعباً ولكنّهُ سيكسبُكَ احترامَ الآخرينَ وسيُشعركَ بتحسّنٍ أكبرَ. فيما لو جلستَ وحيداً تجترُّ مشاكلكَ فإنَّ الأمورَ ستسوءُ وسيُثبط ذلك من همتك مما يحول دون القيامِ بعملٍ بنّاءٍ وايجابيٍّ. استخدمتْ الباحثةُ (Angela Duckworth ) مصطلحَ" قوة الإرادة أو التصميم على الشيء" "grit" لتُشيرَ إلى أشخاصٍ ملتزمين بأهدافهم، متحمسين لها، ومتقنينَ لأعمالهم، يعملونَ بضميرٍ حيٍّ، ويُظهرونَ المثابرةَ والاستمرارَ مهما طالَ بِهمُ الزّمنُ.

وفي دراساتٍ أُجريت على مجموعاتٍ مختلفةٍ من الأفرادِ، وجدَ الباحثونَ أنَّ العزمَ أو التصميم يقود للنجاح كما الموهبةُ والذّكاءُ وغيرهما من المعاييرِ.

الفشلُ والخيبةُ أمرانِ يصعبُ التّعاملُ معهما فتوقعْ أنْ تشعرَ بالحزنِ أو الغضبِ وأنْ تكونَ مترددَا غيرَ متيقّنٍ من خطوتك الّلاحقةِ. ابنِ لنفسكَ نظاماً داعماً يُبقيكَ مُتحفّزاً بينما تتعرّضُ لتغيّراتٍ صعبةٍ في حياتك. فقد يُقدّمُ أطباءُ النفسِ المدرّبونَ الخبرةَ والدّعمَ اللّازمين، بينما يُطمئنك الأصدقاءُ والأهلُ بتأكيدِ قدرتكَ و استحقاقكَ للنّجاحِ أو يمدّونكَ بالدّعمِ الماديّ والعمليّ. فبالصّبرِ والتصميم والتعاطفِ مع الذّاتِ يمكنكَ العودةُ إلى مساركَ لتبنيَ حياتكَ الّتي تُريدُ.

المصادر:

هنا