العمارة والتشييد > التشييد

مُخمّد الرياح والزلازل في برج Taipei 101

من أشد الصعوبات التي تواجه المهندسين عند تصميم ناطحات السحاب هي قدرة البناء على مقاومة الرياح والزلازل، فكيف إذا كانت ناطحة السحاب تقع في منطقة أعاصير وفي جوار صدع زلزالي كبير، هيا بنا نتعرف إلى أهم الإنجازات الهندسية في مجال المخمدات الزلزالية في برج تايبي 101 Taipei 101 في تايوان.

قامت مجلة Popular Mechanics بتشكيل لائحة بالمنشآت العشرة في العالم الأكثر قدرة على تحمل الفيضانات، الرياح، العواصف، و الزلازل. وقد تم العمل على التقييم من قبل مختصين في هذا المجال من جامعة Yale، ومعماريي مجموعة SHoP، ومعهد Resilient Design . وقد تصدَّر هذه اللائحة برج تايبي101 (Taipei 101) في تايوان. يعتبر البناء ذو ال 508 أمتار أحد أطول الأبنية في العالم ومصمم كي يبقى آمنا ًبالرغم من وجوده على حافة صدع زلزالي وضمن منطقة أعاصير، وهو لا يمانع بالترحيب بأي خطر آخر محتمل.

لنتعرف قليلاً على طرق حماية المباني من الزلازل في العالم . حيث أنه من المعروف أننا لا نستطيع أيقاف الهزات الأرضية، كما اننا لا نستطيع أن نمنع تحرك الطاقة في الكرة الأرضية، فكيف لنا أن نحمي المباني والناس في المناطق المعرضة للزلازل بشكل دائم. من المعروف أنه من المستحيل تأمين المباني كلياً، لكنه يمكننا التقليل من فرصة حدوث الأضرار جراء الزلازل وذلك من خلال تصميم منشآت بإمكانها امتصاص وتبديد الطاقة الناتجة عن الأمواج الزلزالية. والطريقة المعتمدة لفعل ذلك عن طريق فصل البناء عن أساساته بما يعرف بالعوازل القاعدية. عوضاً عن جعل المبنى موثق تماماً بأساساته بشكل يمنع حركته فإنه عندما تقف في الطوابق العلوية ستشعر بأن القواعد أصبحت مطاطية تسمح للبناء بحرية أكثر في الحركة. نفذ هذا النظام في مستشفى جامعة جنوب كاليفورنيا (USC) في لوس أنجلس والمشفى عبارة عن مبنى من ثمانية طوابق مُدعم ب 149 جزء من هذه العوازل. وعندما ضرب المشفى زلزال في عام 1994 شدته 6.7 درجة على مقياس ريختر، لاحظ العلماء أن العوازل ساعدت على تقليل اهتزاز المبنى بنحو الثلثين.

طريقة أخرى من المباني تشيد على مبدأ الضواغط الهيدروليكية العملاقة يطلق عليها اسم المخمدات dampers، تشبه قليلاً من حيث المبدأ نوابض امتصاص الصدمات في السيارات، حيث أنها تقوم بامتصاص الاهتزازات الأرضية قبل أن تتمكن من الانتقال إلى الطوابق العليا. بعض المخمدات تعمل على مبدأ الينابيع الغازية، والبعض يعمل على مبدأ الاهتزاز ذهاباً وإياباً كما الرقاص في ساعات الحائط، لكن أكثر الطرق تعقيداً هي طريقة الرقاصات المتموضعة فوق رقاص أو رقاصين آخرين والتي تؤمن امتصاص كمية كبيرة من الاهتزازات. ولعل أكثر مخمدات الصدمات شهرة في العالم هي الكرة العملاقة التي تزن 660 طن داخل ناطحة سحاب تايبي 101 في جزيرة تايوان.

يملك برج تايبي 101 أكبر وأثقل مخمد رياح في العالم يسمى بالمخمد الثقلي المتناغم the tuned mass damper (TMD) والمصمم خصيصا كنظام تخميد سلبي. وظيفته الرئيسية هي التقليل من تمايل البرج اثناء الرياح القوية والتخلص من أي إزعاج قد يحدث لأي شخص موجود داخل المبنى. وهوعلى شكل كرة يصل قطرها إلى 5.5 متر وبوزن قدره 660 طن. وهو مخمد الرياح الوحيد في العالم العامل والمتاح لمشاهدة الزائرين، حيث أنه معلق بين الطابقين 92 و 87 ويتكون من 41 طبقة من الحديد الصلب على شكل أقراص بسماكة 12.5 سم للقرص الواحد مصبوبة مع بعضها البعض، وتعتبر واحدا من العناصر الرئيسية من نظام مقاومة الرياح والزلازل في ناطحة السحاب. ففي حال حدوث زلزال أو رياح عاتية تسببت في ميلان المبنى في اتجاه ما، فإن الكرة المثبتة بواسطة مكابس هيدروليكية ضخمة سوف تتحرك بالاتجاه الآخر لتقلل من تأثير الميلان.

والصورة التوضيحية تَظهر كيف أن المخمد الشامل المتناغم داخل تايبيه 101 يساعد على مقاومة الصدمات الرياح والزلازل.

وخلافاً لما هو متعارف فالمخمد في برج تايبي 101 ليس محجوب للرؤية للعامة، فهو يشكل وبشكل استثنائي وظيفة جمالية أيضاً، حيث أتاح تصميم البرج أن يكون باستطاعة الزوار القاء نظرة على كامل مخمد الرياح ورؤية كيفية عمله داخل البرج.

فيديو يبين حركة المخمد الرياح في 21 سبتمبر 2014، أثناء إعصار فينيكس.


المصادر:

هنا

هنا

هنا