العمارة والتشييد > التصميم العمراني وتخطيط المدن

كيف يمكن للتخطيط العمراني الحد من الجريمة والعنف – الجزء الثالث:

يعتبر موضوع الأمن من أكبر الهواجس التي باتت تسيطر على الفرد في العصر الحديث خاصةً بعد ظهور مجموعة من التهديدات الجديدة التي تتعلق بقضايا الجريمة والإرهاب. إنّ اختيار الشخص للسكن في حيٍّ ما تقوده عدّة خيارات ربما يكون من أهمها مدى شعور الشخص بالأمان في هذا الحي.

إلى أيّ حد يمكن للهندسة المعمارية أن تسهم في تحقيق الشعور بالأمان لدى السكان ؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه السلسلة المتضمنة الإجراءات المعمارية المرتبطة بتحقيق الأمن والسلامة ضمن الأحياء السكنية.

هناك طريقتين أساسيتين لمكافحة الجريمة في البيئة العمرانية:

الطريقة الأولى والأكثر ارتباطاً بموضوع الجريمة تتطلب خلق مزيداً من الانضباط بالقانون والنظام: من خلال توظيف المزيد من عناصر الشرطة، وسن قوانين أكثر صرامة، وعقوبات أشدّ إضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية؛ فيما تتمثل الطريقة الثانية في التركيز على الأسباب الجذرية للجريمة.

عادة ما تبدأ المدن المعنية بمبادرات منع الجريمة بالبيئة المبنية، والتي تتضمن تحليل مفصل للظروف المرتبطة بارتكاب الجريمة لتحديد الأنماط المحلية والظروف البيئية التي ربما تؤدي إلى خلق فرص لحدوث الجريمة.

تطرقنا في المقالين السابقين إلى الأثر المباشر للقرارات التصميمية التي يتخذها المهندسون على مدى الشعور بالأمان ضمن الأحياء السكنية، ثمّ على الإجراءات التفصيلية التي تسهم في زيادة الأمان في التجمعات العمرانية.

في هذا المقال سنتابع الإجراءات التفصيلية التي تسهم في زيادة الأمان ضمن التجمعات العمرانية:

وهي معايير مرتبطة بالفراغات العامة ضمن المدينة واستراتيجيات مرتبطة بتصميم المباني بحد ذاتها:

المعايير التصميمة والتخطيطية للوصول إلى مدن أكثر أمنا:

هناك عدة معايير ينبغي الالتفاف لها عند تخطيط المدن للوصول إلى تصميم أكثر أمناً للمدينة تتمثل هذه المعايير في:

العوامل التي تعزز الأمن والسلامة:

1- الإضاءة: من أجل تمييز الوجوه على بعد 15 متراً، يجب أن تكون الفراغات العامة مضاءة بالحد الأدنى من شدة الإضاءة (4 شمعة/قدم). وهذه المعايير تشمل الأزقة والحارات الضيقة وفراغات الأدراج، بالإضافة إلى مسارات الدخول والخروج واللافتات في المدينة. كما يجب التأكد من اتساق الإضاءة، والتموضع المناسب لعناصر الإنارة، والصيانة المستمرة، والتخطيط الجيد للاستخدام الليلي.

2- تنسيق الموقع: اختيار عناصر الفرش العمراني بحيث تكون بمثابة فواصل وحواجز للمراقبة.

3- تجنب نقاط الانحباس: مثل المصاعد والمخازن، وأدراج النجاة، والمداخل المظلمة التي ممكن أن تكون مقفلة ليلاً، والفراغات الموجودة بين الشجيرات، والمداخل المنحنية أو المفصولة بدرجات، مواقف السيارات ومحطات الوقود.

4- توفير معدات خاصة: مثل هواتف الطوارئ، والاتصال الداخلي، وكاميرات المراقبة.

5- تحقيق إمكانية الرؤية من قبل الآخرين: بحيث لا يكون المستخدم معزولاً ويتحقق ذلك من خلال الاستعمالات المختلطة وتكثيف استعمالات المنطقة الواحدة، إضافة إلى الاستخدام الذكي لمولدات النشاطات التي تتضمن كل شيء من زيادة الفعاليات الترفيهية ضمن الحديقة، واختيار المواقع السكنية ضمن مناطقة تجارية سابقة، وصولاً إلى إضافة مقهى رصيف إلى بناء المكاتب.

استراتيجيات الحصول على تصميم آمن:

الاستراتيجيات المرتبطة بالمبنى:

- التقليل من عدد الأدراج التي تنتهي إلى الفراغ الخارجي.

- جعل المخرج ما أمكن عن طريق الردهة.

- عدم وضع أي مداخل خلف النقاط المسيطر عليها.

الاستراتيجيات المرتبطة بالبيئة المحيطة:

- تأمين حدود فيزيائية تفصل بين الفراغات الخاصة والعامة.

- تصميم ممرات مشاة وسيارات للمراقبة الطبيعية.

- تحديد المداخل العامة والخاصة بالإضافة إلى مداخل الزوار بشكل واضح.

- تأمين تحكم يدوي والكتروني لنقاط الوصول الداخلية والخارجية

- تجزئة المناطق الحرجة من أجل تحقيق أفضل قدر من السيطرة.

- تقييد الوصول إلى أماكن التخزين.

- الحد من عدد المخارج ضمن المنشأة الواحدة بالاعتماد على ضرورات التشغيل وقوانين الطوارئ.

- توضيح الإشارات التي تحدد مداخل الموقع.

- تأمين إضاءة كافية ومراقبة مواقف سيارات الزوار والعاملين.

وبذلك نكون قد استعرضنا جميع الإجراءات المرتبطة بتحقيق الأمن والسلامة ضمن المدن، وسنستعرض في المقال القادم إجراءات الأمن المرتبطة بمكافحة الإرهاب.


المرجع:

Carmona، M.، Heath، T.، Oc، T. and Tiesdell، S. (2003)، Public Places -Urban Spaces - The Dimensions of Urban Design، Architecture Press، Oxford/ United Kingdom.