كتاب > الكتب الأدبية والفكرية

جمالُ العربيّة.. لغةُ الضّاد.. لغتُنا الجميلة!

أذكرُ وأنا ابن ستة عشر عاماً عندما كنتُ أتلمّس طريقَ المعرفة والكتب، كضريرٍ يمشي في شارعٍ مزدحم، أذكرُ حينها أنّه استوقفني عند واجهةِ المكتبة الوحيدة في حيّنا الفقير كتابٌ بعنوان "جمال العربية"، كتابٌ رصاصي اللون صغير الحجم رسم عليه حرف الضّاد..

دخلتُ المكتبة وسألتُ عن سعر الكتاب قبل أن ألمسه بيدي وفعلاً كان سعره أربعة أضعاف ما كان في جيبي من نقود، ومرّ أسبوعان واستطعت أن أدّخر المال واتّجهتُ للمكتبة كحبيبٍ يذهب للقاء المحبوبة!.. أعطيتُ الرجلَ النقود وناولني الكتاب في كيسٍ من البلاستيك.. فأخرجت الكتاب وردّدت الكيس إلى البائع قائلاً: "عمو بابا بيقول ما لازم نحط الكتب بكياس الخضرة".

لم أكنْ عندها أعي أبعاد هذه الجملة ولكني كنت قد حفظتها من والدي الذي لا يقرأ ولا يكتب!.

هذه هي قصتي غير المهمّة مع كتاب "جمال العربية"، فإذا تجاوزناها وانطلقنا قارئي العزيز إلى ما يهمك من محتويات الكتاب، فإنني أعدك بأنّك ستدخل عالماً مِلئه الشّعر والنّثر، حديقةً غنّاء، يتيه النظر فيها، لا تستطيع من فرط الجمال أن تركّز النظر في ناحيةٍ بعينها.

هل سمعتَ بفتاة حي أبي فراس الحمداني؟ أم هل قرأت قصة الحب بين الجواهري ونهر دجلة؟ أتراك عرفت زمان الوصل في الأندلس؟ أم بكيت مع السياب تحت المطر؟ وتألمت مع الخنساء في بكائياتها؟ وهل تعرف من هي صاحبة قصيدة المتجردة للنابغة الذبياني؟ وهل تحسرت مع ديك الجن الحمصي على قتله لزوجته ومعشوقته؟ أم هل صليت في هيكل الحب مع الشابّي؟ كل هذا والكثير غيره سيمر بك وأنت تتذوق عنب هذا الدالية المسماة اللغة العربية، وآآآه كم ستسكرك خمرتها!

"إن هذا الكتاب هو سطور من سفر جليل ضخم هو ديوان العربية في شعرها ونثرها، بعض هذه السطور يقدم نماذج من تجليات العربية لدى عدد كبير من الشعراء والكتّاب الذين يمثلون عصوراً شتى وأقطاراً عربيةً مختلفةً، وهذه النماذج ليست إلا نصوصاً دالّة وكاشفة نَفَضَتْ عنها غبار الإهمال والتجاهل لتعود أصوات المتنبي وأبي فراس الحمداني وابن المقفع وابن الرومي وأحمد شوقي والجواهري... وغيرهم، تشق طريقها إلى الآذان".

ما ذُكِر أعلاه من كلمة الناشر ينطبق على الفصل الأول من الكتاب والمعنون بـ"تجليات عربية"، أما الفصل الثاني والأخير فقد جاء تحت عنوان "تحقيقات وتصويبات لغوية" عرض فيه الكاتب تحقيقات ووقفات وتصويبات لغوية بأسلوب جميل من خلال الأمثلة والاقتباسات الشعرية والنثرية التي جعلت رحلتنا المعرفية في هذا الفصل غاية في الجمال والمتعة والمعرفة. وهدَفَ هذا الفصل إلى تقويم الاعوجاج اللغوي لدى بعض الكتّاب والناطقين بلغة الضّاد.

إن هذا الكتاب هو تجميع لمقالات متنوعة نُشِرت في أعداد مختلفة في مجلة "العربي" الكويتية تحت عنوان "جمال العربية"، والتي يكتبها الكاتب والشاعر المصري صاحب الصوت الرخيم الأستاذ "فاروق شوشة".. وتبقى مقالات هذا الكتاب غيض من فيض لغتنا الجميلة، لعلها تنير لك عزيزي القارئ الدرب وترشدك لتنهل المزيد من ماء لغتنا العذب.

معلومات الكتاب:

الكتاب: جمال العربية

المؤلف: فاروق شوشة

دار النشر: وزارة الإعلام - الكويت

عدد الصفحات: 272 قطع صغير.