الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

الطائر المقلد... رمز الثورة على الجوع

إذا ما سمعت سلسلةً غير منتهية من الألحان تصدر عن 10 إلى 15 طائراً فاعلم أنه من الممكن أن يكون الطائر المقلد الشمالي Northern Mockingbird. هذه الطيور الرمادية ذات أجساد انسيابية حجمها المتوسط أرشق بقليل من طائر السمنة وذوات ذيل أطول. تمتلك الطيور المقلّدة رؤوساً صغيرة ومنقاراً طويلاً ورقيقاً مع تقوس تحتي وقدمين طويلتين، كما أن أجنحتهما قصيرة مدورة وواسعة والذي يجعل من الذيل يبدو أطول عند الطيران.

لون الطائر المقلد رمادي بني، أكثر شحوباً عند الصدر والبطن مع خطوط ورقعة بيضاء على كل جناح مرئية في أغلب الأوقات على الطيور الجاثمة، وتعطي عند الطيران شكل ومضات بيضاء كبيرة، كما أن ريش الذيل الخارجي الأبيض مبهر أيضاً عند الطيران.

ما يلاحظ على سلوك هذا الطائر بأنه يستمتع بإشهار قدومه ويتم ذلك بجلوسه عادةً بشكل واضح على النباتات العالية والأسيجة والأسلاك الهاتفية، أو عندما يقفز على الأرض. يوجد على مدار السنة بشكل منفرد أو على شكل أزواج ويلاحق الدخلاء على أراضيه ويقوم بالصراخ على الطيور المتطفلة.

أما غذاؤه، فهو آكل حشرات ونباتات فيأكل بشكل رئيسي الحشرات في الصيف وينتقل لأكل الفاكهة في الخريف والشتاء. ومن بين فرائسه الحشريّة، الخنافس وديدان الأرض والعث والفراشات والنمل والنحل والزنابير والجنادب والسحالي الصغيرة أيضاً. أما الفاكهة، فهو يأكل مختلف أنواع التوت بالإضافة إلى ثمار متعدد الزهور Rosa multiflora، كما شوهد يشرب النسغ من أغصان الأشجار المقطوعة حديثاً (النسغ: سائل عصاري يجري في أوعية النباتات حاملا لها الغذاء).

يشتهر المقلد بتواجده في المنتزهات والأراضي الزراعية والمناطق المدنية أو في الأراضي المفتوحة وفي المرتفعات المنخفضة وهو يفضّل المناطق العشبية على العارية عندما يبحث عن طعام.

توجد بعض الحقائق الممتعة عن هذا الطائر؛ فقد بلغ عمر أكبر طائر مقلد مسجل الـ 14 عاماً و10 أشهر. ويغني الطائر المقلد بشكل دائم تقريباً فيغني طوال النهار وقد يمتد إلى الليل ولكن أكثر المغنيين الليليين هم ذكور غير متزاوجين. يمكن للذكر من هذا النوع من الطيور تعلم أكثر من 200 أغنية خلال حياته ويكثر الغناء الليلي في ليالي اكتمال البدر. أما أنثى الطائر المقلد فتغني ولكن بشكل أكثر هدوءاً من الذكر. يغني الطائر المقلد من شباط حتى آب ومرة أخرى من أيلول وحتى تشرين الثاني وكل ذكر على الأغلب لديه أغنية للربيع وأغنية للخريف. بينما تغني الأنثى بشكل نادر في الصيف وعادة ما تغني عندما يكون الذكر بعيداً عن العش.

للأسف ليست الطيور المقلّدة هي الوحيدة التي تقدر موهبة الغناء العذب بل الإنسان أيضاً؛ ففي القرن التاسع عشر شارف هذا النوع على الاختفاء من أجزاء من الساحل الشرقي فقد كانت الطيور تحبس في أقفاص وتباع للمدن مثل فيلاديلفيا وسانت لويس ونيويورك حيث يمكن أن يصل ثمن الطير الواحد إلى 50 دولار.

لكن ما سبب تسميته بالطائر المقلد أو المحاكي؟!

تستطيع أنواع طيور عديدة تقليد أصوات طيور أخرى إلا أن الطائر المقلد الشمالي هو أفضل طائر معروف في أمريكا الشمالية لهذه الصفة. يستطيع أن يقلد صوت عدة طيور إضافةً إلى القطط والكلاب والضفادع والصراصير وصرير العجلات وحتى أجهزة إنذار السيارات ومع أنها بتقليدها قد تستطيع خداع الإنسان إلا أن الطيور الأخرى لا تقع في هذا الفخ.

يعتقد أن تقليد الأصوات عند المقلد الشمالي شكل من أشكال الانتقاء الجنسي حيث يؤثر حجم ذخيرة الأغاني التي يستطيع الطائر أداءها في اختيار الشريك وقد حاولت دراسة العام 2013 تفسير محاكاة الأصوات وخلصت إلى أن الانتقاء الطبيعي يبقي على الأفراد متسعة القوالب السمعية والتي تملك قدرة تقليد أكبر كما يتطور التقليد لديها كنوع من الأخطاء أثناء تعلم التغريد.

وجد أن الطيور المحاكية كانت قادرةً على التكيف مع البيئات الحضرية والعيش في المدن حيث تعلمت بسرعة أنواع التهديدات الناتجة عن وجود البشر وسبل تلافيها كما أظهر بحث العام 2009 أن الطيور المحاكية استطاعت تذكر وجه الإنسان الذي سبق واقترب من عشها محاولاً تهديدها من بين عدة أشخاص.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا