الفنون البصرية > فن وتراث

فن الاستشراق - الجزء الأول

يمكنكم الاستماع للمقال عوضاً عن القراءة

ما هو فنُّ الاستشراق؟

فنُّ الاستشراقِ هو الفنُّ الذي يصوِّرُ حضارةَ الشرقِ بعيونٍ غربـية. وبالطبع، لا يُقصَدُ بالحضارةِ الشرقيةِ حضاراتُ الشرقِ الأوسطِ فحسب، بل اتّسعَ المصطلحُ ليشملَ دولَ شرقِ آسيا وتـركيا وشمالَ إفريـقيـا.

بداياتُ فنِّ الاستشراق:

يوجدُ العديدُ من اللوحاتِ في العصورِ الوسطى وعصرِ النهضةِ والعصرِ الباروكـيِّ الذي دامَ حتى القرنِ الثامن عشر، والتي صوّرت الأتراكَ وسكّانَ المغربِ والأندلـسِ بطريقةٍ مميزة. اكتفت اللوحاتُ في هذه الفترةِ بتصويرِ شخصياتٍ ارتدَت الأزيـاءَ التي سادَت الشرقَ في تلكَ الفترةِ كالعمائم مثلاً Turbans.

وفي البندقيةِ في عصرِ النهضة، كانَ هناك اهتمامٌ من نوعٍ خاصٍّ في اللوحاتِ التي تصوّرُ الإمبراطوريـةَ العُثمانية. وكان جِينتيل بيليني وفيتّور كارباتشيو من أهمِّ ممثلي هذه الحقبة. وفي ذاتِ العصر، استحوذت اللوحاتُ التي كانت تصوّرُ السجـّادَ على اهتمامِ الفنانين لما كانت تعكسُه من حَظْوةٍ وثراءٍ في الشّرق.

وفي القرنِ التاسع عشر وبعدَ الحملاتِ العسكريةِ الأوروبية، تزايدت أعدادُ الفنانين الذين اتجهوا إلى الشرقِ فكانت لوحاتُهم متنوّعةً وعكست العديدَ من المشاهدِ في الحضاراتِ الشرقية. ألْهَمَ هذا السّحرُ الشرقيُّ بألوانِه وجماليّتِه واختلافِه الكبيرِ عن الغربِ هؤلاءِ الفنانين منهم الرسامُ الفرنسيُّ جان- ليون جيروم 1824–1904 الذي رسم العديدَ من صورِ الحياةِ في مصرَ خاصةً والشرقِ عامة.

من أشهرِ لوحاتِه "تاجرُ السّجاد" عام 1887 وصوّر الفنانُ في هذه اللوحةِ فناءَ سوقِ السّجادِ في مدينةِ القاهرة حين زيارتِه لها عام 1885، يجدر الذكر أنّ اللوحةَ معروضةٌ حالياً في معهد مينيابوليس للفنونِ في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية.

- أبعادُ اللوحة: 86.04 × 68.74 cm

- لوحةٌ زيتيةٌ على قماشِ كانفاس

ولوحةُ "المؤذّن" 1866 التي توجدُ الآن في متحفِ جوسلين للفنونِ في نبراسكا في الولاياتِ المتحدة الأمريكيـة.

- أبعادُ اللوحة: cm 100.01 × 83.82

- لوحةٌ زيتيةٌ على قماشِ كانفاس

اللوحةُ الزيتيةُ "بائعُ الثيابِ في القاهرة" 1867:

- أبعادُ اللوحة: 45 cm × 55.8

- ألوانٌ زيتيةٌ على لوحةٍ خشبية

وكذلك، فقد جاءَت بعضُ اللوحاتِ كبروباغاندا للاستعـمارِ الغربيِّ وصوّرتِ الشرقَ كمكانٍ للرجعيّةِ والتخلُّفِ، فعلى سبيلِ المثال صوَّرت اللوحةُ الاستشراقيـّةُ للرسامِ أنتوان جان-غرو في متحفِ اللوفر في باريس "نابليون في بيتِ مرضى الطّاعونِ في يافا" 1804 حصارَ نابليون لمدينةِ يافا ويظهرُ نابليون في هذه اللوحةِ وهو يلمسُ مريضاً مصاباً بالطاعونِ من يافا وكأنّهُ المسيحُ المداوي لآلامِ المرضى رافضاً إقنـاعَ الجنودِ من حولِه بتغطيةِ فمِه أو عدمِ ملامستِهم خشيةَ العدوى. ويُجدر بالذكر أنّ جان-غرو لم يزُر الشرقَ قطّ في حياتـه.

- أبعادُ اللوحة: H. 5.23 m× W. 7.15 m

- لوحةُ زيتٍ على قماشِ كانفاس

ومن أشهرِ اللوحاتِ في الفنِّ الاستشراقيِّ هي التي صوَّرت النساءَ في الحماماتِ التركيةِ وفي مخادعِهِنّ أو ما يُدعى "الحرملك" بصورٍ تجمعُ بين الجمالِ الشرقيّ والإثارة الحسيّـة.

لوحةُ الرسامِ البريطانيِّ جون فريدرك لويس 1805-1876:

"الحياةُ في الحرملك" 1858 في متحفِ فيكتوريا وألبرت في لندن

- ألوانٌ مائـية

لوحةُ الرسامِ النمساويّ موريتز ستيفتر 1857-1905 : "في الحرملك"

لم يتوقّف الفنُّ الاستشراقيُّ عند لوحاتِ الفنانين الغربِ فحسب، بل انتقلَ إلى الهندسةِ المعماريةِ والأثاثِ والديكوراتِ الداخليـّة بل وحتّى الأقمـشةِ التي كانت مرغوبةً بشدّةٍ من قِبل الطبقاتِ الأرستقراطيّةِ في أوروبـا. ولم ينتهِ الفنُّ الاستشراقيُّ في القرنِ التاسع عشر بل استمرّ بالظهور في أعمالِ العديدِ من الرّسامين في القرن العشريـن أمثال أوغست رينوار، وبول كلي، وأوغست ماك.

المصادر:

هنا

هنا

هنا