الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

السبب الرئيس لشرب المراهقين السويدين كميات أقل من الكحول في الوقت الراهن

نقاش حول استهلاك المشروبات الكحولية

منذ سنة 2000 انخفضت نسبة استهلاك الكحول بين مراهقي السويد 15-16 سنة وازدادت أعداد الشباب الذين يدعون بأنهم لا يشربون الكحول بشكل ملحوظ. ليست السويد فقط هي الدولة المعنية بهذا التغيير ولكن نزعة استهلاك الكحول قد انخفضت في جميع بلدان أوروبا الغربية تقريباً. لقد تم في هذه الدراسة ترجيح ما هو السبب الرئيسي لهذا الانخفاض الواضح في استهلاك المشروبات الكحولية، لقد عُزيَ الأمر بأن استهلاك الكحول مرتبط بشكل وثيق بالعادات الاجتماعية للمجتمع خصوصاً بعد انضمام السويد إلى الاتحاد الأوروبي سنة 1995.

هنالك عدة تفسيرات كانت قد قدمت حول الموضوع ومنها أن العادات الترفيهية الجديدة قد تكون سبباً وراء ذلك. فبدلاً من التسكع في أكشاك الهوت دوغ أو صالات الرقص أو مراكز الترفيه الأخرى وتحت تأثير المخدارت يفضل معظم المراهقين اليوم الجلوس في المنزل ولعب الألعاب الالكترونية أو الانخراط في غيرها من وسائل التواصل الاجتماعية. وهذه الأنشطة الجديدة يبدو أنها تساعد على إنشاء مجتمع خال من المخدرات عوضاً عن مجتمع مدمن عليها.

بالربط مع ما سبق يعقتد أيضاً أن مجال التحكم وسيطرة الأهل على الأولاد صار أوسع ، فمثلاً قبل ظهور الهواتف المحمولة كانت امكانية متابعة ومراقبة الأهل لأولادهم صعبة بشكل واضح ، ماذا يفعلون عندما يكونون خارج المنزل، وما هي الظروف والاوضاع التي تؤدي بهم الى الوقوع تحت تأثير المشروبات الكحولية .

البعض ذهب بادعاء إلى أن مراهقي اليوم " ينضجون" متأخراً. هذا بالطبع ليس نتيجة لتغيير تطوري يمكن أن يؤدي إلى البلوغ في مرحلة متأخرة وإنما التغييرات والتطورات الحاصلة في المجتمع المحيط قد تكون السبب وراء ذلك.

بين عامي 1970 و1980 لم يكن أمراً غير عادياً أن يتجه الطلاب المتخرجين من مرحلة التعليم الأساسي إلى العمل والانتقال خارج المنزل بدلاً من الالتحاق بالمدارس الثانوية.

هذا أمر أصبح بالكاد يحدث اليوم. يوجد اليوم القليل جداً من الأعمال المناسبة للمراهقين بأعمار 16 سنة وتتطلب أغلب الأعمال اليوم الحصول على شهادة ثانوية على أقل تقدير حتى يحصل الشخص على فرصة للعمل.

أعداد كبيرة من مراهقي اليوم أصبحوا يفضلون البقاء في المنازل فترة أطول والتركيز بشكل أكبر على الدراسة والتعلم. هذه ساعد على تعزيز الرقابة الأسرية والتغيير في هوايات أوقات الفراغ بدوره ساعد على تقوية السلوك الذي يؤدي إلى خفض في كمية استهلاك المشروبات الكحولية.

يمكن ايضاً إضافة عامل باعتباره تفسيراً لهذا الانخفاض في استهلاك المشروبات الكحولية وهو الهجرة إلى السويد. الحجة هنا هي أن أعداد المهاجرين المتزايدة إلى السويد والتي تكون غالبيتها من بلدان ذات أغلبية مسلمة مما قد يؤدي بدوره إلى أن يؤثر على استهلاك المشروبات الكحولية بين المراهقين.

حيث يُعتقد أن هذه البلاد ذات الأغلبية المسلمة تعزز لدى هؤلاء المراهقين القيم الإسلامية التي تحظر تناول الكحول.

هل هذا يعني بالضرورة أن التناقص التدريجي لاستهلاك الكحول بين المراهقين في السويد له علاقة بالأسلمة التدريجية لعادات وسلوكيات استهلاك الكحول؟

لدراسة هذه الحالة طلبنا من المكتب المركزي للإحصاء SCB القيام بدراسة احصائية عن عدد الأفراد الذين ولدوا في البلدان ذات الأغلبية المسلمة أو أن أحد الوالدين على الأقل قادم من تلك المناطق. الدراسة شملت المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 16 سنة في المدة التي تترلوح بين 1971 و 2013. تمت مقارنة العينات من المراهين الذين يدعون أنهم لا يستهلكون الكحول في نفس الفترة الزمنية محل الدراسة. يطلق على هذه الطريقة تحليل السلاسل الزمنية ويتم استخدامها لاظهار العلاقة بين المتغيرات المختلفة عبر الزمن. تمت السيطرة قدر الإمكان على نسبة الأخطاء المحتملة في الدراسة.

أظهرت نتائج الدراسة أنه لم يتم إثبات وجود أية علاقة وصلة بين الهجرة إلى السويد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة من جهة والانخفاض الحاصل في استهلاك الكحول من جهة أخرى أو بشكل أكثر تحديداً مع الأعداد المتزايدة من المراهقين 15-16 سنة الذين يدعون أنهم لا يشربون الكحول.

استناداً إلى ما سبق يمكننا القول مع بعض اليقين إلى أن الانخفاض في استهلاك المشروبات الكحولية بين المراهقين في السويد ليس له أية صلة بالتكيّف مع التقاليد الإسلامية.

المصدر:

هنا