الهندسة والآليات > الروبوتات

أجهزة تستبدل حواسنا السمع باللسان

يعاني العديد من الناس من مشاكل في السمع، فالتعرّض لأصوات عالية، التقدم في السن، الخلل في تشكيل الأذن الداخلية وبعض الأمراض والفيروسات كلها أسباب لضعف السمع أو حتى فقدانه في بعض الحالات!

تتم معالجة هؤلاء المرضى بواسطة عملية جراحية تتضمن زراعة جهاز يحلّ محل الحلزون في الأذن الداخلية ويتصل مع العصب السمعي بالتالي يمكّنهم من السمع.

و لكن هل يعتبر هذا الحل كاف و عملي بآن واحد؟

من مساوئ هذه العملية أنّها تكلّف أكثر من 100،000 دولار وتحتاج إلى كون الأجزاء الأخرى في الأذن سليمة لذلك لا يعد كل المرضى مؤهلين لهذه العملية.

ماذا عن بضعة آلاف الدولارات مع كفاءة تعادل العملية السابقة وحتى أفضل منها ؟!...

يعمل فريقٌ من الباحثين في جامعة كولورادو على تطوير جهازٍ يقوم بترجمة الأصوات عن طريق اللّسان بدلاً من الأذن.

إذاً... كيف يعمل هذا النوع من الأجهزة؟

تقوم مكبرات الصوت بالتقاط الأصوات وإرسالها إلى معالج يقوم بتحليل هذه المعلومات، ثم نقلها إلى مستقبل حيث يتم تحويلها إلى نبضات كهربائية. مع التدريب المستمر يتمكن الدماغ من إدراك هذه النبضات الكهربائية واستقبالها على أنها معلومات صوتية مفيدة.

تشترك التقنيتان القديمة والجديدة فيما سبق، تقوم التقنية القديمة بتحفيز العصب السمعي مباشرة بواسطة النبضات الكهربائية بينما في التقنية الجديدة يتم إرسال هذه النبضات إلى قطعة مزوّدة بالعديد من الالكترودات عن طريق البلوتوث. عندما يضغط المرضى هذه القطعة على لسانهم فإنهم يشعرون بالنبضات الكهربائية تمر عبر لسانهم وذلك على شكل وخزة خفيفة.

صورة توضح القطعة الفمويّة

إنّ ما يقوم به هؤلاء الباحثون هو استخدام حاسة اللّمس في اللّسان لإرسال إشارات للدماغ يمكنه فهمها وترجمتها إلى أصوات.

تكمن فكرة هذه التقنية بأنّ الدماغ مع التدريب سيتعلّم أن يترجم النبضات إلى كلمات ،وهكذا فإنّ المريض فعلا يسمع عن طريق لسانه.

للوهلة الأولى يبدو هذا الأمر بعيد المنال ،فلابد لنا أن نكون سمعنا أنّ عقل الإنسان بعد البلوغ يصبح غير قادراً على التكيّف مع الأمور الجديدة ،فكيف يمكن للدماغ (الّذي يعلم أن الإشارات العصبية الّتي تحمل الأصوات تأتي من الأذن) أن يترجم الإشارات الّتي تأتي من اللّسان على أنها أصوات ؟

تؤكّد ليزلي على أنّ هذا الاعتقاد خاطئ ،ويبيّن ذلك تمكّن المكفوفين من القراءة بواسطة طريقة بريل المعروفة حيث تكون الكلمات بشكل رموز بارزة ويتمكن المكفوفون من إدراك الكلمات عن طريق اللمس ،وتقول "لدى دماغنا مرونة كبيرة حتى ونحن بالغون حيث يمكن التكيّف مع التغيّرات في المعلومات الواردة خاصة تلك المهمة جداّ للفرد كالسمع.

كمهندسين يعلم ويليامز ومورتيز كيفية وضع عدد كبير من الالكترودات في مساحة صغير جداً ولكن لا يعلمان أين يجب وضعها على القطعة الفموية لكي يستطيع اللّسان أن يلتقط أقوى إشارة ممكنة ،ومن هنا جاءت أهمية ليزلي في مساعدتهما على تحديد المناطق من اللّسان الّتي تلتقط النبضات الكهربائية وفيما إذا كانت هذه المناطق تختلف من شخص لآخر.

ولتحقيق هذا الهدف بدأ الباحثون دراسة جديدة يقوم فيها الأشخاص بوضع مصفوفة من الالكترودات في فمهم وتحديد أماكن إحساسهم بالنبضات الكهربائية ومدى قوتها.

"عملياً نحن نقوم بوضع خارطة للأعصاب في اللّسان حيث لا يوجد الكثير من المعلومات حول الأعصاب فيه وقدرتها على تحسّس النبضات الكهربائية" تقول ليزلي.

تُعد نتائج هذه الدراسة بالغة الأهمية ،ففي حال كانت هذه الأعصاب محدَّدَة المكان على اللّسان وغير متباينة من شخص لآخر حينها يمكن تصنيع قطعة فموية مع الكترودات محدَّدَة الأماكن بحيث نحصل على أفضل إشارة عند جميع الأشخاص.

أمّا في حال كانت النتائج مغايرة فسيتوجب تصنيع واحدة لكل شخص أو لكل مجموعة من الأشخاص وهذا يمكن أن يؤثر على سعر هذه التقنية.

ويعتقد البروفسور ويليام أنه يمكن أن يستغرق الأمر سنتين حتى يصبح الجهاز متاحاّ للجميع.

تؤكّد لنا هذه التقنية الفريدة أنّه لاشيء مستحيل وحتى أغرب الطرق وأبعدها يمكن أن تكون هي الحل ،ويترك هذا الجهاز الرائع الباب مفتوحاً أمام المزيد من التقنيات الّتي يمكن أن تعيد الأمل لكثير من المرضى الّذين يحلمون أن يتمكنوا من السمع أو الرؤية أو حتى اللّمس من جديد...

للتعرّف أكثر على هذه التقنية يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو

المصادر:

هنا

هنا