علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

حبك لعملك قد لا يكون حبا من النظرة الأولى؟!

قد يستعجلُ الكثيرُ منّا في إطلاقِ الأحكامِ على عملهِ أو مهنتهِ،وربما قد يشعرُ بالهزيمةِ إن لم يكن الّدورُ الذي يقوم ُبهِ هو ما حَلُم دوماً بأدائهِ، و لكن لا تقلق فثمّةَ سببٌ للّتعلّق بالأملِ.

قامَ باحثونَ من جامعةِ (Michigan) الأميركيّة بدراسةٍ جديدةٍ، دعمتِ الفكرةَ الّتي تقولُ بأنَّ حبّنا للعمل ليس حبّاً من النظرة الأولى أو منَ التّعاملِ الأوّلِ. لا بل إنّ شغفنا بهِ هوَ أمرٌ يتطّورُ معَ الّزمنِ.

و على عكس الاتجاه السائد بأنّ شغفك بعملك هو أمر يحققه حُسن اختيارك للمهنة التي تناسبك –و هذا ما يدعوه الباحثون بـ "نظرية التلاؤم" (fit theory) و تُسمى أيضاً "اتباع الشخص لشغفه"-فقد ذكر الباحثون أنّه بإمكانك أن تتعلّم كيف تُحبُّ عملك و تجد الهدف منه تدريجياً –و هذا ما يُسمّى أيضاً بـ"نظرية التطوير أو التّنمية" (develop theory).

و قد تستحوذُ "نظريّةُ التلاؤمِ" على تفكيرنا أكثرَ ممّا تستحوذُ عليهِ "نظريّةُ التطوّرِ" لأنّها فكرةٌ متأصّلةٌ فينا، الفكرةُ المثاليّة والأكثر شاعريّةً، و المتبنّاة من قبلِ البعضِ من أهمِّ العظماءِ في عالمِ الأعمالِ.

حيث قال (Steve Jobs) في خطابٍ شهيرٍ لهُ في حفلِ تخرّجٍ في جامعةِ (Stanford) الأميريكيّة : " إنّ عملك سيشغل حيّزاً كبيراً من حياتكَ و الطريقة ُالوحيدةُ لتكونَ راضٍ هي أن تفعلَ ما تُؤمنُ بأنّهُ عظيمٌ." ثمَّ أردف قائلاً: " والطريقةُ الوحيدةُ لأن تؤدّي عملاً رائعاَ هي أن تُحبَّ ما تفعل. وإن لم تجدهُ بعدُ ، استمرَّ بالبحث، لا تستقرّ على أمرٍ لا ترغبه. و كما في كلِّ ما يتعلقُ بأمورِ القلبِ فستعرفُ ذلكَ عندما تجدهُ."

إلاّ أنّها لم تكن الطريقةَ الوحيدةَ بالنسبةِ لـ (Patricia Chen) –الباحثةُ في علمِ النفسِ والمؤلفُ الرئيسيُّ لدراسةٍ جديدةٍ نُشرت في مجلة (Personality and Social Psychology).

وقالت (Chen) في حديثٍ لها مع الصّحافةِ : " الخبرُ الجيّدُ هو أننّا نستطيعُ أن نختارَ تغييرَ معتقداتنا وطرقنا لننّمي شغفنا بعملنا وبشكلٍ تدريجيّ أو أن نسعى إلى الانسجامِ معهُ منذُ البدايةِ ، حيث يُمكننا أن نكون فاعلينَ وعلى المدى البعيدِ في الحصولِ على هكذا تجربةٍ مرغوبةٍ."

وقد أنجزت (Chen) مع زملائِها أربعَ دراساتٍ متفرقةً ، حيثُ قاموا باستطلاع ِ مواقفَ و توقعاتٍ لمشاركين بالغين وعمالاً تجاه أعمالهم اعتمادا على كلٍّ من نظريتي " التّلاؤم" و " التّطوّر". وخلُصَ الباحثونَ إلى أنَّ مستوى الشغفِ الذي عكسهُ المستجيبونَ للمسحِ كانَ في النهايةِ متساوياً و ذلك بغضِّ النّظرِ عن النظريّةِ الّتي قاموا بتجسيدها.

و يكتبونَ : " يستطيعُ النّاسُ تحقيقَ المستوى ذاتهِ منَ السّعادةِ في العملِ بدعمِ أيٍّ منَ الّنظرتينِ." و التّركيزُ الأساسيُّ هو أنّ: " الفرق الرئيسيّ يكمنُ في كيفيّةِ الوصولِ للنتائجِ: فواضعوا نظريّةِ "التلاؤم" يميلونَ إلى الاختيارِ الذاتيِّ لنوعِ العملِ أو المهنةِ المناسبةِ منذُ البدايةِ، بينما يصلُ واضعوا نظريّةِ "التّطوّرِ" إلى التلاؤم من خلالِ الزمنِ."

و ما يثيرُ الاهتمامَ أنّ الموقفين مصحوبانِ ببعضِ التبديلاتِ والمقابلاتِ . حيث يميلُ واضعوا نظريّةِ " التلاؤمِ" إلى تفضيلِ الاستمتاعِ بالعملِ على حسابِ الأجرِ الجيّدِ، بينما يرغبُ واضعوا نظريّةِ " التّطوّرِ" بوضعهِ في الدّرجةِ الأخيرةِ بالنسبةِ للأهدافِ الأُخرى ، علماً أنّهُ سيُبلَغ عبر الزمن ِ.

و على الرغم من تسليمِ الباحثينَ بضرورةِ بذلِ جهدٍ أكبرَ في هذا المجالِ، إلاّ انّه يُعتبرُ بحثاً مثيرأً و مهماً. وريثما يتم ذلك ، فإنّ ما وجدوه يمكن أن يُوفّر بعضَ التّشجيعِ للّناسِ الّذينَ لا يُحبّونَ عملَهم الحاليّ. ومن مِنّا لايمرُّ بهكذا أوقاتٍ ، لكنّ المهم َّهوَ أن تصبّ جام َتفكيرك على الصورةِ الأشملِ، هدفكَ على المدى البعيدِ و سببُ اختيارك لهذه المهنة في المقام الأول.

و بالمناسبة ، نحنُ لا نُخالفُ (Steve Jobs) بالمطلق .فقد كان خطابه مُلهما وإيجابيا في جامعة ستانفورد ، الخطاب الأكثر تحفيزاً والذي يُمكن لرجل أعمال كبير أن يُلقيه يوماً.

شاهد الخطاب ( هنا) لكن تذكّر أنّ هناك أكثر من طريقة للنظر في هذا الموضوع ...

المصادر:

هنا

هنا