الفيزياء والفلك > فيزياء

ماهو بوزون هيغز

تخضع التفاعلات في الطبيعة بحسب نظرياتنا الحالية لأربعة قوى أساسية. وبحسب فيزياء الجسيمات ،وهو الفرع المختص بدراسة عالم الجسيمات الصغيرة كالألكترونات والبروتونات وجسيمات الضوء المسماة فوتونات، فكل جسيمين يتبادلان التأثيرات فيما بينهما بتبادل جسيمات وبالتالي كل قوة تمثل بجسيم. ولأن ذلك قد يبدو غير واضح لنتصور انه لدينا إلكترونين فسيؤثران على بعضهما بواسطة القوة الكهرومغناطيسية، والتي تمثل بجسيم يدعى الفوتون. أي بتبادل الفوتونات يؤثر الالكترونان في بعضهما. ولتبسيط الفكرة لنتصور أن الألكترونين يشبهان لاعبي كرة مضرب يتبادلان الكرات فيما بينهما. فبتحرك الكرة من لاعب لأخر سيتحرك الأخر ليلتقطها وهكذا. ( تخيل كم لعبة كرة مضرب في بجسمك وبالعالم قدامك هلأ ).

بعض هذه الجسيمات الممثلة للقوى بحسب النظريات المستخدمة عديم الكتلة فيمكنه أن يقطع مسافات كبيرة جدا جدا بسرعات تقارب او تساوي سرعة الضوء مما يجعل القوة تملك تأثيرا بعيد المدى بينما بعضها الأخر تملك جسيماته كتلة وبالتالي تتحرك بسرعات محدودة ضمن مسافات معينة مما يعني أن تأثير القوى محدود ضمن مسافات قصيرة جدا. ولكن النظريات السائدة في بداية الستينات نتج عن معادلاتها أن جميع الجسيمات هذه يجب أن تكون عديمة الكتلة مما يخلق تناظرا او تشابها بين هذه الجسيمات بوجود هذه الصفة المشتركة. ولأننا في تجاربنا نجد أن بعض القوى كالجاذبية والقوى الكهرومغناطيسية تؤثر ضمن مسافات كبيرة بينما القوى النووية الشديدة والضعيفة تؤثر ضمن مسافات قصيرة ضمن الذرة أو حتى ضمن البروتونات والنترونات نفسها لذلك نقول أن الطبيعة خالفت هذا التناظر، أو أن التناظر "مكسور تلقائيا". فكيف سنحل هذه المشكلة؟

اقترح عدة فيزيائيين نظريين من أولهم فرانسوا إينغلارت وزمليه روبرت براوت من جهة وبيتر هيغز من جهة ثانية آلية تسمح بتفسير ذلك بافتراضهم وجود حقل منتشر في كل مكان في الفضاء، حتى في الفراغ الذي لا نجد فيه ذرات او جسيمات يوجد هذا الحقل. وعند مرور الجسيمات في هذا الحقل فبعضها يتفاعل معه مما يجعل الجسيم "ثقيل الحركة" ان صح التعبير مما يعني امتلاكه لكتلة، وبعضها الأخر يمر بسلاسة مما يعني أن كتلته صغيرة او معدومة.

ولتبسيط الصورة لنتخيل وجود صالة كبيرة مملوءة بالأشخاص. هؤلاء الأشخاص هم حقل هيغز فعند دخول شخص مشهور سيتجمع الناس حوله مما يجعله يتحرك ببطئ بينما لو دخل شخص غير معروف لعبر من طرف إلى طرف أخر بسلاسة دون أن يعيقه أحد. وفي الفيزياء الكمومية يمثل كل حقل بجسيم ويشبه ذلك إلى حد ما تجمع الأشخاص بين بعضهم البعض في مثالنا السابق وليس بسبب وجود شخص خارجي. وقد سمي هذا الجسيم المفترض بجسيم هيغز وفي 4 تموز 2012 اعلن المركز الأوروبي للأبحاث النووية سيرن عن رصد جسيم يشابه في خواصه بعض الخواص المتوقعة لجسم هيغز المفترض

كما تشرح هذه الآلية كيف يعطي حقل هيغز كتلة لجسيمات ثانية فمثلا ضمن البروتون المؤلف من ثلاثة كواركات ( لنفرض للتبسيط ان اثنين منهما له كتلة 2 و الثالث كتلته 5) تساهم الكواركات لوحدها بجزء بسيط من كتلة البروتون (والتي تساوي 938 في هذه الحالة) حيث تنشأ كتلة هذه الكواركات وكذلك الالكترونات خارج النواة عن تفاعلها مع حقل هيغز بينما تأتي معظم كتلة البروتون من آلية مختلفة. ولكن ما معنى هذا؟ معناه أن كتلة الإلكترونات تنتج هذه الألية ولولاها لكانت كتلة الالكترونات معدومة ولطارت في الفضاء الفسيح بسرعة الضوء ولما ارتبطت بالبروتونات وشكلت ذرات حتى فما بالك بالكائنات الحية.

وبرغم أن هذا الاكتشاف هو جزء أساسي من النظرية الحالية المستخدمة لوصف عالم الجسيمات والمسماة النموذج المعياري ولكن هذا الاكتشاف ليس نهاية الطريق فالنموذج المعياري يعامل بعض الجسيمات كالنترينو وكأنها عديمة الكتلة فيما بينت التجارب الحالية أنها تملك كتلا ضئيلة جدا كما أن النموذج يصف فقط المادة المرئية ولا يقدم في صيغته الأساسية أي جسيمات يمكن أن تصف المادة المظلمة التي يرصد الفيزيائيون أثارها المتعددة في الكون.

بعض المصادر المستخدمة:

هنا

هنا