الرياضيات > الرياضيات

أنماط صيد أسماك القرش وعلاقتها برحلات ليفي

لا بد من أنّ أسماك القرش هي بلا منازع أحد أشهر أبطال أفلام الرعب السينمائية وأحد أسباب الرعب الواقعي، ويكفي أن يصرخ أحدهم باسمها حتى تقشعر أبدان السباحين وراكبي الأمواج ويصابوا بنوبة من الهلع الشديد. ولكن ماذا لو علمت بالإضافة إلى ذلك أنها توظف أفكاراً من الرياضيات المتقدمة في بحثها عن القتل؟

حسناً. هذه هي الحقيقة، فوفقاً لبحث جديد، والذي تتبع حركة هذه المفترسات البحرية مع عدد من الأنواع الأخرى في أثناء تجوالها بحثاً عن فريسة في المحيطين الهادئ والأطلسي، أظهرت النتائج أن هذه الحيوانات تبحث عن الطعام بالتبديل بين الحركة البراونية ورحلات ليفي، وذلك اعتماداً على ندرة الفريسة.

ورحلة ليفي (Levy flight) وتدعى أيضاً مشي ليفي (Levy walk) هي نوع خاص من الحركة يتميز بالعديد من الخطوات القصيرة تتخللها أحياناً خطوات أطول وقد سميت كذلك نسبة لعالم الرياضيات الفرنسي باول باير ليفي (Paul Pierre Levy) والذي كان أول من قام بدراستها، في حين تتميز الحركة البراونية بالعديد من الخطوات الصغيرة دون أن تتخللها تلك الخطوات الطويلة المميزة لرحلة ليفي.

وعلى مدى العقد الماضي، ذكر العديد من علماء الأحياء أنّ بعض أنواع الحيوانات ربما تستخدم رحلات ليفي أيضاً بهدف تعظيم فرصها في العثور على فريسة عندما لا يكون هناك الكثير من الخيارات المتاحة. ويتضمن الاقتراح أنّ هذه الحيوانات تتحول إلى هذا النمط بدءاً من نمط الحركة البراونية، والذي تتبعه عندما تكون الفرائس متاحة بوفرة. مع ذلك، فإنّ هذه الفرضية لم يجري اختبارها قط على الحيوانات البريّة، حيث توجد صعوبة كبيرة في فصل حركة الحيوانات إلى مراحلها المختلفة، والتي تتضمن أيضاً الاستراحة والهجرة.

أكثر من 12 مليون حركة:

في بحث جديد، قام ديفيد سيمس (David Sims) في مختبر جمعية البيولوجيا البحرية في بليموث، في المملكة المتحدة، وبالعمل مع الزملاء في أوربا والولايات المتحدة بتنفيذ أول دراسة على نطاق واسع لتتبع حركة الحيوانات المفترسة البحرية في أثناء بحثها عن الطعام.

علّق فريق سيمس أجهزة تتبع إلكترونية على 14 نوع من الحيوانات المختلفة بما فيها أسماك القرش الحريرية (Carcharhinus falciformis) وأسماك التونة صفراء الزعنفة (Thunnus albacres)

55 فرداً تمّ تعقبها في أكثر من 12 مليون حركة في شمال شرق المحيط الأطلسي وفي شرق المحيط الهادئ وشماله.

من خلال تحليل النتائج على شكل سلسلة زمنية، كان الباحثون قادرين على تحليل النتائج إلى أقسام أظهرت سلوكاً أكثر ثباتاً من المجمل. فلقد وجدوا أن أسماك القرش والتونة والمرلينية وسمكة شمس المحيط أظهرت أنماط حركة قريبة بشكل كبير من مشي ليفي. لكنها أظهرت أيضاً نوعاً من الحركة البراونية. كشف تحليل دقيق أن الأفراد كانت تبدل بين مشي ليفي والحركة البراونية بما يتفق مع فكرة أنّ الحيوانات المفترسة تبدل الحركة اعتماداً على وفرة الفرائس.

يقول سيمس: "نحن نستخدم التحليلات الإحصائية الأكثر موثوقية وقوة على أضخم مجموعة بيانات تمّ تحليلها من قبل بهذه الطريقة."

في الصورة: 1) أنماط الحركة لأسماك القرش في المياه الخصبة (يسار) والمياه غير الخصبة (يمين). 2) تحليل كلي لأنماط الحركة.

إدارة المخزونات على نحو أكثر فعالية:

يقول سيمس: "تظهر النتائج أنّ حركة الحيوانات يمكن التنبؤ بها حتى درجة معينة فيما يتعلق بأنواع البيئة التي تصادفها. وفي حالة الأسماك، نحن نعتقد أنّها تساعد على إيجاد تمثيل وسيطي لموجة جديدة من نماذج تعداد منظم مكانياً والتي ستساعدنا على إدارة المخزونات على نحو أكثر فعالية في مواجهة الصيد الجائر وتغير المناخ، على سبيل المثال."

لكن، وعلى الرغم من حجم البحث، فهناك بعض الباحثين مقتنعون أنّه لا يقدّم صورة كاملة بشكل خاص عن العلف البحري.

يقول سيمون بينهاومو(Simon Benhamou) وهو عالم بيئة بحرية في مركز علم البيئة الوظيفي والتطوري في فرنسا: "اعتبرت الحيوانات المفترسة في هذه الدراسة غبية بشكل كامل وغير قادرة على معالجة المعلومات البيئية والتصرف وفقاً لذلك."

وفي الحقيقة هذا ما يتفق ما وجده حديثاً فريق من العلماء في كوريا الجنوبية من أنّ الكائنات الحية غير الذكية تستطيع أن تفعل ذلك أيضاً، فهناك مركبات جزيئية داخل أجسامنا، لا تمتلك أي ذكاء على الإطلاق، يبدو أنها أيضاً تستخدم مشي ليفي لإيجاد وجهاتها.

مع ذلك يشعر بينهاومو أنّ دراسات مستقبلية ستأخذ نهجاً أكثر تكاملاً بما في ذلك علم الأعصاب، علم السلوك، وعلم البيئة السلوكية.

هذا وينوي سيمس وفريقه تطوير بحثهم من خلال تعقب مسارات العلف لأنواع بحرية أخرى، في مستويات أدنى من السلسلة الغذائية بما في ذلك الأخطبوط والقواقع البحرية.

المصدر

هنا