الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

WHO تقرر إدراج اللحوم على قائمة المواد المسببة للسرطان!

أظهرت دراساتٍ عديدةٍ فيما مضى، بما فيها دراساتٍ أجريت في جامعة هارفارد، أن خطر الإصابة بسرطان القولون يزداد بمعدل ثلاثة أضعاف لدى الأشخاص الذين يستهلكون اللحوم بشكل يومي مقارنةً بأولئك الذين نادراً ما يتناولون اللحوم. وبشكل عام، يؤكد الخبراء أن استهلاك 50 غراماً من اللحوم المصنّعة Processed meats (والتي تشمل النقانق، واللحوم المملحة والمدخّنة) يومياً يزيد خطر الإصابة بسرطان المستقيم بنسبة 18%. وتُعزى هذه النتائج إلى أن افتقار اللحوم للألياف التي تُعرف بتأثيرها الواقي ضد سرطان القولون، كما أنها مصدرٌ أساسي للبروتينات الحيوانية، والدهون المشبعة، إضافةً إلى بعض المركبات المسرطنة أحياناً كالأمينات الحلقية غير المتجانسة Heterocyclic amines (HCA) والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات Polycyclic aromatic hydrocarbons (PAH) واللذان يتشكلان خلال تصنيع وطبخ اللحوم.

يتواجد كل من المركبين الكيميائيين HCA وPAH في العضلات والنسج اللّحمية، بما في ذلك لحم العجل، والخنزير، والدواجن، وحتى الأسماك، ويتشكلان نتيجة عمليات الطهي على درجات حرارة مرتفعة، كالقلي أو الشي فوق لهب مباشر. وقد أثبتت التجارب المخبرية امتلاك هذين المركبين لقدرة توليد الطفرات، أي أنهما يسببان تغييرات في المادة الوراثية DNA مما يزيد خطر الإصابة بالسرطان. وتختلف كميات هذين المركبين حسب نوع اللحم، ودرجة النضج، وطريقة الطبخ.

دراسة الأدلّة:

تشير الدراسات التي أُجريت على النماذج الحيوانية إلى أن التعرض لكل من HCAs وPAHs يمكن أن يسبب السرطان، حيث تطورت عدة أنواع من الأورام في الثدي والقولون والكبد والجلد والرئة والبروستات وغيرها من الأعضاء بعد تغذية الفئران على حمية غنية بالـ HCAs. من جهة أخرى، ظهرت حالات الإصابة بابيضاض الدم وأورام السبيل الهضمي والرئتين لدى الفئران أيضاً عند تغذيتها على حمية غنية بالـPAHs، علماً أن النسب المدروسة كانت أعلى بكثير مما يمكن أن يستهلكه الإنسان عبر حمية غذائية طبيعية.

أما فيما يخص الإنسان فقد بينت الاستبيانات الغذائية أن الاستهلاك المرتفع للحوم المقلية أو المشوية يزيد خطر الإصابة بسرطان المستقيم، والبنكرياس، والبروستات، علماً أن العديد من الدراسات طويلة الأمد ما زالت مستمرة حتى اليوم للتحري عن هذه العلاقة بشكل أدق.

ما هي الإرشادات العامة للاستهلاك المسموح من اللحوم؟

حديثاً، قامت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC، ومنظمة الصحة العالمية WHO بالبحث في قدرة اللحوم الحمراء والمصنّعة على التسبب بالسرطان ومراجعة الأدلة السابقة حولها، وقد تم نشر ملخص التقرير بتاريخ الـ 26 من تشرين الأول/أوكتوبر في مجلة The Lancet Oncology، إضافةً إلى نشر تفاصيله في العدد 114 من سلسلتها IARC Monographs.

وفي ضوء هذا التقرير، قامت منظمة الصحة العالمية WHO بإدراج اللحوم الحمراء الطازجة في "موسوعة مسببات السرطان Encyclopedia of carcinogens"، في حين قامت IARC بإدراجها فيما يُعرف بالمجموعة الثانية Group 2، والتي تضم المواد التي "يُحتمل تسببها بالسرطان لدى الإنسان Probably carcinogenic to humans"، لتأتي بذلك في المرتبة الثانية مباشرةً بعد المنتجات اللحمية المصنّعة، والتي تشمل النقانق وشرائح الهمبرغر ولحم الخنزير المقدد والمدخّن، حيث تم تصنيف الأخيرة في المجموعة الأولى Group 1 وتشمل المواد التي "تأكّد تسببها بالسرطان لدى الإنسان Carcinogenic to humans".

أخيراً، ماذا يمكننا أن نفعل للحدّ من تشكل مركبي HCA وPAH في اللحوم المطبوخة؟

على الرغم من عدم وجود إرشادات محددة للحد المسموح به من هذين المركبين، إلا أن الحذر واجب.. ويمكن للفرد الذي يرغب بتقليل مدخوله من هذين المركبين أن يتبّع النصائح التالية:

- تجنب تعريض اللحوم للهب المباشر أو السطوح شديدة ارتفاع الحرارة، وتجنّب أزمنة الطبخ الطويلة، فمن شأن ذلك أن يقلل من الكميات المتشكلة من هذين المركبين.

- استخدم فرن المايكروويف لطبخ اللحوم بشكل مبدئي قبل تعريضها للحرارة المرتفعة لإتمام عملية الطبخ والإنضاج، وبذلك ينخفض زمن تعرض اللحوم للحرارة المرتفعة وتنخفض تراكيز هذه المركبات فيها.

- تقليب اللحوم بشكل مستمر أثناء طهيها باستخدام حرارة شديدة الارتفاع يمكن أن يقلل من تراكيز هذين المركبين مقارنةً بتركها لفترة طويلة على جانب واحد.

- إزالة الأجزاء المحروقة من اللحم والامتناع عن تناولها.

ولا ننسى أخيراً أن استهلاك الخضار والفاكهة يقلل من خطر الإصابة بالسرطان، حيث تساعد الأغذية مرتفعة المحتوى من الألياف على طرح الفضلات بسرعة من الجسم، مما يقلل من احتمال امتصاص المواد المسببة للسرطان، إضافةً إلى تأثيرها الإيجابي على جراثيم الأمعاء المفيدة.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا

التقرير الصحفي لوكالة أبحاث السرطان IARC:

هنا

الدراسة المرجعية:

Bouvard V, Loomis D, Guyton KZ, Grosse Y, El Ghissassi F, Benbrahim-allaa L, et al. Carcinogenicity of consumption of red and processed meat The Lancet Oncology, Published online 26 October 2015