العمارة والتشييد > التصميم المعماري

مسرح Bespoke ... عندما تسيطر العمارة!!

في كثيرٍ من المشاريع المعمارية وخاصةً الضخمة منها يبقى المعماري بعيداً عن عملية التصميم الداخلي لفراغات المبنى الذي صمَّمَهُ، وكثيرةٌ هي المرّات التي يخرج فيها الديكور المُنفَّذ عن فكرة المعماري الرئيسية. لكن ماذا لو أُتيح للمعماري أن يستكمل عمله في الداخل أيضاً؟

أكمل مهندسو شركة Stufish Entertainment تصميمهم لمسرح Bespoke الذي يتسع ل 1183 شخص في مدينة Xishuangbanna في الصين. المسرح سيستضيف عرض بهلواني مائي دائم مدته 75 دقيقة صممه منتجي شركة Dragon.

قامت الشركة بتصميم المسرح مع مقاعده خصيصاً للعرض المائي لتصبح بذلك أول من يقوم بتصميم العناصر المعمارية وعناصر العرض الخاصة بالمسرح. إنَّ تصميم المشروع بكامله أتاح ل Stufish تقديم لغة معمارية شاملة ابتداءً من تصميم السقف المستوحى من القبة وصولا للعناصر الخاصة بالمسرح.

مسرح ال Dai Show بمساحة 19500متر مربع هو العنصر الرئيسي لآخر المشاريع الثقافية التي يقدمها متنزه Xishuangbanna الدولي. فبالإضافة للمسرح يضم المنتجع شقق ومولات ومطاعم وفنادق بالإضافة لملاعب الغولف والمتنزهات، ليكون بذلك قبلة للسياح الصينيين والاجانب.

التصميم اعتمد بشكل أساسي على الرسم الأولي الذي وضعه مؤسس الاستديو الراحل Mark Fisher. كما أنًّه استُوحيَ من الأنماط الثقافية والطبيعة الموجودة في أنحاء مدينة Xishuangbanna.

يقول معماري المشروع MAciej Woroniecki: كان من الصعب علينا بعد زيارة المدينة عدم الاعجاب بالطبيعة الموجودة فيها، فأشجار النخيل المُعمِّرة منذ الأزل هي التي أهدتنا التشكيل الذي يُدَعِّم الهيكل الرئيسي للمسرح بطريقة فعَّالة وأنيقة وممتعة للنظر. هذا بالطبع تحوَّل ليكون دليلنا في التصميم الداخلي وتصميم الواجهات وما تبع ذلك حتى الوصول لتصميم العرض. فهدفنا هو ربط المسرح بشكل سلس مع المحيط ليكون إضافة حية وغنية للحديقة المتنوعة في المدينة.

يظهر تأثير الطبيعة واضحاً بشكل خاص من خلال السقف الذهبي بقطر 110 متر وبهيكله الذي يستحضر سعف النخيل*. يتكون السقف من إطارين يشكِّلان قبَّة للبهو المفتوح على الهواء الطلق في الأسفل، كما أنَّه مدعَّم بمجموعة من الأعمدة الشبيهة بالأشجار على محيط المسرح. الفتحات الموجودة مكان التقاء الإطارين وبين نقاط اتكاء الهيكل تسمح بالتهوية الطبيعية لطابق الميزانين في البهو للتخفيف من المناخ الحار للمدينة، كما تؤمن للزوار الاطلالة على الطبيعة المحيطة.

إنَّ التصميم العضوي للمسرح يتجسَّد في الفراغات الداخلية أيضاً. استُوحيَ تصميم الجدران من شكل الأوراق حيث تلتف بلونها الذهبي نحو الأعلى مكونِّةً السقف، لتعطي مع الإنارة المنخفضة جواً حميمياً لفراغات الVIP. يتكرَّر هذا النَّمط عبر الفراغ ليصل الى الأجنحة المميزة متحولاً في بعض المناطق الى عنصر قطري مشكلاً ثريَّات (عناصر إضاءة) منقوشة.

في القاعة الرئيسية يتوضَّع الجمهور في حلقة ليحيطوا بمسرح مساحته 1400متر مربع، مقسم لثلاث أقسام. المسرح الرئيسي المركزي يحوي حوض لتقديم العروض بعرض 14 متر مضافاً اليه القسم الثاني وهو حوض سباحة بعرض 8 أمتار، وبعمق 5.5 متر مفسحاً المجال لتنفيذ قفزات غطس من على ارتفاع 15 متر من أعلى الحوض. عندما يغلق حوض القسم الثاني تتساوى أرضيته مع أرضية مسرح العرض الرئيسي. القسم الأخير عبارة عن مسرح عرض جاف يستخدم لإعطاء شعور بالامتداد واللانهاية أو قد يستخدم لأغراض عمليَّة كمكان للتخزين أو لنقل ديكورات المشاهد.

صُمِّمَ المسرح بحيث يسمح بتعبئة كل قسم من الاقسام بشكل منفصل، حيث يعبَّأ مكان العرض بأكمله ب45 ثانية فقط ومن ثم تجفيفه ب 20 ثانية.

إنَّ بنية السقف الخارجية تغطي المسرح في المكان الذي ترك فيه مفتوحاً مما يعطي إحساساً للمتفرجين بجلوسهم تحت قبة من أشجار النخيل. الشبكة السفلية من السقف ترتفع 18 متر فقط فوق المقاعد لتضفي مزيداً من الحميمية على التجربة. قام المعماريون بإحداث تكامل بين عشر بوابات من أبواب المسرح مع نظام طيران منفصل ثلاثي الأبعاد ودمجه مع هيكل السقف، مما يسمح للمؤدِّين بالتحليق من منصة على ارتفاع 9 أمتار ليعبروا فوق المسرح والمتفرجين.

يقول المعماري Alicia Tkacz المسؤول عن العرض: إنَّ الجمع والتوفيق بين دور المعماري ومجموعة المصممين الداخليين سمح لنا بتوظيف خبرتنا ومعرفتنا بتصميم المسارح لنضمن اندماج المناظر والمشاهد في العرض بشكل سلس ومنسجم مع الفكرة المعمارية.

إنَّ عناصر الإنتاج المُتميزة المجسَّدة في المشهد معلَّقة بشبكة في الأعلى، كما يوجد عنصر آخر دائم يطلق عليه Dragon Roots أو جذور التنين يظهر كأنه ينبع من المسرح ليولِّد الانطباع بسيطرة الطبيعة على العمارة. عناصر أخرى كالإضاءة والإسقاط والمؤثرات الخاصة بالمياه كالشلالات والنوافير تشكٍّلُ دعماً إضافياً لقصة مميزة عن الحب والخيال والأساطير المحلية.

تحفة معمارية جديدة تظهر لنا أهمية العمل على تكامل عناصر المبنى جميعاً لخدمة هدف المشروع، ابتداءً بفكرة المبنى المعمارية وصولاً لتصميم الفراغات الداخلية وحتى تكاملها مع الوظيفة المقدَّمة في هذه الفراغات لتتجسَّد العمارة في أبهى حُلَلِها.


المصدر:

هنا