الطب > علوم عصبية وطب نفسي

أمل جديد لمستقبل علاج أذيات الدماغ والنخاع الشوكي

لطالما كانَ لإصاباتِ النخاعِ الشوكي آثارٌ جسديةٌ ونفسيةٌ كبيرةٌ. ولكن لسوءِ الحظ، لا يوجدُ سبيلٌ لعلاجِ الأذية التي تصيبُ النخاع الشوكي. على الرغم من هذا، يعمل الباحثون بشكلٍ مستمرٍّ لإيجادِ طرقٍ علاجيةٍ جديدةٍ تتضمَّنُ الطعومَ والأدوية التي قد تدعم تجدُّد الخلايا العصبية، أو تحسِّن من وظيفة الأعصاب المتبقيَة بعد تعرُّض النخاع الشوكي للأذية.

وفي غضونِ ذلكَ، تتركَّزُ معالجة أذيات النخاع الشوكي على منعِ حدوثِ ضررٍ إضافي وتمكينِ الأشخاص المصابين بهذه الأذيات من العودة إلى حياةٍ نشيطةٍ ومنتجةٍ.

ولكِّن رُبَّما يكونُ هنالكَ أملٌ جديدٌ لعلاجِ أذيات النخاع الشوكي، وحتى دون استخدامِ الطعوم.

كثيرةٌ هي الإصابات التي تُشفى، ولكن لا يزالُ النخاع الشوكي المُتأذي معنِّداً على الشفاء. وعلى الرغم من ذلك، هنالك أملٌ جديدٌ يلوحُ في الأفق؛ فقد ذكرَ فريقٌ من الباحثين في جامعة كارولينا الجنوبية وبقيادة الدكتور (Jeff Twiss) آليةَ إصلاحٍ طبيعية موجودةٍ في محاوير (axons) الجهاز العصبي المركزي، يمكن تسخيرها لتجديد الأعصاب بعد إصابات الدماغ والنخاع الشوكي.

قام الدكتور Twiss وطالبة الدراسات العليا Ashley Kalinski ومن خلال دراسةٍ تمَّ نشرها في مجلة علم الأعصاب (Journal of Neuroscience) بردم هوّة بين الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي المحيطي في مجال الشفاء، في خطوة مهمة على طريق تطوير الطرق لمعالجة أذياتِ النخاع الشوكي.

وقال الدكتور Twiss: "إذا تعرَّض عصبٌ محيطٌيٌّ للتأذي، فإنّه يتجدد بشكلٍ تلقائي. ولكن يحدث هذا الأمر ببطءٍ شديدٍ، لذلك فإنَّ أحد أهدافنا هو زيادة سرعة تجدده، ولكن على النقيض من ذلك، فعند إصابة النخاع الشوكي، فإنَّه لن يتجدَّد".

قام الدكتور Twiss وطالبته Kalinski وعلى مدى السنوات الخمس السابقة باكتشاف بعض التفاصيل الجزيئية حول كيفية حدوث الشفاء في العصب المحيطي، كما ركَّزوا أبحاثهم بشكلٍ خاصٍّ على كيفية بناء العصب للبروتينات، والتي تُعتبر إحدى المكونات الأساسية الضرورية دوماً لنمو الخلايا أو إعادة نموها.

ثُمَ بدأوا البحثَ عن دليلٍ لوجود الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) في المحوار، وهو القناة التي تربط الخلايا العصبية مع بعضها. يمكنُ للمحاوير أن تكونَ طويلةً جداً وبعيدةً نسبياً عن الجزء المركزي من الخلية والذي يضمُّ النواة، حيثُ يتم نسخ الحمض النووي الريبي منزوع الأوكسجين (DNA) إلى (mRNA) والذي يمكن لاحقاً أن يساهم في اصطناع البروتينات اللازمة لعمل الخلايا.

وأظهر الباحثون مع زملائهم مؤخَّراً أنَّ (mRNA) الموجود في محاوير الأعصاب المحيطية يعتبرُ جزءاً هاماً من عملية تجدد الأعصاب المحيطية بعد تضرُّرها.

وقال الدكتور Twiss: "يخرج (mRNA) وهو المسؤول عن اصطناع البروتينات باتجاه العصب في الجهاز العصبي المحيطي، وعند إصابة العصب سوف يحتاج إلى الكثير من البروتينات الجديدة للمساهمة في تجدّده، ولقد أظهرنا بأنَّ (mRNA) يكونُ متواجداً لدعم ذلك. وعلى الرغم من أنَّ الأدبيات في مجال علم الأعصاب تُشير إلى عدم حدوث ذلك في النخاع الشوكي، إلَّا أنَّنا أردنا تطبيق ما تعلمناه في الجهاز العصبي المحيطي والتأكد من حدوثه عندما يتجدَّد الجهاز العصبي المركزي".

وكان الباحثون قادرين على ذلك اعتماداً على تجربةٍ أظهرت أنَّ استخدام طُعمٍ من العصب المحيطي في الفراغ الناتج عن قطع الحبل الشوكي في نموذجٍ حيواني أحدث تجدُّداً عصبياً (وإن كان محدوداً). كما قاموا بالنظرِ في التفاصيل الجزيئية لحادثة الشفاء في محاوير الحبل الشوكي المقطوع، فوجدوا بأنَّ جزيئات (mRNA) تخرج من المحاوير بالفعل، وتُستَخدم على الأرجح لاصطناع بروتيناتٍ جديدةٍ."

تقول الطالبة (Kalinski) إنَّ هذا البحث هو خطوةٌ هامةٌ إلى الأمام في تطويرِ أساليبَ جديدةٍ لعلاجِ إصابات الدماغ والنخاع الشوكي. وإنَّ الفهم الأساسي لعملية التجدّد هذه يعتبرُ أمراً بالغَ الأهمية لإحراز تقدُّمٍ في المستقبل.

كما تضيف: "أظهرت بعض الدراسات أنَّ لهذه الطعومِ العصبية القدرةَ على استعادة الوظيفة عند الحيوانات. هذه هي المرة الأولى التي ننظر فعلياً ضمن المستوى الجزيئي، وإن استطعنا فهم كيفية زيادة هذه القدرة على التجدد، فربَّما نستطيع عندها إيجاد وسيلةٍ للقيام بذلك دون الحاجة لاستخدام طعوم الأعصاب المحيطية للشخص المُصاب. وبالتالي إن استطعنا فهم آلية حدوث التجدُّد، عندها رُبَّما يمكننا إيجاد طريقة أسهل للقيام بذلك."

المصادر:

هنا

هنا

حقوق الصورة:

www.bigstockphoto.com