العمارة والتشييد > التشييد

تطبيقات النانو-تكنولوجي في الهندسة المدنية (الجزء الثاني)

تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال ( هنا ) عن مفهوم النانو-تكنولوجي، نشأته وتطبيقاته في الخرسانة، وسنتابع في هذا الجزء بعض تطبيقات النانو-تكنولوجي في الزجاج وتنقية المياه ومقاومة الحرائق.

تطبيقات النانو-تكنولوجي في الزجاج:


يُعد الزجاج المضاد للحرائق أحد تطبيقات النانو-تكنولوجي، وهو عبارة عن طبقة شفافة منتفخة واقعة بين ألواح زجاجية (كطبقة بينية)، هذه الطبقة مُكوّنة من الجزيئات النانوية لغبار السيليكا SiO2 والتي تتحول بدورها إلى درع ناري شفاف عند تعرضها للحرارة.

أغلبية الزجاج المُستخدم في الانشاءات يُستخدم بالطبع على السطح الخارجي من المباني لذلك فإن التحكم بكمية الضوء والحرارة النافذين إلى المبنى الزجاجي من الأمور الهامة الواجب مراعاتها. لهذا فقد خرجت لنا الأبحاث المُقامة في هذا الصدد -عن طريق استخدام حلول قائمة على النانو-تكنولوجي- بأربع استراتيجيات مختلفة لحجب الضوء والحرارة القادمة من خلال النوافذ.

أولاً: يجري الآن تطوير طبقة رقيقة من الطلاء ليتم وضعها على النوافذ الزجاجية، وهي من تطبيقات السطح الحساسة للطيف. هذه المادة لها القدرة على تصفية ترددات الأشعة فوق الحمراء غير المرغوبة من الضوء (وهي المسؤولة عن رفع درجة حرارة الغرفة) وبذلك تقلل من الحرارة المكتسبة بالمباني.

ومع ذلك، فإن هذا الحل سلبي فعلياً.

لذا وكحل فعال: يجري حالياً دراسة تقنيات الثرموكروميك، وهي تقنيات تتفاعل مع الحرارة وتوفر عزل حراري يحمي من الحرارة مع الحفاظ على الإضاءة الكافية.

أما الاستراتيجية الثالثة: فهي تقوم بإخراج نتيجة مماثلة ولكن عن طريق عملية مختلفة، تتضمن تقنيات الفوتوكروميك التي يتم دراستها حالياً والتي تستجيب للتغير في شدة الضوء عن طريق زيادة الامتصاص.

وأخيراً: تقنية طلاء الالكتروكروميك والتي يتم العمل على تطويرها حيث تستجيب للتغيرات في الجهد الكهربي المُطبَّق عن طريق استخدام طبقة من أكسيد التنجستين، وبهذا تقل نسبة شفافية الزجاج.

تطبيقات النانو-تكنولوجي لتنقية المياه:


يتم استغلال النانو-تكنولوجي في تنقية المياه عن طريق استخدام المواد النانوية مثل أنابيب الكربون النانوية وألياف الألومينا للحصول على ترشيح دقيق جداً للمياه. وأيضاً تستغل وجود المسام النانوية في أغشية ترشيح الزيوليت، إضافةً إلى استخدام محفزات النانو وجزيئات النانو المغناطيسية أيضاً.

حيث إن امتزاز تركيز الكلور أعلى بكثير عند استخدام النانو-تكنولوجي (GAC 350g/m2) مقارنةً بالطريقة التقليدية في التنقية (PAC 220g/m2)

تستخدم أجهزة استشعار النانو مثل هذه المستشعرات القائمة على أسلاك أكسيد التيتانيوم النانوية أو جزيئات البلاديوم النانوية من أجل الكشف التحليلي للملوثات في عينات المياه. ويمكن استخدامها من أجل إزالة الرواسب، النفايات الكيميائية السائلة، الجسيمات المشحونة، البكتريا، ومسببات الأمراض الأخرى. كما يمكن إزالة العناصر ذات الآثار السامة كالزرنيخ، والشوائب الموجودة بالسوائل اللزجة مثل النفط باستخدام النانو-تكنولوجي. ويُعتقد أن الأجيال القادمة من أجهزة معالجة المياه باستخدام النانو-تكنولوجي سوف تستفيد من خصائص المواد النانوية الجديدة.

تطبيقات النانو-تكنولوجي في مقاومة الحرائق:


مقاومة الحرائق في هياكل الصلب غالباً ما تعتمد على طلاء يتم رشه على الهيكل، هذا الطلاء تم إنتاجه من عملية حرق سابقة للإسمنت. ولكن الأطلية الحالية القائمة على الإسمنت البورتلاندي لم تعد شائعة لأن الرش يحتاج إلى أن يُكوِّن طبقة سميكة لكي يقوم بوظيفته؛ كما أنها تميل إلى الهشاشة وتحتاج إلى إضافة بوليمرات من أجل تحسين قوي الالتصاق. ومع ذلك فإن البحث القائم على جزيئات الإسمنت النانوية لديه القدرة على انتاج نموذج جديد في هذا المجال من التطبيقات لأن المادة الناتجة يمكن استخدامها كطلاء قوي، متين، ويتحمل درجات الحرارة العالية.

ويتم تحقيق هذا عن طريق أنابيب الكربون النانوية CNTs مع المادة الإسمنتية من أجل صناعة مركبات من الألياف يمكنها أن ترث بعض من الخصائص المميزة لأنابيب الكربون النانوية مثل المقاومة. تعتبر ألياف البولي بروبلين Polypropylene fibres من إحدى الوسائل المتاحة لزيادة مقاومة الحرائق، وهو خِيار أرخص من العزل التقليدي للحرائق.

ويعتبر استخدام المعالجات في أنظمة كشف الحرائق -وهي المعالجات التي تم بناؤها في رأس كل كاشف- استخداماً جيداً تماماً في الوقت الحالي؛ فهو يعطي مصداقية أكبر لأنه يحدد الحريق الحقيقي ولديه القدرة على التمييز بينه وبين الإنذارات الكاذبة، كما أنه يتيح عنونة أفضل من أجل معرفة مكان الحريق بالضبط.

استخدام النانو-تكنولوجي في المستقبل من خلال التطور في الأنظمة الكهروميكانيكية النانوية NEMS يُمَكِّننا من رؤية المباني بأكملها وقد أصبحت عبارة عن شبكة من الكاشفات؛ كما سيتم إرفاق هذه الأجهزة إما بالأسطح أو بالعناصر الإنشائية المختلفة.

ومازالت التطبيقات تتوالى في مجال النانو-تكنولوجي، فنحن على ضفاف بحر واسع من العلم المُخزَّن وغير المُكتشف بعد… اكتشاف جديد يومياً في هذا المجال يفتح أمامنا العديد من الآفاق والدروب من أجل استخدامات واختراعات وتحسينات لانهائية للمواد والصناعات في مختلف المجالات.

المصادر:

هنا

هنا