الطب > طب الأسنان

التصبُّغاتُ السنيّةُ Dental discolouration (الجزء الثاني)

تصبُّغاتُ الأسنانِ الداخلية وكيفيةُ عِلاجِها

------------------------------------------------------------

الابتسامةُ لغةُ التَّواصُلِ والتَّعارُفِ، ومفتاحُ الانجذابِ والودِّ والمحبَّةِ بينَ النَّاسِ، وحتى نُحافِظَ علَيها سليمةً جذَّابةً ينبَغي علينا الاعتناءُ بأسنانِنَا.

تكلَّمنَا في المقالِ السابقِ عن أسبابِ التصبُّغِ الخارجِيِّ للأسنانِ وسوفَ نتكلَّمُ اليومَ عن الأسبابِ الداخليَّةِ..

------------------------------------------------------------

التصبُّغاتُ داخليةُ المنشأ هي تلك التي تَحدثُ عندَ اختراقِ العاملِ المُلوِّنِ للبِنيَةِ الداخليَّةِ للسِّن وتَرسُّبِه في عُمقِ الميناءِ والعاجِ قبلَ بزوغِ السن أو بعدَه. ولهذه التصبُّغاتُ أسبابٌ كثيرةٌ قد تكونُ تطوريةً أو استقلابيةً أو انسماميةً وسَنَأتِي على ذِكرِها بالتَّفصيلِ :

1) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن تبايُنِ عَامِلِ الرِّيزوس RH (مُتَلازمَةُ داءِ مُصوَّراتِ الكريَّاتِ الحُمرِ الجنيني): ينتجُ هذا الدَّاءُ عن تفاعُلٍ نوعِيٍّ للأجسامِ الضديّةِ ومولِّداتِ الضِّد، فعندَ عَدَمِ توافُقِ راصَّاتِ دَمِ الأُمِّ السلبيةِ (RH-) التي سبقَ لها أنْ تحسَّسَتْ للـ (RH+) مع راصَّاتِ الجنينِ الإيجابيةِ (RH+) تتكوَّنُ لدى الأمِّ راصَّاتٌ مضادَّةٌ لراصَّاتِ الجنينِ تؤدّي لانحلال الكريات الحُمرِ عند الجنينِ ويرقانٍ ولاديٍّ خطير، فإذا عُولجَ هذا الجنين فإنَّ تلك الأصبغةَ سوفَ تَترسَّبُ على الأسنانِ المؤقتةِ وربَّما على الدائمةِ أيضاً، ويكونُ لونُها عندَ البزوغِ أسودَ مُزرقَّاً أو أخضرَ مُزرقَّاً أو بُنِّياً أو ضارباً إلى السُّمرَة.

2) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن البورفيريا الخَلقِيَّة: البورفيريا الخَلقيَّة هيَ اضطرابٌ استقلابيٌّ مُتَنَحٍّ نادرُ الحدوثِ، يؤدِّي إلى خللٍ في استقلابِ البورفيرين ومِن ثُمَّ تراكُمِ البورفيرين الحُرِّ في جميعِ أنحاءِ الجسمِ وخاصّةً في نخاعِ العظمِ والأسنانِ، مِمَّا ينتُجُ عنه تَلوُّنَ الأسنانِ بلونٍ بُنيٍّ مُحْمَرٍّ، ويَظهرُ السِّن المُتَأثّرُ بلونٍ أحمرَ وضّاءٍ عندما يتعرَّضُ للأشعَّةِ فوقِ البنفسجية.

3) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن بيلةٍ آلكابتونيَّةٍ (Alkaptonuria): هي خللٌ وراثيٌّ ينتجُ عن الاستقلابِ غيرِ التَّام للتيروزين والفينيل ألانين مِمَّا يُؤَدِّي إلى تَراكُمِ حمضِ الهوموجنتيزيك (Homogentisic acid)، ويؤثِّرُ هذا الاضطرابُ على الأسنانِ الدائمةِ ويصبِغُهَا باللَّونِ البُنِّي.

4) التصبُّغاتُ الناتجةُ عن الاضطراباتِ الكَبِدِيَّةِ والصَّفراويةِ: إذا حدثَتْ هذه الاضطراباتُ خلالَ فترةِ تشكُّلِ الأسنانِ (كاليرقانِ الولاديِّ الشَّائعِ نسبياً) فَسَوفَ تترسَّبُ الأصبغَةُ الصَّفراويَةُ في مكوناتِ الأسنانِ لِتُصبِحَ ذاتَ لونٍ أخضرَ مُصفّرٍ بعدَ البزوغ.

5) تصبُّغاتُ الأسنانِ الناتجةِ عن الانسمامِ الفلوري (الميناءُ المُبقَّعُ): إنَّ تناولَ كميَّاتٍ كبيرةٍ من الفلورِ أثناءَ تشكُّلِ الأسنانِ ونموِّها وتطوُّرِها يُؤَدِّي إلى عيوبٍ في البِنَى السنية المُتَمَعدِنَةِ وخاصَّةً في القشرةِ المينائيةِ، كما يؤدِّي إلى نَقصِ تَصبُّغٍ في الميناء. وتعتمدُ درجةُ وشِدَّةُ التصبُّغِ الفلوري على كُلٍّ من كميةِ الفلورِ في مياهِ الشُّربِ أو التي تحتويها الأغذيةُ الأُخرَى ومِقدارِ الماءِ المُستهلَكِ يومياً ومدى حساسيّةِ الخلايا مصوراتِ الميناء ودرجةِ تشكُّلِ السِّن.

ويكونُ التبقُّعُ الفلوري في الأسنانِ الدائمةِ أكثرَ شِدَّةً منه في الأسنانِ المؤقتةِ وذلك يعودُ إلى تنظيمِ المَشيمَةِ لِكميَّاتِ الفلورِ الدَّاخلةِ إلى السائلِ الأمينوسي.

6) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن تناولِ الأدويةِ الجهازيةِ: يُمكِنُ لابتلاعِ أو تطبيقِ أدويةٍ معيَّنةٍ أثناء تشكُّلِ الأسنانِ أنْ يُسبِّبَ تلوُّناً شديداً في الأسنانِ المؤقتةِ والدائمةِ على حدٍّ سواء. والتصبُّغُ الأكثرُ حدوثاً هو ذلكَ الذي يَلي تناولَ المُضادِ الحيوي (التتراسكلين) حيثُ يتراوحُ لونُ التصبُّغِ من الأصفرِ إلى البُنِّي إلى الرَّمَاديِّ الغامقِ، وتعتمدُ شِدَّةُ الاصطباغِ على كلٍّ من كميةِ الجُّرعةِ وتكرارِها والفترةِ الزمنيَّةِ التي تمَّ تناولُ التتراسكلين فيها بالإضافةِ إلى عُمرِ المريضِ، حيثُ يميلُ الاصطباغُ إلى اللَّونِ البُنِّي معَ تقدُّمِ العُمر.

كما يعبُرُ التتراسكلينُ الحاجزَ المشيميَّ لذلكَ يؤثِّرُ أيضاً على الأسنانِ المؤقتة.

7) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن نَقصِ تكوُّنِ الميناء: حيثُ يكونُ الميناءُ قليلَ الثَّخانةِ وذُا لونٍ بُنِّي، أمَّا في حالةِ نَقصِ تكلُّسِ الميناءِ فيكونُ ذا ثخانةٍ طبيعيةٍ ولونٍ بُنِّي ولكنَّه أملسٌ وهشٌّ.

8) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن التكوُّنِ المَعِيبِ للعاجِ: تُصيبُ الأسنانَ المؤقتةَ والدائمةَ، ويكونُ لونُ العاجِ مُتَراوِحَاً من اللونِ الرماديِّ إلى البنفسجيِّ المُسْمَرِّ أو البُنِّي المُصفَر.

9) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن أذيَّاتِ اللبِّ السني: يُعتبرُ النزفُ داخل اللبي المترافقُ عادةً مع أذىً رضيٍّ شديدٍ للسن سبباً رئيسيّاً في تغيُّرِ اللونِ الأساسيِّ للسن، حيثُ تتحلَّلُ خلايا الدمِ الحمراءِ داخلَ اللب وتندخلُ نواتجُ التَّحلُّلِ داخلَ الأقنيةِ العاجيةِ مِمَّا يُؤدِّي في النهايةِ إلى تلوُّنِ السن باللَّونِ الرماديِّ، ويُصبِحُ هذا التلوُّنُ أكثرَ ثباتاً مع مرورِ الوقتِ لذلك يُسْتَحسَنُ معالجةُ السن لُبياً وتبييضِهِ بأسرَعِ وقتٍ مُمكن.

10) التصبُّغاتُ الناتجةُ عن الموادِ الدَّوائيةِ المُرمِّمةِ: إنَّ غالبيةَ الموادِ المُستخدمةِ في المعالجةِ اللبيةِ أو تعقيمِ الحُفرةِ السنيةِ قادرةٌ على تلوينِ العاجِ بِوَجهٍ دائمٍ لأنَّها تلتصقُ بِالسِّن لِفَتراتٍ طويلةٍ مِمَّا يسمحُ لها باختراقِ طبقةِ العاجِ، فاستعمالُ نِتراتِ الفِضَّةِ على سبيلِ المثالِ سوفَ يؤدِّي إلى لطوخٍ سوداءَ، في حينِ أنَّ المحاليلَ اليوديَّةَ تؤدِّي إلى لطوخٍ صفراءَ، لذلك يجبُ تجنُّبُ استخدامَ الموادِ الصَّابغةِ للأسنانِ كاليودِ ونِتراتِ الفِضَّةِ واليودوفورم، إلَّا أنَّ هذا التلوُّنَ سهلُ التَّصحيحِ والتبييض.

كما يعتبرُ الأملغمُ (الحشوةُ المعدنيةُ) العاملَ الأسوأ بسببِ عناصرِهِ المعدنيَّةِ الداكنةِ التي تلوُّنُ العاجَ بلونٍ رماديٍّ غامقٍ وهذا التلوُّنُ صعبُ التبييضِ ويميلُ إلى النَّكسِ مع الزمن.

11) تصبُّغاتٌ ناتجةٌ عن امتصاصِ الجذرِ: غالباً ما يكونُ امتصاصُ الجذرِ دونَ أعراضٍ سريريةٍ، ومع ذلكَ يتميَّزُ أحياناً خلالَ الفترةِ الأولى بمظهرٍ ورديٍّ عندَ المُلتَقَى المينائي الملاطي (عُنُقِ السن).

12) وأخيراً هُناك بعضُ المُتَلازماتِ الجهازيةِ التي تؤثِّرُ بشكلٍ ثانويٍّ على لونِ الأسنانِ ومنها: نقصُ فيتامين D المترافقِ مع الكساحِ، انحلالُ البشرةِ الفُقَاعِيِّ، قُصورُ الغُدَّةِ الدَّرقيةِ ومتلازمة إيلَر-دانلوس (Ehlers-Danlos syndrome) (مُتَلازمةُ الجلدِ مُفرَطِ المُرونَة).

كيفيةُ علاجِ هذا النوعِ من التصبُّغات:

وكما تكلَّمنا في المقالِ السَّابقِ عن طريقةِ تبييضِ الأسنانِ الخارجيةِ التي تُعالِجُ التلوُّناتِ خارجيةَ المنشأ، سَوفَ نتكلَّمُ اليومَ عن طريقةِ التبييضِ الداخلي التي تعالِجُ التلوُّناتِ داخليةَ المنشأ.

التبييضُ الداخليُّ (للأسنانِ غيرِ الحيَّة):

يُستخدَمُ لِعلاجِ التصبُّغاتِ الثانويةِ الناتجةِ عن تحلُّلِ اللُّب أو التصبُّغات التتراسكلينية. وتَستخدمُ هذه التقنيةُ مزيجاً من 30% بيروكسيد الهيدروجين مع فوقِ بوراتِ الصوديوم (sodium perborate)، حيثُ يتمُّ وضعُه في حُجرَةِ اللُّب لِمدَّةِ أسبوعٍ واحد، وتُعتَبَرُ هذه الطريقةُ مثاليةً للأسنانِ غيرِ المُرمَّمَة.

من الآثارِ السَّلبيةِ المُحتملَةِ هي امتصاصُ الجذرِ الخارجيِّ عندَ عُنُقِ السن وخصوصاً إذا أصبحَ السنُّ مُتَموِّتَاً قبلَ أنْ يبلُغَ المريضُ 15 عاماً من العمرِ.

أمَّا التصبُّغاتُ التي لا تُعالَجْ بأساليبِ السَّحلِ والتَّبيضِ، فَهُناكَ حُلولٌ أُخرى بإمكانِها أنْ تُخفِيَهَا ونَذكُرُ مِنها:

- الترميمُ بالموادِ المُرَمِّمَةِ التَّجميلية.

- تَتويجُ السِّن (تاجٌ صِنَاعِيٌّ).

- الوجوهُ التَّجميليةُ للأسنانِ مثل: الفينير واللومينير (عَدَساتٌ أو قُشُورٌ تَجميليةٌ رقيقةٌ).

المصادر :

1) هنا

2) هنا

3) كتاب أمراض الفم ( 1 ) - د. حسان فرح - جامعة البعث

حقوق الصورة:

www.kasjauns.lv