البيولوجيا والتطوّر > علم المورثات والوراثة

لماذا تحتفظ الميتوكوندريا بنسختها الخاصّة من الجينوم؟

تعتمد حياة الكائنات متعددة الخلايا على المتقدّرات (الميتوكوندريا)، والتي تزوّد الخلايا بالطاقة اللازمة لأداء وظائفها الحيوية على شكل جزيئاتٍ كيميائيةٍ، هي جزيئات الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP).

على مدى الآلاف من السنين، تطوّر الجينوم الخاصّ بالمتقدّرات وفق انتقاءٍ لأقلّ محتوىً ممكن من المورّثات. لكن عجز العلماء عن معرفة السبب الذي دفع بعضاً من المورّثات المتقدّرية، وليس جميعها، للإنتقال إلى داخل الجينوم الخاص بالنواة.

توصّل فريقٌ دوليٌ من الباحثين إلى فرضيةٍ مُثيرة فيما يخصّ هذه الظاهرة تنصّ على ما يلي: إنّ الجينوم المتقدّري يُشفّر بروتينات الأغشية الخلوية الكارهة للماء، والتي لو تمّ تشفيرها داخل النواة فسوف يتم تصفيتها من قِبل جُسيم تمييز الإشارة*(SRP)، وبالتالي سوف تضلّ طريقها وتتجه نحو الشبكة البلازمية الداخلية**.

أجرى الباحثون دراسةً لاختبار فرضيتهم وقامو بنشر نتائجها في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

من أجل التنبّؤ بإمكانية استهداف بروتين ما من قِبل جُسيم تمييز الإشارة، قام الباحثون بحساب كمية طاقة الإدخال الحرّة للبروتينات الغشائية؛ تمّ اعتبار البروتينات كارهة للماء عند حصولهم على قيمٍ تساوي الصفر أو أقل، أمّا القيم الأعلى فقد اعتُبرت كارهةً للماء بشكلٍ هامشي.

توقّع العلماء أنّه في الحالات التي كان فيها المجال البروتيني الغشائي كارهاً للماء وسجّل طولاً للذيل بأكثر من 120 حمضاً أمينياً، فإنّ الجسيم سيتمكّن من اقتناص البروتينات وتوجيهها إلى الشبكة البلاسمية الداخلية.

لاحظ الباحثون أنّ البروتينات الكارهة للماء التي ضلّت طريقها واتجهت نحو الوسط المُحِلّ من الشبكة البلاسمية الداخلية قد نتج عنها تَشكّل بُنى شاذّة بشكل أقراص العسل شبيهة بتلك التي تظهر عند الإصابات الفيروسية.

توصّل الباحثون من ذلك إلى أنّ المورّثات المسؤولة عن بروتينات الغشاء الكارهة للماء التي تتكوّن من أكثر من 120 حمضاً أمينياً، تتوضّع داخل الجينوم في عضياتٍ متميّزة، لتضمن بذلك التوضّع الصحيح لهذه البروتينات وتجنّب نقلها إلى الشبكة البلاسمية الداخلية.

اقترحت دراساتٌ سابقة أنّ ثلث البروتينات المتقدّرية قد تطوّرت بالإستجابة إلى القيود البيئية للأنواع المختلفة، ومعظم هذه البروتينات تشترك في عمليات النقل والتنظيم والوظائف الغشائية. الدراسة الجديدة تتسق مع هذه النتائج.

تقدّم هذه الدراسة تفسيراً للغزٍ آخر؛ وهو انتقال بعضٍ من المورّثات المتقدّرية إلى الجينوم الخاص بالنواة في حالاتٍ نادرة. فهذه البروتينات المحددة تخفّض الخواص الكارهة للماء في الأنواع التي يحدث فيها هذا الإنتقال.

يقول الباحثون أن هذه الدراسة تعطي الجواب فيما يخصّ احتياج المتقدّرات (الميتوكوندريا) والصّانعات الخضراء (الكلوروبلاست) لجينوم فريد مُجزّأ خاصّ بكلّ منها، على الرغم من أنّ عواملَ أخرى قد تشترك في هذا الأمر.

كما أنها تفتح المجال لتطوير طرقٍ لعلاج الأمراض الوراثية المتقدّرية.

الحاشية:

جسيم تمييز الإشارة (Signal Recognition Particle (SRP) : معقّد بروتيني نووي ريبوزي ينتشر بوفرة في السيتوبلازما، يعمل على نقل البروتينات إلى الأغشية الخلوية عند بدائيات النوى وإلى الشبكة البلاسمية الداخلية عند حقيقيات النوى.

لمشاهدة آلية عمل جسيم تمييز الإشارة عند حقيقيات النوى:

هنا

**الشبكة البلازمية الداخلية (Endoplasmic Reticulum (ER): شبكة من الأغشية تتواجد داخل الخلية وتتصل بالنواة، مسؤولة بشكل أساسي عن نقل البروتينات والكربوهيدرات إلى بقية عضيات الخلية، وتلعب دوراً في تصنيع الجزيئات الحيوية.

المصدر: هنا

البحث الأصلي: هنا

مصادر الحاشية:

هنا

هنا