البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

العلماء يصنعون خلايا في المختبر قادرة على التضاعف الذاتي

يعتقد العلماء أنَّ نشأة الحياة على الأرض جاءت نتيجة قصفها بالنيازك التي جلبت معها مركبات تحتوي على الكربون تدعى الأحماض الأمينية، اتَّحدت تلك المركبات مع بعضها البعض بعد مرور وقت طويل لتتكون الخلايا البدائية، وقد اكتسبت تلك الخلايا القدرة على التضاعف، ومع مرور المزيد من الزمن ازدادت درجة تعقيدها ووصلت إلى ما هي عليه اليوم.

في هذه الدراسة الجديدة والمثيرة نجح فريقٌ بحثي ياباني في إنتاجِ خلايا صُنعية مشابهة لتلك الخلايا التي يُحتمل أنّها وُجِدت لأوّلِ مرةٍ على الأرض، و بهدفِ فَهمِ كيفية بدء تلك الخلايا الأولى بالانقسام والتطور، فقد قام الباحثون بصُنعِ "خليةٍ بدئية" صُنعية بالكامل داخل المخبر تتكون من مادة وراثية (DNA) وبروتينات موجودة داخل هيكل من المركبات الشحمية (الدهون) لمحاكاة الأغشية الخلوية. لم تكُن تلك "الخلايا" حية، إلّا أن حمضها النووي يحتوي على التعليمات اللازمة للتضاعف تحت الظروف المناسبة لذلك، وقد تمكن الباحثون من حثها على الإنقسام بواسطة تغيير درجة حموضة الوسط (pH) الذي توجد فيه تلك الخلايا، إلّا أن الصعوبة التي واجهتهم في تلك العملية هي إعادة إمداد الخلايا بالمواد اللازمة لبدء الإنقسام من جديد كما يحدث في الخلايا الحقيقية. ولحل تلك المشكلة، لجأ الباحثون إلى دمج الخلايا الصنعية الناتجة من الانقسام الأول مع التراكيب المجاورة من المواد الأولية اللازمة والتي تم توفيرها في الوسط، عندها نجحت تلك الخلايا فعلاً في انتاج ثلاثة أجيال في المختبر.

يعتقد الباحثون أنَّهم فهموا العملية الدورية التي بواسطتها تنقسم الخلايا الصنعية (والبدئية أيضاً)، وهي عملية ذات أربعة أطوار متميزة، هي: الإبتلاع ingestion (حيث تندمج الخلايا للتزوّد بالمؤونة)، التضاعف replication (حيث يتم استنساخ الـ DNA)، النُضج Maturity (حيث تكون الخلايا جاهزة للانقسام)، والانقسام division (حيث تنتج خلايا جديدة من الخلايا الأم).

يرى الباحثون أنَّ هذا النموذج يحاكي الكيفية التي نشأت بواسطتها أسلاف الحياة الأولى وتكاثرت، تلك الخلايا السلفية التي لم تكن مستقلة وكانت بحاجة إلى التزود بالطاقة قبل أن تستمر بالتكاثر، ويؤكد الباحثون على أن التغيرات في درجة حموضة الوسط اللازمة لحدوث ثلاثة من أربعة أطوار من عملية الإنقسام يمكن أن تحدث بسهولة في الفوهات الحرمائية (Hydrothermal vents)*، ومع ذلك لم تُجب هذه الدراسة على أسئلة مهمة، فلا زال الباحثون يدرسون عدة أمور، منها: كيفية تأثير جينات الخلايا البدئية على الصفات المظهرية لتلك الخلايا، وكيفية حدوث الطفرات المحرِّكة للتطور فيها، ومدى سرعة تلك الخلايا في التضاعف؟

ويأمل هؤلاء الباحثون في اختراع نماذج أكثرُ تطوراً من "الخلية البدئية" في المستقبل للتعمق في معرفة كيفية عمل الجينات في تلك الأسلاف الأولى للحياة.

الحاشية:

الفوهات الحرمائية hydrothermal vents: أو الفتحات الحرارية-المائية، هي شقوق في أعماق المحيطات توجد عادةً عند منطقة إلتقاء الصفائح التكتونية، وهي تشبه المداخن وتصدر الماء الحار بواسطة تسخين ماء البحر المترشح من القشرة الأرضية إلى درجات حرارة عالية جداً بفعل الصهارة الصخرية الناتجة من النشاط البركاني، وتعيش حولها كائنات حية متحملة لتلك الظروف المتطرفة وتقول معظم الدراسات العلمية أن الأشكال الأولى للحياة بدأت حول هذه الفوهات.

المصادر:

هنا

هنا