الهندسة والآليات > هندسة البترول والغاز

الاستثمار المدعم للنفط ( الجزء الأول) :

لا أحد تقريبا لم يسمع يوما ما بالنفط ولا أحد أيضا لم يسمع أننا سنشهد قريبا (في غضون حوالي 30-40 سنة) نفاذ مخزون النفط العالمي ولكن المؤكد أن القليل منكم قد سمع أنه في ذلك الوقت وبعد استخراج آخر برميل نفط سيبقى من النفط ما يعادل تقريبا ما تم استخراجه منذ اكتشاف النفط في طبقات الأرض ولن نستطيع استخراجه.

لتتعرف على مراحل استخراج النفط والأسباب التي تقف وراء بقاء تلك الكميات الكبيرة من النفط ضمن الطبقات النفطية بالإضافة إلى طرق زيادة المردود النفطي[1] تابع معنا الجزء الأول من سلسلة الاستثمار المدعم للنفط.

إن كافة الدلائل والأبحاث تشير إلى أننا أصبحنا قريبين من ذلك اليوم الذي يقال فيه " كان هذا آخر برميل نفط تم استخراجه " ولكن هذا لا يعني أبدا أنه في ذلك الوقت سيكون قد تم استخراج كل كمية النفط الموجودة في طبقات الأرض.

لنتعرف في البداية على مراحل انتاج النفط:

الانتاج الأولي:

وفي هذه المرحلة يندفع النفط ضمن مسامات الطبقة[2] باتجاه آبار الانتاج اعتمادا على الطاقة الطبيعية الموجودة في المكمن النفطي[3] (كطاقة تمدد الغاز المنحل في النفط أو الموجود في القبعة الغازية[3] أو طاقة دفع المياه الطبقية[3] أو طاقة الجاذبية الأرضية بحيث يسيل النفط اعتمادا على وزنه باتجاه آبار الانتاج أو ربما تبعا لاشتراك عدة طاقات معا) حيث يتجمع النفط في آبار الإنتاج وقد يصل إلى السطح (آبار انتاج ذاتي) أو قد يصل إلى مستوى معين في البئر وعندها يتم استخدام المضخات أو طريقة الرفع الغازي (Gas Lift) لرفعه للسطح.

الانتاج الثانوي:

أثناء الإنتاج ومع مرور الزمن تنخفض الطاقة الطبيعية المخزنة في المكمن النفطي لينخفض معها معدل دخول النفط من الطبقة إلى بئر الانتاج وهنا يتم الانتقال إلى مرحلة الإنتاج الثانوي حيث يتم إدخال طاقة جديدة للمكمن النفطي بهدف الحفاظ على الضغط الطبقي [6] (كحقن الغاز في القبعة الغازية Gas Injection أو حقن الماء في منطقة الماء Water Injection أو كليهما) أو بهدف إزاحة النفط باتجاه الآبار الانتاجية (وهنا يتم حقن الماء في منطقة النفط Water Flooding).

الانتاج الثالثي:

وتسمى هذه المرحلة مرحلة الاستثمار المدعم للنفط (Enhanced Oil Recovery EOR).

بعد فترة من تطبيق إحدى طرق الإنتاج الثانوي ينخفض معدل إنتاج النفط ثانية حتى يصل إلى ما دون الحد الاقتصادي وعندها يتم الانتقال لمرحلة الانتاج الثالثي (من الممكن أيضا تطبيق الاستثمار المدعم للنفط قبل ذلك).

هناك العديد من الطرق المستخدمة لزيادة المرود النفطي والتي تندرج تحت إطار الاستثمار المدعم للنفط EOR وما يزال الباب مفتوحا لاكتشاف طرق جديدة.

قبل الخوض في طرق الاستثمار المدعم لابد من توضيح الأسباب التي تعيق استخراج النفط والتي تسبب المردود المنخفض. تتعدد هذه المعيقات ويختلف معدل تأثيرها من مكمن لآخر تبعا لاختلاف الخواص البتروفيزيائية للمكمن والموائع الموجودة ومن أبرز هذه الاسباب:

أسباب فيزيائية:

• لزوجة النفط[4]: إن اللزوجة المرتفعة للنفط بالمقارنة مع لزوجة الماء يعتبر من أهم العوامل المعيقة لإنتاج النفط وحيث أن اللزوجة تؤثر سلبا على الحركية فإن الماء يتحرك أسرع ضمن المسامات تاركا النفط خلفه ومسببا انقاص المردود النفطي.

• التوتر السطحي بين النفط والماء: إن القيمة المرتفعة للتوتر السطحي بين النفط والماء تجعل من الصعب امتزاجهما وتشكيل طور واحد يسهل عملية الانتاج، كما أن القيمة المرتفعة للتوتر السطحي للنفط مقارنة بالماء تجعله بحاجة لقوة أكبر للعبور عبر المسامات الضيقة والتغلب على القوى الشعرية.

• خاصية التبللWettability: إن الصخور تجذب الموائع إلى سطحها بشكل متباين وبالتالي فإن وجود صخور محبة للنفط سيؤدي إلى جذب النفط إلى سطح الصخر ليبقى الماء بعيدا ليسيل بسهولة أكبر باتجاه آبار الانتاج في حين يبقى النفط ملتصقا بجدران المسامات.

أسباب جيولوجية:

• عدم التجانس الطبقي Hetrogenity: إن عدم التجانس في توزع الخواص البتروفيزيائية كالمسامية والنفوذية[5] يؤثر سلبا على المردود النفطي إذ يسيل النفط عبر مناطق النفوذية المرتفعة باتجاه آبار الانتاج ليبقى قسم كبير محصور في مناطق النفوذية المنخفضة.

إن وجود أحد المعيقات المذكورة أو اجتماع عدة معيقات سوية سيؤدي إلى جعل المردود النفطي للمكمن قليلا ً ليأتي هنا دور الانتاج الثالثي أو ما يسمى ،، الاستثمار المدعم للنفط EOR ،، للتغلب على تلك المعيقات أو الحد من تأثيرها قدر الامكان مما يؤدي إلى رفع كمية النفط المستخرجة وبالتالي رفع المردود النفطي.

يبين المخطط التالي مراحل استخراج النفط والطرق المتبعة في كل مرحلة:

هل سنبقى عاجزين عن استخراج كامل كمية النفط الموجودة في الأرض؟ هل يستطيع الاستثمار المدعم للنفط حل المشكلة أم لا؟ شارك برأيك وانتظرنا مع الجزء الثاني.

شرح المصطلحات

[1] المردود النفطي: يعبر عن كمية النفط المستخرجة مقارنة بكمية النفط التي كانت موجودة أصلا في المكمن النفطي.

[2] المسامية: تتكون الصخور بشكل عام من حبيبات تحجز فيما بينها فراغات تدعى المسامات والتي قد تكون جافة أو حاوية على مائع ما (نفط، غاز، ماء).

[3] المكمن النفطي، القبعة الغازية، المياه الطبقية: يمكن توضيح بالشكل التالي:

[4] اللزوجة: تعبر عن مقاومة السائل للجريان فالسوائل ذات اللزوجة العالية تتحرك بصعوبة أكبر (العسل، الكتشب) أما السوائل ذات اللزوجة المنخفضة فتتحرك بسهولة (كالماء).

[5] النفوذية: وتعبر عن قابلية الصخور بالسماح للموائع بالحركة خلالها (ضمن المسامات).

[6] الضغط الطبقي: تكون الموائع الموجودة في المكمن النفطي محصورة في الفراغات (المسامات) تحت ضغط يسمى الضغط الطبقي وهو ناتج عن وزن الطبقات الصخرية المتوضعة فوق المكمن وتحت تأثير هذا الضغط تسيل الموائع عبر مسامات الطبقة باتجاه آبار انتاج النفط.

المصادر:

© Enhanced Oil Recovery، Prof. Dr.-Ing. M. Amro، Prof. Dr. Foppe Visser - Wintershall AG، TECHNISCHE UNIVERSTÄT BERGAKADEMIE FREIBERG April-July 2014

هنا