الموسيقا > تعرف إلى موسيقيي العالم

السير بول مكارتني، كنزٌ موسيقيٌ لا ينضب

حياته:

ولد السير جيمس بول مكارتني في ليفربول – انكلترا (المملكة المتحدة) في مشفى والتون في الثامن عشر من حزيران عام 1942، كان والده (جيم) يعمل في بيع القطن وعازفاً على الترومبيت والبيانو، وأمُّه (ماري) تعمل ربَّةَ منزل.

تربَّى بول في جو أسرةٍ انكليزيَّةٍ كادحةٍ، تماماً مثل أقرانِهِ المستقبليين في فرقة البيتلز، وتوفِّيت والدته عندما كان في الرابعة عشر من عمره في عام 1956 جرَّاء جلطةٍ دماغيَّةٍ، إذ كانت مدخِّنة وتعاني من سرطان الثدي.

كان لموتِها صدمةٌ كبيرةٌ على بول وسببٌ لتأليفه أغنية Let it Be التي سنذكرها لاحقاً، والحدث الذي متَّن علاقتَهُ مع جون لينون الذي خسر والدته أيضاً عام 1958.

أشعل جيم مكارتني (أب بول) الشرارةَ الأولى لَدى بول الصَّغير مشجِّعاً إيَّاه على أن يكون موسيقيَّاً، وعلى أن يجرِّب أكثرَ من آلةٍ موسيقيَّةٍ واحدةٍ، فقد أعطى بول ترومبيت عقب وفاة والدته، وعندما أصبحت موسيقى الـ"سكيفل" (مزيج من الجاز والبلوز والفولك) صرعةً في بريطانيا آنذاك استبدل بول الترومبيت مقابل الغيتار، لكن كونه أعسراً، جعل ذلك عائقاً في بداية تعلُّمه، وعندها كتب أغنيته الأولى "I lost my little girl"، ولاحقاً أخذ دروساً للتَّعلُّم على العزف ولكنّه فضَّل العزف السماعي، ثُمَّ بدأ تعلُّمَ العزفِ على البيانو وكتب أغنية "When I'm Sixty-Four".

التقى بول بجون لينون في عام 1957 وقدَّما عرضاً سويةً، الالفة والذوق الموسيقيّ الموحَّد شجعتا جون لينون أن يضمَّ ذاك العازف المراهق إلى فرقته"The Quarrymen" ، ومن ثُمَّ أقنع مكارتني لينون بضمِّ جورج هاريسون للفرقة كعازفٍ رئيسيٍّ عام 1958، الذي بدأت صداقتُه معه عندما التقى به على متن باص مدرسته عام 1954 إذ كان طالباً أيضاً في المدرسة نفسها في ليفربول.

أصبح مكارتني وجون لينون مؤلٍّفا لأغاني تلك الفرقة، وسيعملان معاً على تأليف وتلحين أغاني الفرقة التي سيُطبع ذكراها في قلوب الكثيرين، ألا وهي فرقة البيتلز.

مع البيتلز:

بحلول عام 1960، كانت البيتلز مؤلَّفةً سابقاً من جورج هاريسون، ستيوارت سوتكليف و بيتي بيست، الفرقة التي خطت أولى خطاها في هامبورغ-المانيا في الستينيات، قضى الأخيرون سنتين يعزفون سويةً، قبل أن يترك سوتكليف الفرقة ويحلُّ محلَّه بول مكارتني ليستلم مهمة عازف غيتار البيس، وعندما عادوا إلى بلدهم الأصل (بريطانيا)، انضمَّ رينغو ستار للفرقة وازدادت شعبيتها بشكلٍ ملحوظ، ولكن مكارتني بالتَّحديد كتب أغاني للفرقة أكثر من أيِّ عضو آخر، مثل ""Yesterday، ""Hey Jude، "Let it be"، "All my Loving"، و استطاعوا سويَّةً جعلَ هذه الفرقة أحدَ أهمِّ أيقونات ستينيات القرن الماضي.

حُلّت البيتلز عام 1970 كاسرة قلوب المعجبين في جميع أنحاء العالم.

لقراءة مقالنا السابق عن فرقة البيتلز:

هنا

ما بعد البيتلز:

كان مكارتني يريد الحفاظ على مكانته في أعين الناس، فأصدر ألبوماً إفرادياً يدعى "Mccartney" عام 1970، الذي لاقى ردود أفعالٍ متباينة من النقّاد، لكنّه نالَ نجاحاً كبيراً لَدى العامَّة، وذلك كان محفِّزاً له لتشكيل فرقة "Wings" في عام 1971 التي كسبت شعبيةً كبيرةً في سبعينيات القرن الماضي، حائزةً على جائزتي Grammy ، وكان متوقفاً في تلك الفترة عن غناء أغاني البيتلز لكنّه منذ عام 1976 عاد مرَّة أخرى لغنائها بعد سنين من رفضه لذلك.

كما هو الحال مع معظم أعضاء البيتلز السابقين، أعمال بول مكارتني كانت متنوعةً، ففي عام 1977 أصدر أغنية "Mull of Kintyre" والتي ظلّت الأغنية الإفراديَّة الأكثر مبيعاً في المملكة المتّحدة حتى عام 1984.

كانت وفاة جون لينون في كانون الأول من عام 1980 صدمةً كبيرةً على مكارتني، وصرّح أنَّه بكى طوال مساء ذلك اليوم الذي جُنَّت فيه وسائل الإعلامِ وهي تعرض هذا الخبر، و لم يحضر جنازتَه مصرِّحاً أنَّه لم يستطع تحمل ذلك، و ظلَّ حسب تعبيره، عدَّة أيامٍ غير مصدقٍ أنَّ جون قد توفي فعلاً.

مقالنا السابق عن جون لينون:

هنا

متأثِّراً بموت لينون، توقَّف مكارتني عن تقديم العروض المباشرة لفترةٍ، لكنَّه عاد بعد حين، وأعلن عن حلّ فرقة Wings عام 1981، وهي السنة نفسها التي غنَّى فيها هو ورينغو ستار وجورج هاريسون أغانيهم القديمة تكريماً لروح جون لينون.

تعاون في الثمانينات مع "إلفيس كوستيلو"، وفي عام 1991 أصدر أوّل أعماله الكلاسيكيَّة The Liverpool Ortario، منذ ذلك الحين أصدر مجموعة من الألبومات بأساليبٍ مختلفةٍ، وقام بعددٍ من الجولات العالميَّة.

في التسعينات تمَّ لم شمل كل من ستار وهاريسون للعمل على مشروع أغانٍ مختارة من ألبوماتهم السَّابقة، ولكن هذه المرَّة مع إضافة آلات موسيقيَّة جديدة وغناء مسجَّل مسبقاً لجون لينون.

غنّى مكارتني مع العديد من المغنيين المشهورين أمثال أسطورة البوب الشهير مايكل جاكسون في أغنية ""Say Say Say عام 1993.

تمَّت ترقيتِهِ إلى السير بول مكارتني عام 1997 من قبل الملكة إليزابيث الثانية تكريماً لإنجازاته الموسيقيَّة.

في عام 2012 أصدر البوم Kisses on the bottom، والذي كان يحوي أغانيه المفضَّلة في طفولته.

في أواخر عام 2014 بدأ اشتراكه مع مغني الرَّاب الشهير "كانييه ويست"، الأمر الذي سبَّبَ مفاجئةً كبيرةً لجماهيره، فالبعض أحبَّ ذلك والبعض قابله بالنَّقد، خصوصاً بعد أن صرَّحَ مكارتني أنَّ تعاونَه مع كانيي ذكره بأيّام تعاونِهِ مع لينون.

حيث قال: "عندما كنت أكتب أغاني مع جون، كان يجلس مع جيتاره، أنا أجلس. ونظلُّ على هذا الحال حتّى نؤلِّف الأغنية، وعملي مع ويست كان كذلك".

وكانت ثمرة ذلك التعاون عدَّة أعمالٍ منها أغنية Only One"" التي أُصدرت في أواخر عام 2014 وكُتبت من وحي والدة كانييه كرسالةٍ موجَّهةٍ إليها، وذلك كان محطّ إعجاب مكارتني الذي تذكّر نفسه عندما أهدى والدته أغنية "Let it Be" التي ألَّفها بعد أن حَلِم بوالدته التي توفيّت عندما كان صغيراً وهي تقول: " لا تقلق، كلُّ شيءٍ سيكون على مايرام، فقط دعها تكون"، حيث استيقظ مكارتني بحسب تعبيره وكتب كلمات هذه الأغنية التي حقَّقت نجاحاً كبيراً فورَ صدورها.

على الرغم من كِبر سنه إلا أنَّه ما يزال يدور العالم ويقدِّم الحفلات، وقد سُئل مرَّاتٍ عديدة عن اعتزاله فكان ردَّه:" لماذا أعتزل، لكي أجلس في المنزل وأشاهد التلفاز، أفضِّل أن أقدِّم الحفلات عوضاً عن ذلك"

على صعيد حياته الشخصية:

تزوَّج بول ثلاث مرَّات، أوَّلها من ليندا لويز مكارتني، زوجته طوال 29 عام، والتي توفِّيت في نيسان عام 1998 بعد صراعٍ طويلٍ مع مرض سرطان الثدي، وأنجب منها 4 أولاد.

بعدها بأربع سنوات تزوَّج من عارضة الأزياء هيذر ميلز، زواجهما لم يدم كثيراً فانفصلا عام 2006، لكنَّهما رُزقا بطفلةٍ صغيرةٍ، بعدها تزوَّج مكارتني مرَّة أخرى من سيدة الأعمال نانسي شيفيل في تشرين الأول من عام 2011 في لندن وزواجهما مستمرٌّ حتَّى اللحظة.

لم يحصر مكارتني نفسه في مجال الموسيقى فقط، بل دخل عالم التَّصوير، والأدب، والرسم، بجانب كونه رجلَ أعمالٍ ناجحاً.

يُعتبر مكارتني من أحد أهمِّ أعمدة موسيقى البوب، ويُعتبر من أهمِّ الموسيقين والملحّنين في تاريخ هذه الموسيقى، ومن أكثرِ العازفين الإفراديين نجاحاً على مرِّ التَّاريخ.

ندعكم الآن للإستماع لأعماله:

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا