الفنون البصرية > فن تصميم الأزياء

الأزياء في حياتنا

يخبرنا علمُ الاجتماعِ أنّ مكانةَ الأزياءِ في حياتِنا قد تطوّرت من مجرّدِ أداةٍ لسترِ الجسدِ وتكييفهِ مع المناخِ إلى طريقةٍ للتواصلِ غيرِ اللّفظيّ، إذ تُعدّ من أفضلِ طُرقِ تمثيلِ الأفكارِ بصرياً وهي لا تشملُ الملابسَ فحسب بل الإكسسورات، المجوهرات، تسريحات الشعر وحتى الوشوم. فما نرتديه وكيفَ ومتى نرتديه يعطي لمحةً مختزلةً عن هويّتنا الفرديّة والجماعيّة.

وتلعبُ عدّةُ عواملَ دورَها في التأثيرِ بهذا الفنِّ ويمكنُ للسهولةِ تقسيمَها كالتّالي:

1- عواملُ جوهريّةٌ: وتتعلقُ بجوهرِ الأزياءِ كحاجةٍ بشريةٍ نشأت أولاً من حاجتِنا الفطريةِ إلى الانتماءِ للقبيلةِ (جماعة) حيث يعملُ الفردُ على إيجادِ تشابهاتٍ يمكنُ تمييزُها بينَ أفرادِ الجماعةِ ويسعى جاهداً ليظهرَ بمظهرٍ مقبولٍ بمعاييرِ الجماعةِ التي ينتمي لها. وهنا لا يمكننا أيضاً أن نغفلَ الرغبةَ الغريزيةَ للفردِ بالتّميّز والاختلاف ضمنَ الإطارِ المحدّد لجماعته.

وهنا استعارَ علماءُ الاجتماعِ كلمةَ الأدوارِ 'rôles' من عالمِ المسرحِ للدلالةِ على تعاملِ الفردِ مع الأزياءِ كما يتعاملُ الممثلُ مع الدّورِ، فهو يتشرّبُ السيناريو(شيفرةُ رموزِ الجماعة) ويؤدّي الدورَ( يستخدمُ الملابس) بأسلوبِه لكنّ التفاعلَ السّلسَ مع الجمهورِلا يتمّ إلا بمعرفةِ ما يتوقع منه المتلقي ( الجماعة)، والتي قد تشملُ الأصدقاءَ ، الأخوةَ، الأهلَ ،الشركاءَ، أصحابَ العملِ، الزبائنَ وحتى الأقران. ويسيطرُ تأثيرُ الأقرانِ على ما عداه بالنسبةِ للشّبابِ ويعطيهم إحساساً بالهويةِ وكلُّ شيءٍ يصبح قديمَ الطّرازِ بالنسبةِ لهم في اللحظةِ التي يفقدُ فيها إعجابَ الجماعة. ومن هنا جاءت الدورةُ الطبيعيّة للموضة:

-في البدايةِ تلقى الموضةُ استحسانَ الآخرين، ثم تقلّد بغرضِ المنافسة، ثم تُستبدَلُ كونَها أصبحت مألوفةً وفقدت التميّزَ المطلوبَ منها.

إلا أنّ ملابسَ المِهنِ كانت بمعزلٍ عن الموضةِ السائدة، إذ كانَ الغرضُ الوحيدُ منها إعطاءَ المظهرِ المرتبطِ بالمهنةِ، ولأنّ بعضَ الناسِ لا يبدونَ مهارة في ذلك نشأ الزيُّ الموحّدُ أو الزيُّ الرسميُّ للشركاتِ في ثمانيناتِ القرنِ الماضي.

2- العوامل الخارجّية :

إذ يمكنُ اعتبارُ الأزياءِ مقياساً للتغيراتِ الحضاريةِ والثّقافيةِ لمواكبتِها الدّائمةِ للتّطوراتِ السّياسيةِ كالثّوراتِ والحروبِ (كتأثير حروب نابليون)، والاجتماعيّةِ (كالتّقسيمِ الطبقيِّ للمجتمع)، والاقتصاديةِ (كفرضِ التقشّف)، والصّناعيةِ ( كالثوّرة الصناعيةِ في أوروبا وتطوّرِ تقنياتِ صناعةِ النّسيج) وظهورِالحركاتِ الفكريّةِ (كحركةِ مناصرةِ المرأة ).

ويضافُ إليها تأثيرُ المشاهيرِ في قيادةِ الموضةِ والتعاملِ معهم كأيقوناتٍ يجبُ الاحتذاءَ بها كـ مادونا والليدي ديانا في تسعينياتِ القرنِ الماضي. كما واكبتِ الأزياءُ تغّيرَ أسلوبِ الحياةِ كظهورِ رياضاتٍ جديدةٍ مثل التّزلج، وموسيقا جديدة ك rock and roll و hip hop.

وهكذا تغلغلَ هذا الفنُّ بتفاصيلِه الغنيةِ ليغذّي إدراكَنا للجمالِ ويشكّلُ لغةً من الرموزِ السيمائية لا يمكنُ تجاهلُ تأثيرِها على هويتنا كأفرادٍ ومجتمعات. ولتغني معرفتَك عن هذا الفنِّ بشكلٍ مفصّلٍ تابع مقالاتِنا التّاليةِ في سلسلةِ " فنُّ تصميمِ الأزياء".

المصادر:

هنا

هنا

هنا