الفنون البصرية > فن وتراث

جلجامش يعود!

بـ 800 دولار أمريكي فقط˛ جزء من اللوح الخامس لملحمة جلجامش يرى الضوء بعد أن قام متحف السليمانية في كردستان العراق في آواخر عام 2011 بالحصول على مجموعة من الألواح الطينية والمؤلفة من 80 إلى 90 لوحاً مختلفة الأحجام والأشكال والمحتوى من أحد مهربي الآثار.

وعلى الرغم من أن بعضاً من هذه الألواح كانت متشظية إلا أن البعض الآخر كان في حال جيدة تماماً فيما كان البعض الآخر مزيفاً. اللوح المكتشف عبارة عن ثلاثة أجزاء مكسورة لكن متصلة بشكل مدهش يكشف النقاب عن جزء جديد من ملحمة جلجامش.

طبعاً أراد مهرب الآثار عند التفاوض على سعر القطع التي في حوزته الحصول على أكبر قدر من المال وهو لا يعرف مدى قيمتها ولا ما تمثله! وعلى الفور قام البروفيسور فاروق الراوي، أستاذ كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، بفحص كل قطعة ليتأكد من محتواها ومن أنها أصلية. وقد لفت اللوح نظر البروفيسور راوي وطلب من السيد هاشم الذي كان برفقته شرائه! "ادفع له ما يريد، سأخبرك لاحقاً"، قالها راوي. وكان السعر النهائي للوح 800 دولار!

في تشرين الثاني من عام 2012˛ بدأ كل من البروفيسور فاروق الراوي والبروفيسور أندرو جورج بترجمة النصوص المنقوشة على اللوح المكتشف وفك رموز لغتها المسمارية.

تبين من الفحص أن اللوح منقوش باللغة المسمارية للإمبراطورية البابلية الحديثة ويمثل النصف الأيسر من عمود اللوح السادس. يقول الراوي وجورج أن اللوح كتب في الفترة مابين (626-539) قبل الميلاد˛ في حين يرجح المتحف عودته لفترة الإمبراطورية البابلية الحديثة (2003-1595)قبل الميلاد.

اللوح المكتشف˛ بارتفاع 11 سم وعرض 9.5 سم وسماكة 3 سم˛ يمثل إضافة جديدة للملحمة تتمثل بـ 20 سطراً لم تكن معروفة سابقاً لهذه القصة الملحمية!

أهم هذه الإضافات تكشف عن مقابلة جلجامش وصديقه لقرود في طريق رحلتهم إلى غابة الأرْز موطن الآلهة. وظهور هومبابا كحاكم غريب˛ وليس كغول بربري˛ تسليه موسيقى غريبة في محكمة على طريقة الملوك البابليين. فثرثرة القرود وجوقات حشرات الزيز وزعيق الطيور تشكل سيمفونية (أو نشازاً) تسلية يومية لحامي الغابة هومبابا.

أيضاً˛ توضحت أكثر عاقبة ذبح جلجامش وإينكيدو لـِ هومبابا. فالمقاطع على اللوح تتوافق مع الإصدارات الأخرى للملحمة لتؤكد ما تم معرفته سابقاً كعلاقة إينكيدو بـِ هومبابا في شبابه.

مرة أخرى˛ تثبت مثل هذه الاكتشافات الأثرية إرادة الحياة التي علمها الإنسان للحجر لينقل قصصه وإنجازاته عبر التاريخ.

المصدر:

هنا