الفلسفة وعلم الاجتماع > مصطلحات

علم اللسانيات

ربما تعتبر قدرتك على استخدام اللغة أمرًا مفروغًا منه. تخيل كيف ستكون حياتنا دون القدرة على استخدام اللغة. لا مزيد من الدردشة مع فنجان قهوة، لا تحيات ومجاملات ودية. لا مزيد من الجدال مع أصدقائك حول الفريق الرياضي الأفضل ولا حتى يمكن لك أن تفسر أعراض مرضك للطبيب. اللغة ليست مهمة لنا فقط كبشر، بل هي قدرة فريدة لنا. اللغة جزء من جيناتنا ونحن البشر مبرمجون مسبقًا لها، فلذلك تعد دراسة اللغة أو اللسانيات في صميم الجهود المبذولة لفهم طبيعة الإنسان. فما هو علم اللسانيات؟ إليكم هذا المقال.

اللسانيات هي الدراسة العلمية للغة. استُخدمت هذه الكلمة لأول مرة في منتصف القرن التاسع عشر للتأكيد على الفرق بين النهج الحديث المتبع في دراسة اللغة وعلى النهج التقليدي المتبع في دراسة فقه اللغة Philology. يهتم علم فقه اللغة في المقام الأول بدراسة تاريخ اللغات كما هو واضح في النصوص المكتوبة، وفي سياق الأدب والثقافة المرتبطة بهذه النصوص. في حين أن علم اللسانيات قد يهتم في تاريخ اللغات والنصوص المكتوبة إلى أنه يعطي الأولوية للنصوص المنطوقة وتحليلها في نقطة معينة من الزمن.

يدرس اللغويون كل لغة على حدة، وهدفهم هو فهم طبيعة اللغة البشرية. فاختلاف اللغات البشرية كاختلاف أنواع السيارات مثلًا: كل نموذج يختلف وفقا لحجم المحرك، وقاعدة العجلات وناقل الحركة، والقدرة على نقل الركاب، ولكنها تشترك جميعا في مجموعة مشتركة من الصفات. فكل لغة تختلف في أصواتها ومفرداتها وأنماط جملها وهلم جرا، ولكن لهذه اللغات مجموعة مشتركة من الصفات.

فيتفق معظم اللغويون على أن اللغات تشترك في ست صفات:

• تُستخدم اللغة للتواصل.

• تتكون اللغة من علامات أو رموز اعتباطية.

• اللغة منظمة بشكل هرمي.

• ينتج البشر اللغة ويدركونها باستخدام طرق سمعية وبصرية وحتى عن طريق اللمس.

• اللغة ميّزة فريدة للإنسان.

• الإنسان معدٌّ جينيًا للغة.

يركز اللغويون بشكل فردي على سمات معينة من اللغة، فالدراسة الوظيفية تُعنى بالوظيفة التواصلية للغة، والدراسة الشكلية تُعنى بتنظيم اللغة. ويركز بعض اللغويون على إنتاج الكلام والإدراك، ويهتم بعضهم بدراسة الأساس البيولوجي للغة.

وقد طوّر اللغويين مجموعة من الأساليب لدراسة اللغة بشكل منهجي وعلمي. وتشمل هذه الأساليب أدواتٌ لتسجيل اللغة، وتحويل الملاحظات إلى البيانات المناسبة لدراسة نمط وبنية لغات معينة. وقد أظهرت المقارنة بين لغات مختلفة كيفية تفاعلها، وكيف تغيرها عبر الزمن، وكيف أن كل اللغات، مهما كانت أوجه الشبه والاختلاف بينهما، لديها بعض السمات الأساسية المشتركة.

وفي العصر الحديث اللسانيات، أصبحت الأدوات التقنية والمفاهيمية المتطورة متاحة لتسجيل الملاحظات واختبار الفرضيات. وقد اعتمدت اللسانيات تقنيات تجريبية لتحليل مجموعات كبيرة من البيانات ، وتُستخدم التقنيات الحاسوبية لتحديد أنماط في الصوت، وتوزيع وتكرار الكلمات، وبنية العبارات والجمل. تضافرت أساليب اللغويون المستمدة من المنطق الرياضي، ونظرية المعلومات، وعلم النفس المعرفي وطبّقت ذلك على دراسة أنماط الصوت (علم الأصوات phonology)، والصرف morphology وبنية العبارة (النحو syntax ) وعلم دلالات الألفاظ semantics.

وكمتحدّث للغة، ربما تعتقد أن الأمور التي تهم اللغويين - كيفية تعريف اللغة، وكيفية الكشف عن سماتها، وكيفية دراستها علميا - قد لا تتعلق بتجربتك اليومية للغة. ولكن من أجل أن تكون متحدّثًا ناجحا، تحتاج أن تكون لغويًا جيدًا. الفرق بينك وبين اللغوي هو أنك تلعب لعبة اللغة، في حين أن اللغوي يجلس ويحاول معرفة جميع العناصر الخفية التي تشكل لعبة اللغة.

الفوارق الاجتماعية تؤدي إلى اختلاف اللغة. بالإضافة إلى ذلك، تتغير اللغات على مر الزمن، ما يؤدي في النهاية إلى تطوير لغات جديدة. وفي مقارنة لغات العالم مع بعضها البعض وجد اللغويين أنه مثلما هناك أنواع مختلفة لشخصية المتحدث، هناك أنواع مختلفة للغة. تظهر قوة اللغة الاجتماعية في كيفية نشوء اللغة وفي ولادة وموت لغات فردية.

المراجع:

هنا

Matthews P. H. Linguistics: A Very Short Introduction. Oxford: London، 2003.