الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

الفيتامينات ... بداية الحكاية

1- تعريف الفيتامينات:

الفيتامينات عبارة عن مجموعة متنوعة من المركبات العضوية Organic Compounds التي تنسب إلى زمر مختلفة. قد تتشابه كيميائياً أو وظيفياً بدرجة ضئيلة، ولكنّ لكل منها تركيبه الكيميائي الخاص والذي يحقق وظيفته الحيوية. أما من الناحية البيولوجية، فهي مركبات ضرورية لحياة الإنسان لا يمكن للجسم أن يصنّعها بنفسه، أو أنه يصنّعها بكميات غير كافية مثل فيتامين B12 أو فيتامين K المصنّعة من قبل الجراثيم الطبيعية في الجهاز الهضمي. يستثنى من ذلك فيتامين D الذي يمكن تصنيعه داخل الجسم.

تصنف جميع الفيتامينات مع المغذيات الدقيقة (الصغرى) Micronutrients، ذلك أنّ الجسم يتطلبها بكميات ضئيلة جداً بحيث تقدر الحاجة اليومية منها بالميليغرامات أو المايكروغرامات أحياناً، وهي ليست كالأملاح المعدنية والأحماض الأمينية والدهنية التي يحتاجها الجسم بكميات أكبر.

2- قصة الفيتامينات:

اكتُشفت الفيتامينات لأول مرة في بدايات القرن العشرين في تجارب Hopkins على الفئران، حيث قام بتغذيتها بنظام غذائي يحوي المكونات الغذائية المعروفة حينها؛ وهي الدهون والبروتينات والكربوهيدرات والأملاح المعدنية، وقد كانت النتيجة فشل نمو هذه الحيوانات. إلا أنه لاحظ أن إضافة كمية صغيرة من الحليب إلى النظام الغذائي سمحت لهذه الحيوانات بالحفاظ على النمو الطبيعي، كما تمكنت الحيوانات التي سبق وغُذّيت على النظام السابق من استعادة نموها.

وبناء على ذلك، أشار إلى أن الحليب يحتوي على واحد أو أكثر من "عوامل النمو الملحقة" Accessory growth factors، كما أشار إلى أن هذه المواد الغذائية موجودة بكميات صغيرة، لأن الكمية التي أضافها من الحليب كانت صغيرة ولكنها كانت كافية للحفاظ على النمو الطبيعي.

أما مصطلح فيتامين Vitamine، فقد استخدمه Funk لأول مرة في العام 1912 للدلالة على العنصر الغذائي العضوي اللازم لمنع حدوث مرض يعرف في يومنا هذا بمرض البري بري Beri-Beri وهو أحد الأمراض الشائعة في البلاد التي تعتمد في قوتها اليومي على الأرز المقشور. وجاءت التسمية من الطبيعة الأمينية Amine لهذا المركب الكيميائي الذي أصبح يعرف فيما بعد بفيتامين الثيامين Thiamin أو B1. وتتألف كلمة فيتامين من دمج كلمة Vita والتي تعني الحياة باللغة اللاتينية وكلمة أمين التي تدل على طبيعة المركب، وتعني الأمين الضروري للحياة.

لاحقاً، تم اكتشاف مركبات عضوية جديدة تبين أنها لا تحوي جميعها على الأمينات في بنيتها، فتم حذف حرف E ليصبح الاسم Vitamin وبقي مستخدماً حتى يومنا هذا.

3- تصنيف الفيتامينات:

تصنف الفيتامينات بالاعتماد على انحلاليتها إلى:

- الفيتامينات الذوابة في الدهون Fat-soluble:

وهي الفيتامينات الذوابة في الدهون والمحلات العضوية، والتي تتواجد بشكل أساسي في الأغذية الدسمة والمنتجات الحيوانية، وتشمل الزيوت النباتية والحليب ومنتجات الألبان والبيض والكبد والأسماك الزيتية والزبدة.

يحتاج الجسم لهذه الفيتامينات يومياً للعمل بشكل صحيح، ولكن هذا لا يعني أنه علينا تناول الأطعمة التي تحتوي عليها كل يوم، وذلك لأن جسمنا يخزن هذه الفيتامينات في الكبد والأنسجة الدهنية لاستخدامها عند الحاجة. ولكن يجب التنويه أن زيادة كميات هذه الفيتامينات عن حاجة الجسم لها قد يكون ضاراً.

تقاوم هذه الفيتامينات التخريب الناتج عن العمليات التصنيعية والحرارية للأغذية، إلا أنها تتخرب أثناء تزنخ الدهون وتشمل الفيتامينات التالية: A، وD، وE، وK.

- الفيتامينات الذوابة في الماء Water-soluble:

لا يمكن للجسم تخزين الفيتامينات الذوابة في الماء، لذلك فإن حاجة الجسم لها أكبر من تلك الذوابة بالدهون ويجب تناول الأغذية التي تحتويها بشكل أكبر ووأكثر تكراراً. وفي حال تم تناول كمية أكبر من حاجة الجسم فإنه يتخلص من الكميات الفائضة عن حاجته مع البول، ولذلك فإن الإكثار منها ليس ضاراً بشكل عام، إلا أن هذا لا يعني أن الكميات كبيرة جداً منها غير مضرة أيضاً.

تتواجد الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء في مجموعة واسعة من الأغذية، بما في ذلك الفواكه والخضروات والبطاطا والحبوب والحليب ومنتجات الألبان. وعلى عكس الفيتامينات الذوابة في الدهون، فإن الفيتامينات الذوابة في الماء يمكن أن تتخرب بفعل الحرارة أو التعرض للهواء. كما أنها يمكن أن تُفقد بسهولة في المياه المستخدمة للطهي والسلق. وعليه فإن أفضل طريقة للحفاظ على الفيتامينات الذوابة في الماء هي الطبخ بالبخار أو الشواء، كما يمكن استخدام مياه السلق والطبخ في إعداد الحساء أو اليخنة بدلاً من رميها.

وتشمل الفيتامينات الذوابة في الماء فيتامين C، ومجموعة فيتامينات B وحمض الفوليك.

4- عوز الفيتامين:

يقسم عوز الفيتامين Vitamin deficiency إلى نوعين؛ الأول هو عوز الفيتامين ويسمى Avitaminosis أو Hypovitaminosis ويعني الغياب المطلق وطويل الأمد للفيتامين من الغذاء والذي يؤدي لعوز فيتاميني في الجسم، أو سوء عملية امتصاص هذا الفيتامين من قبل الجسم. وتُفضي الحالة إلى الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة المرتبطة بخلل في سير العمليات الحيوية الخلوية.

5- فرط الفيتامين:

ويحدث نتيجة دخول كميات كبيرة من الفيتامينات للجسم، وخصوصاً الفيتامينات المنحلة في الدهون، وقد تؤدي عندها إلى حدوث خلل في بعض العمليات الاستقلابية ويطلق عليها بالانكليزية Hypervitaminosis.

وعلى أية حال، يفضل الحصول على الفيتامينات من مصادرها الطبيعية (الأغذية الطبيعية)، ولكن، في بعض الحالات الخاصة التي لا يستطيع الجسم فيها الحصول على الفيتامينات بشكل طبيعي، يمكن عندها تناولها على شكل متممات فيتامينية. ولكن تفضل استشارة الطبيب قبل البدء بتناولها لما قد تسببه الجرعات الخاطئة والمرتفعة من أضرار وتسممات.

6- وظيفة الفيتامينات:

تتصف الفيتامينات جميعاً بعدم مساهمتها في إنتاج الطاقة، ولكنها تؤدي دوراً أساسياً في تمثيل الطاقة في الجسم. هذا وتشترك الفيتامينات بشكل فعال في العديد من العمليات الفيزيولوجية والحيوية، فكثير من الفيتامينات المنحلة في الماء يدخل في تركيب المرافقات الأنزيمية Coenzymes أو يستخدم لاصطناع مركبات تقوم بتنشيط الجمل الأنزيمية. هذا وسيتم الحديث عن كل فيتامين على حدا في مقالات قادمة ضمن سلسلة الفيتامينات، حيث سنشرح لكم دور كل منها إضافةً إلى مصادره الطبيعية وفوائده والحاجة اليومية منه..

............................................................

لمزيدٍ من المعلومات حول أي فيتامين (مصادره، أهميته الحيوية ووظائفه، والحاجة اليومية منه، وأعراض عوزه أو فرطه يمكنكم متابعة ما نشر من مقالاتنا ضمن سلسلة الفيتامينات:

الفيتامينات ... بداية الحكاية : هنا

الفيتامين A: هنا

فيتامين D: هنا

الفيتامين E: هنا

الفيتامين K: هنا

الفيتامين C: هنا هنا

الفيتامين B12: هنا هنا

الفيتامين B1: هنا هنا

الفيتامين B2: هنا

الفيتامين B3: هنا هنا

الفيتامين B5: هنا

الفيتامين B6: هنا

حمض الفوليك الفيتامين B9: هنا

البيوتين (الفيتامين H/ الفيتامين B7): هنا

تأثير بعض الأدوية على الفيتامنيات: هنا

............................................................

المصادر:

1. Cambridge University Press 0521803888 - Nutritional Biochemistry of the Vitamins، Second Edition David A. Bender Excerpt

2. Lee Russell McDowell، Vitamins in Animal and Human Nutrition، SECOND EDITION، Iowa State University Press / Ames، 2000

3. هنا

4. هنا

5. هنا

6. هنا

7. هنا