الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

هل يمكننا أن نضع سعراً للنحل ؟!

ما هي قيمة النحل اقتصاديّاً؟

حاولت مجموعة من الباحثين حساب القيمة الاقتصادية للنحل وقد كان في نتائج ما وجدوه أهم سبب يحتم علينا حماية النحل المُلقِّح.

قد يبدو وضع سعرٍ لكائنٍ حي أمراً بغيضاً للوهلة الأولى، ولكن احتساب القيمة المالية للحياة البرية -وخصوصاً مكانتها في الاقتصاد الكليّ- أصبح وسيلة مفيدة للباحثين للتواصل مع الحكومات والشركات التي تحتاجها لمساعدتها في تكوين صورة أوضح عن الجدوى التي سيتم الحصول عليها عند محاولة منع انقراض هذه الأنواع. أما عندما يتعلق الأمر بالنحل، فقد وجد الباحثون حقيقة مثيرة للاهتمام توضّح قيمة هذا النهج وسلبياته.

في مجلة Nature Communications نشر الباحثون بالتفصيل كيف أنجزوا هذه المهمة من خلال اتباع بيانات ما يقارب 74000 نحلة من 780 نوع تم جمعها كجزءٍ من أكثر من 90 مشروع بحثي يحقق في كيفيّة تلقيح (تأبير) وتفاعل النحل مع حقول المحاصيل. وقد وجدوا أن الجزء الأكبر من التلقيح تم إنجازه من قبل اثنين في المئة فقط من كامل أنواع النحل المشاركة في الدراسة، وأن مساهمة هذه الـ2 % من الأنواع وصلت إلى نحو 80 % من نشاط التلقيح الكلي. (كما هو موضح في الشكل التالي)

في المحصلة، ثمّن الباحثون قيمة النحل البري بـ 3250 $ لكل هكتار سنوياً، وذلك بالنسبة للأمن الزراعي، فضلاً عن مهمتها المركزيّة في تلقيح المحاصيل، هذا يفوق قيمة مستعمرات نحل العسل المُدارة التي قُدرت بـ 2913 $ فقط.

أشار الباحثون إلى أن هذه الأرقام جذابة جداً، لكنها أبرزت موضوعاً مهماً وهو أن الحديث بمفهوم القيمة الاقتصادية فقط لا يبدو سبباً كافياً لإقناع الحكومات بالعمل على الحفاظ على أنواع النحل الأخرى (98% المتبقية من الأنواع) ، وللأسف تُركز العديد من الحكومات حالياً فقط على الملقّحات الأساسية (2 % من الأنواع) كجزء من استراتيجية الإدارة البيئية.

يقول أحد باحثي جامعة ريدينغ التي شاركت في هذه الدراسة أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكننا أن نستثمر في حماية عدد معيّن فقط من أنواع النحل وأن نعتبر حماية الأنواع الأخرى أمراً غير مهم ... " إنه من الضروري جداً أن نحمي طيفاً واسعاً من أنواع النحل والحشرات الأخرى بحيث نعتبر أنواع النحل المُلقِّحة (التي تقوم بغالبية مهمة التلقيح)؛ التشكيلة الأساسية في الفريق، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها وحدها دون وجود جماعة متنوعة تشكل فريق احتياط جاهز للتدخل والمشاركة عندما يتطلب الأمر، هذا ما يتوجب علينا القيام به لضمان استقرار الإنتاج الغذائي."

يقول الباحثون المشاركون في الدراسة أنه عندما نتحدث عن الحفاظ على الأنواع لا يتوجب علينا النظر إلى الفوائد التي تحققها هذه الأنواع على المدى القريب فقط، بل علينا النظر لأهمية حماية التنوع على المدى البعيد. على هذا النحو، لا يجب أن تهدف جهودنا للمحافظة فقط على الأنواع الأكثر شيوعاً أو تلك التي نعتبرها مفيدة للغاية في الوقت الراهن، ولكن أيضاً على تلك التي قد تبدو أقل إنتاجيةً فهي لا تقل أهمية بالنسبة للأمن الزراعي على المدى الطويل.

جاء هذا البحث في الوقت الذي تدرس فيه حكومة المحافظين -التي كانت معادية للعديد من السياسات البيئية في المملكة المتحدة- فيما إذا كانت ستدعم رغبة المزارعين في العودة لاستخدام النونيكتينويدس Neonicotinoids مجدداً (راجع مقالنا السابق لمعرفته هنا )، وهي مادة كانت حتى وقت قريب تشكل جزءاً من العديد من المبيدات الحشرية وقد تم اعتبارها واحدة من الأسباب الكامنة وراء اضطراب انهيار المستعمرة وغيرها من المشاكل التي واجهت النحل البري في السنوات الأخيرة التي شهدت انخفاض أعداد النحل بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، لذلك تم حظرها في أوروبا.

بالنتيجة: إن تقييم القيمة الاقتصادية للخدمات البيئية التي يوفرها نوعٌ ما هي وسيلة إيجابية في حال استُخدمت كمحفز للشركات والحكومات للحفاظ على التنوع الحيوي، لكنها سلبيّة حين يتم استخدامها للحفاظ فقط على هذا النوع على حساب الأنواع الأخرى أو النظر فقط للقيمة الاقتصادية لهذا النوع على المدى القريب كما في حالة النحل المُلقِّح.

المصدر:

هنا

هنا