الكيمياء والصيدلة > صيدلة

هل يمكن أن نستخدم دواءً لعلاج مرضٍ فنصاب بمرضٍ آخر؟!

وفقاً لدراسةٍ حديثةٍ، قد يتعرّضُ المرضى ممّن تناولوا الصادّاتِ الحيويةِ لعدّةِ مرّاتٍ للإصابةِ بالسكّريِّ من النمطِ الثّاني.

فقد وجدَ الباحثونَ أنّ الأشخاصَ الذينَ وُصفَ لهمُ علاجٌ بأنماطٍ معيّنةٍ من الصادّاتِ الحيويةِ لفترتينِ علاجيتينِ أو أكثرَ، أكثرُ عُرضةً للإصابةِ بالسكّريِّ منَ النمطِ الثاني مقارنةً بالأشخاصِ الذينَ لمْ تُوصفْ لهمُ هذهِ الصادّاتُ أو استخدموها لفترةٍ واحدةً. وتنتمي الصادّاتُ المذكورةُ في هذهِ الدراسةِ إلى واحدةٍ منْ أربعِ مجموعاتٍ هي: البنسلينات penicillins، السيفالوسبورينات cephalosporins ، الكينولونات quinolones، الماكروليدات macrolides .

وتُحذّرُ الدراسةُ منَ الاستخدامِ الزائدِ للصادّاتِ الحيويةِ، وتَدعونا لنكونَ أكثرَ حكمةً في استخدامِها. حيثُ يجبُ على الأطباءِ أنْ يُبقوا في اعتبارِهم أنّ السكّريَّ هو أحدُ المضاعفاتِ الناتجةِ عن الاستخدامِ المديدِ للصادّاتِ الحيويةِ.

تتوقّفُ خلايا الجسمِ لدى مرضى النمطِ الثاني من السكريِّ عن الاستجابةِ لهرمونِ الأنسولينِ الذي يحثُّها في الحالةِ الطبيعيّةِ على التقاطِ السكّرِ منَ الدّمِ. فيعاني المرضى في هذهِ الحالةِ من مستوياتٍ مرتفعةِ جدّاً للسكّرِ في الدم.

راجعَ الباحثونَ في هذهِ الدراسةِ قاعدةَ بياناتٍ لأشخاصٍ في المملكةِ المتّحدةِ. وفحصوا الصادّاتِ الحيويةِ الموصوفةِ لحوالي 200 ألفِ شخصٍ مصابٍ بالسكّريِّ، وقارنوا المجموعَ بعددِ الصادّاتِ الحيويةِ الموصوفةِ لـ 800 ألفِ شخصٍ لا يعانون منَ السكّريِّ، ولكنّهم بمتوسطِ العمرِ نفسِهِ ونسبةِ الرّجالِ إلى النساءِ نفسِها. فوجدوا أنّهُ كلّما ازدادَ عددُ الفتراتِ العلاجيةِ بالصادّاتِ الحيويةِ، ازدادَ خطرُ الإصابةِ بالسكّريِّ.

على سبيلِ المثالِ: ازدادَ خطرُ الإصابةِ بالسكّريِّ منَ النمطِ الثاني بنسبةِ 8% لدى الأشخاصِ الذينَ وُصِفَ لهمُ 2-5 فتراتٍ علاجيةً بالبنسلين، مقارنةً بالأشخاصِ الذينَ تناولوا البنسلينَ لفترةٍ علاجيةٍ واحدةٍ أو لم يتناولونه أصلاً. وازدادَ الخطرُ بنسبةِ 23% عند الأشخاصِ الذينَ وُصِفَ لهمُ أكثرُ من 5 فتراتٍ علاجيةِ بهذهِ الصادّاتِ الحيويةِ.

كذلكَ ازدادَ احتمالُ الإصابةِ بالسكّريِّ بنسبةِ 15% لدى الأشخاصِ الذينَ خضعوا لـ 2-5 فتراتٍ علاجيةٍ بالكينولون. وازدادَ بنسبةِ 37% عندَ الأشخاصِ الذينَ تلقّوا أكثرَ من 5 فتراتٍ علاجيةٍ.

أمّا الأشخاصُ الذينَ عُولجوا لفترةٍ واحدةٍ فلم يكنْ لديهم خطرٌ متزايدٌ للإصابةِ بالسكّريِّ منَ النمطِ الثاني، مقارنةً بأولئكَ الذينَ لم يأخذوا صادّاتٍ حيويةٍ أبداً.

إنّ كيفيّةَ ارتباطِ الاستعمالِ المتكرّرِ للصادّاتِ بالسكّريِّ ليست واضحةً تماماً. لكن يعتقدُ الباحثونَ أنّ لذلكَ علاقةً باختلالِ توازنِ الجراثيمِ المعويةِ المُسبَّبِ بالصادّاتِ الحيويةِ. وعلى الرَّغمِ من أنَّ الدراسةَ لا توضّحُ السّببَ والتأثيرَ، إلّا أنّه يعتقدُ الباحثونَ بأنّ تغيّرَ مستوياتِ وتنوّعِ الجراثيمِ المعويةِ قد يفسّرُ هذا الرابطَ.

وكانَ قد رُبطَ مسبقاً اختلالُ توازنِ الجراثيمِ المعويةِ بآليةِ حدوثِ البدانةِ ومقاومةِ الأنسولين والسكّريِّ عندَ الحيواناتِ والبشرِ. وتدعمُ هذهِ الدراسةُ فكرةَ أنّ المشاكلَ الناجمةَ عن الأحياءِ الدقيقةِ يمكن أن تسبّبَ اضطراباتٍ استقلابيةً والتهاباتٍ وحتّى السكري.

قد لا تكونُ الصادّاتُ الحيويةُ الموصوفةُ هي المشكلةُ الوحيدةُ، حيثُ تأتي معظمُ الصادّاتِ المستهلكةِ منَ الطّعامِ المتناولِ كلحمِ الدّجاجِ وغيرهِ من أنواعِ اللّحومِ.

إذاً قد يكونُ ارتفاعُ الإصابةِ بالسكّريِ من النمطِ الثاني في السنواتِ الأخيرةِ مرتبطاً بشكلٍ ما بالصادّاتِ الحيويةِ المحتواةِ في الطّعامِ. وستؤدي هذهِ الدّراساتُ للمزيدِ من الوعيِ لارتباطِ الحميةِ الغذائيّةِ بالأمراضِ المزمنةِ.

المصدر:

هنا