الهندسة والآليات > الصناعة والأتمتة

كيف ستحافظ الأقمشة الجديدة على على حرارة جسمك معتدلة؟

تستهلك أنظمة التكيف ما يقارب 5 % من كامل الطاقة الكهربائية المنتجة في الولايات المتحدة وتزداد كمية الاستهلاك في الجو الحار لذلك فإن أي تقدم يساعد في بقاء حرارة جسم الإنسان معتدلة له أثر كبير في توفير جزء من هذه الطاقة الضخمة المستخدمة في أنظمة التكييف.

اليوم، جوناثان تونغ Jonathan Tong وزملائه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT يكشفون الستار عن طريقتهم لحل هذه المشكلة وهي عبارة عن استخدام أقمشة مصممة لتسمح للحرارة بالانتقال بعيدا عن جسم الإنسان عن طريق الإشعاع بشكل أكثر فعالية.

إن معظم الأقمشة ليست كتيمة فقط للضوء المرئي وإنما أيضاً للإشعة تحت الحمراء. مما يؤدي إلى حجز الإشعاعات تحت الحمراء وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع حرارة جسم الإنسان. هذا الأمر بالطبع مرغوب في الشتاء ولكنه بالطبع غير مرغوب في الصيف.

لذلك فإن تونغ وزملائه صمموا مادة كتيمة للضوء المرئي وغير كتيمة للأشعة تحت الحمراء.

يقول تونغ وزملائه أن جسم الإنسان يصدر حرارة على شكل أشعة تحت حمراء متوسطة البعد وبعيدة عن أطوال موجات الضوء المرئي لذلك فإن الأقمشة المراد تصميمها يجب أن تكون غير كتيمة لهذا الطيف من الأشعة.

قام الباحثون في هذه الدراسة بقياس خصائص الانتقال وعدم الكتامة لمواد الأقمشة التقليدية مثل القطن والبوليستر والتي تشكل معا ما يقارب 80 % من الألياف النسيجة المنتجة ووجد الباحثون أنه يتم نقل 1 % فقط من الأشعة تحت الحمراء التي تصدمها والنسبة المتبقة أما أنه يتم عكسها أو امتصاصها من قبل هذه المواد النسيجية.

وبالمقابل فقد وجد أن كل من القطن والبوليستر يسمح بانتقال من 30 إلى 40 % من الضوء المرئي، أي أن كتامة هذه المواد للضوء المرئي أقل من كتامتها للأشعة تحت الحمراء. يقول فريق البحث أن هذه المواد تبدو كتيمة لأنها تعكس ضوء أكثر من الذي تسمح له بالانتقال عبرها والعين البشرية حساسة فقط للضوء المنعكس. (لكن بالحقيقة فإنه من السهل أن نرى عبر هذه المواد إذا قربنها من أعيننا).

يوجد سببين وراء كتامة القطن والبولسيتر للأشعة تحت الحمراء. السبب الاول هو أن الجزيئات المكونة لكل من القطن والبوايستر تدور وتهتز عند العديد من تردادات الأشعة تحت الحمراء وبالتالي تمتص الضوء عند هذه الترددات، ولأن المقطع العرضي لأي قماش يتألف من آلاف الجزيئات فإن معظم الأشعة تحت الحمراء يتم امتصاصها.

والسبب الثاني هو أن طول المقطع العرضي للألياف مساٍو تقريبا لأطوال أمواج الأشعة تحت الحمراء مما يجعلها تتبعثر، وهذا يجعل هذه المواد تعكس الأشعة تحت الحمراء بشكل كبير. ولهذا السبب غالبا ما تظهر هذه المواد في صور الأشعة تحت الحمراء.

لذلك وجد كل من تونغ وزملائه أنفسهم أمام تحديين، فيجب ان تكون المواد الجديدة أقل امتصاصا للأشعة تحت الحمراء كما أنها يجب أن تصنع من مواد لا تسبب تبعثر الأشعة تحت الحمراء بشكل كبير.

توصل الفريق إلى مادتين صناعيتين. الأولى هي البولي إثيلين polyethylene التي تتكون من مونوميرات الإثيلين التي تتجمع لتشكل جزيئات بأطوال مختلفة. وهذه الجزيئات تبدي القليل من الحركات الاهتزازية والدورانية عندما تتعرض للأشعة تحت الحمراء لذلك فهي تمتص أقل بكثير من الأشعة تحت الحمراء بالمقارنة مع الألياف النسيجة التقليدية.

والمادة الثانية هي النايلون Nylon والتي تملك بنية جزيئة مشابهة للبولي اثيلن مع إضافة مجموعة الأميد الكيميائية. هذه المجموعة الإضافية تجعل النايلون أكثر امتصاصا للأشعة تحت الحمراء ولكن امتصاص النايلون للأشعة تحت الحمراء أقل من القطن والبوليستر وخصوصا للأشعة التي يكون طول موجتها قريب من 10 ميكرون والتي تعتبر المنطقة الحرجة التي يشع جسم الإنسان معظم حرارته عندها.

وأوضح تونغ وزملائه أنه إذا تم تصنيع الألياف بشكل أصغر فإن ذلك سيخفف من تبعثر وانعكاس الأشعة تحت الحمراء وبالتالي سوف تزداد نفاذية هذه الألياف لهذه الأشعة. وبنفس الوقت فإن تصغير حجم الألياف سيزيد من تبعثر الضوء المرئي مما يعطينا فائدة أخرى حيث ستبدو هذه المواد أكثر كتامة بالنسبة للعين البشرية.

ما هو تأثير ارتداء قماش مصنوع من النايلون أو البوليستر مصنوع من ألياف قطرها 1 ميكرومتر ومنسوج من خيوط ثخانتها 30 ميكرومتر؟ أجاب عن هذا السؤال فريق البحث حيث توصلت الحسابات التي قام بها الفريق إلى أن زيادة نفاذية الأقمشة للأشعة تحت الحمراء من شأنه أن يوفر ما لا يقل عن 23 واط على الأقل من الطاقة اللازمة للتبريد. ولكن يجب أن تبقى هذه الأقمشة كتيمة للضوء المرئي.

واستنتج فريق البحث أن انتقال الأشعة تحت الحمراء عبر الأقمشة يؤمن حل بسيط للتقليل من استهلاك الطاقة في أنظمة التكييف من خلال التخلص من حرارة الجسم عبر الأشعة.

ولكن يوجد بعض الملاحظات، بالطبع فإن هذه المواد بحاجة إلى صباغة لأغراض جمالية قبل أن يتم استخدامها على نطاق واسع في مجال الألبسة ولكن تأثير الأصبغة على انتقال الأشعة تحت الحمراء غير واضح بعد.

كماأن نفوذية هذه الأقشمة للماء أمر مهم حيث أن جزءاً كبيرا من عميلة تبريدالجسم يعتمد على إمكانية تبخر العرق. فإذا لم يكن القماش نفوذاً للماء فهو على الأغلب لن يكون مريحاً للارتداء.

وأيضا قابلية اللباس أمر مهم بحد ذاته. فهذه المواد يجب أن تكون ناعمة الملمس ومريحة أثناء اللباس، وهي عوامل صعب الحكم عليها من خلال هذه الدراسة. أيضا الانسدالية وقابلية الغسيل هي عومل مهمة تؤثر على عملية الشراء.

أيضا موضوع الخصوصية هو أمر مهم. فكاميرات الأشعة تحت الحمراء أصبحت منتشرة ورخيصة وأي شخص يرتدي هذه الأقمشة سيظهر شبه عاري لهذه الكاميرات. بالطبع فإن فريق البحث لم يأتي على ذكر هذا الموضوع ضمن البحث ولكن هذا الأمر له اعتبارات هامة حيث يمكن أن تنتشر صور محرجة في جميع أنحاء العالم بغمضة عين.

يوجد حل وحيد وهو مزج هذه المواد مع مواد النسيج التقليدية ولكن يجب تحديد أثر انتقال الأشعة تحت الحمراء بشكل دقيق ومن الواضح أن الموضوع بحاجة إلى مزيد من الأبحاث.

ومع ذلك فإن الموضوع مثير للاهتمام حيث يمكن أن يساهم بحل مشكلة هامة لها تأثير كببر في استهلاك الطاقة بأنظمة التكييف.فهل يا ترى ستتنتشر هذه الأقمشة في الأسواق حقاً و كيف ستكون ردة فعل المصممين و صانعي الملابس على ظهور هذا النوع من الملابس؟

المصدر:

How Next-Generation Fabrics Will Keep You Cool in Summer Heat، Emerging Technology From the arXiv، July 23، 2015

هنا